تواصل الليرة التركية رحلة سقوطها والتى بدأ منذ مطلع عام 2020، الأمر الذى دفع المعارضة للخروج عن صمتها، وجدد حزب الشعب الجمهورى، هجومه على الرئيس التركى رجب أردوغان، منتقدًا سياسته فى إدارة البلاد خصوصًا فى الملف الاقتصادى، وأكد أنه لن يستطيع التهرب من المسؤولية عبر إقالة صهره وزير المالية بيرات البيرق.
وقال المتحدث باسم الحزب المعارض فايق أوزتراك: «لا يمكنك أن تهرب هذه المرة من المسؤولية بقولك أن صهرى خدعنى وأطلب من الأمة أن تغفر لي». وأضاف فى مؤتمر صحفى عقد (الإثنين): «بعد أن أفرغ جيوب المواطنين على مدار عامين، وملأ جيوب المؤيدين، ولم يكتفِ بـ9 قصور، هل يتوقع أن ينسى العاطلون عن العمل والحرفيون وأصحاب المشاريع الصغيرة، والمزارعون والمتقاعدون ما عاشوه بمجرد استقالة صهره وقوله سنبدأ التعبئة فى الاقتصاد؟!». وتابع متسائلًا: «هل تعتقد أن المواطنين عميان أو أغبياء؟».
وذكّر بكلام الرئيس التركى حين قال قبل الانتخابات «أعطوا هذه السلطة لهذا الأخ (بيرات البيرق)، وانظروا كيف سيتعامل مع التضخم»، مضيفًا: «فى الواقع لقد رأينا بالفعل كيف تعامل مع التضخم والفائدة والدولار!».
واستشهد بقول أحد المواطنين: «فى الواقع قال أحدهم فى هاتاى عبارة جميلة، ومفادها أن تغيير الجوارب لا يكفى، فرائحة القدمين تفوح، نعم الرائحة فاحت. ولا يمكن أن تتحسن الأوضاع بتغييرات طفيفة، كما لا يستطيع القبطان الذى دفع الحافلة إلى الهاوية الهروب من المسؤولية بإلقاء اللوم على مساعده. لا يستطيع أن يهرب هذه المرة من المسؤولية بقوله لقد خدعنى الصهر!».
يذكر أن البيرق أعلن استقالته فى الثامن من الشهر الجارى، بطريقة غير اعتيادية عبر حسابه على إنستجرام، عازيا الأسباب إلى ظروفه الصحية. ولم تتطرق أى وسيلة إعلامية إلى تلك الاستقالة إلا بعد مرور 24 ساعة عليها، ما دفع العديد من المعارضين إلى انتقاد الموضوع.
وجاءت استقالة وزير المالية على ضوء تراجع تاريخى لليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وتجاوز سعر صرفها فى نهاية الأسبوع الماضى عتبة 8.45 أمام الدولار.
واليوم الأربعاء، استأنفت الليرة التركية، رحلة الخسائر المستمرة منذ بداية العام الجارى، لكن هبوطها فى هذا التوقيت أحبط قرار البنك المركزي.
ويأتى الهبوط قبل يوم من قرار مهم للبنك المركزى التركى بشأن سعر الفائدة، إذ ظلت عند مستويات بلغتها فى الأسبوع الماضى بفعل توقعات برفع شديد للفائدة. وبحلول الساعة 0729 بتوقيت جرينتش، سجلت الليرة 7.73 مقابل الدولار مقارنة مع 7.7150 فى إغلاق أمس الثلاثاء.
وفى وقت سابق انخفضت إلى 7.76 وظلت فى نطاق 7.7-7.8 طيلة معظم الأسبوع الحالى بانخفاض 24% منذ بداية العام.
وتركز الأسواق الآن على قرار سعر الفائدة المزمع فى أول اجتماع برئاسة محافظ البنك المركزى الجديد ناجى إقبال الذى من المتوقع أن ينتهج أسلوبا أكثر تشددا فيما يتعلق بالسياسة النقدية.
وتواصل الليرة التركية هبوطها الحاد رغم تصريحات حكومية جديدة متفائلة لمعدلات النمو الاقتصادي.
وقال وزير الخزانة والمالية التركى لطفى علوان، أمس أنه يتوقع أن ينمو اقتصاد البلاد 0.3% فى العام الجارى مع تعافى الاستهلاك والاستثمار والصادرات.
ورغم ذلك هبطت الليرة مجددا، فى ظل وجود عوامل أساسية لم تتغير مثل مخاوف نفاد الاحتياطيات الأجنبية وتدخلات مكلفة للدولة فى سوق الصرف.
وقال الوزير التركى أن أنقرة ستطبق إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الاستثمار لرجال الأعمال من الخارج والداخل، مضيفا أن تركيا تهدف لتحويل مليارى ليرة (258.78 مليون دولار) لصناديق رأس المال المخاطر بحلول عام 2023.
وأضاف: "الحكومة تهدف لخفض معدل التضخم لخانة الآحاد بشكل دائم".
وبحسب استطلاع أجرته رويترز، من المتوقع أن يرفع البنك المركزى سعر الفائدة إلى 15% فى الأسبوع الحالى، وهو ما سيكون زيادة كبيرة بعدما اعتاد اللجوء إلى إجراءات غير مباشرة لتشديد السياسة النقدية منذ يوليو.
وقال البنك المركزى التركى أن عجز المعاملات الخارجية فى تركيا بلغ فى سبتمبر/أيلول 2.364 مليار دولار.
وعيًن الرئيس رجب طيب أردوغان قبل أيام نائب رئيس الوزراء السابق لطفى علوان فى منصب وزير المالية ليحل محل صهره براءت ألبيرق الذى استقال فى خطوة فاجأت الكثيرين فى حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ووعد وزير المالية التركى الجديد بتنفيذ تغييرات تتماشى مع رغبات السوق وتحسين بيئة الاستثمار أمام المستثمرين الدوليين والمحليين مع استخدام كل الأدوات للتصدى للتضخم.