تتجه إسرائيل حاليا نح أول وأكبر حكومة يمينية متشددة فى تاريخها بانضمام رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليمنيى المتشدد أفيجادور ليبرمان لها وتعينه وزيرا للدفاع، بدلا من موشيه يعالون، الذى أعلن عن استقالته صباح اليوم الجمعة.
وشن يعالون عقب استقالته، خلال مؤتمر صحفى انتقادات لاذعة للقيادة السياسية فى إسرائيل خاصة حزب "الليكود"، قائلا: "لأسفى الشديد، استولت على إسرائيل، وحزب الليكود، عناصر متطرفة وخطيرة، تهدد أسس البيت وتعرض المواطنين الإسرائيليين للخطر.. حزب الليكود الذى انضممت إليه لم يعد يشبه ليكود زئيف جبوتنسكى ومناحيم بيجين".
وأضاف يعالون: "أتمنى أن ترى الأغلبية العظمى لأعضاء الليكود، الجمهور الواعى، الرسمى والمسئول، عمق الشرخ الذى أصاب الحزب، وأن يناضل ضد هذه الظاهرة".
استقالة يعالون
وفى تطور سريع للأزمة، بعد إعلان يعالون، استقالته من الحكومة الإسرائيلية والكنيست واعتزاله الحياة السياسة بعد الخلافات الحادة التى نشببت بينه وبن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، توالت ردرو الفعل على استقالة يعالون، حيث دعا القيادى البارز فى حزب "الليكود" زئيف الكين، الوزير يعالون الى العدول عن قراره، قائلا إن رئيس الوزراء اضطر إلى إجراء تعديلات فى الائتلاف الحكومى وأنه بإمكان يعالون أن يستمر فى تقديم العطاء لليكود حتى من خلال مناصب أخرى.
فيما قالت الوزيرة الإسرائيلية جيلا جمليئيل، إن اعتزال يعالون يشكل خسارة عظيمة لليكود، معتبرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلى أخطأ عندما لم يعرض على يعالون تولى حقيبة الخارجية فور الإعلان عن اسناد حقيبة الدفاع إلى شخصية أخرى.
وقالت الإذاعة العامة الإسرائيلية، إن حزب "البيت اليهودى" اليمينى المتشدد، وصف قرار يعالون بـ"قرار اتخذ بمقتضى الضمير ويرفع شأن السياسة الإسرائيلية".
وكان قد قرر وزير الدفاع الإسرائيلى صباح اليوم الجمعة، حسابه الشخصى فى موقع "الفيسبوك" و"تويتر" الاستقالة من الحكومة والكنيست واعتزال الحياة السياسية لفترة ما من الوقت.
وقال يعالون إنه ابلغ رئيس الوزراء الإسرائيلى، صباح اليوم بأنه قرر اتخاذ هذه الخطوة فى اعقاب تصرفاته فى التطورات الاخيرة والشعور بعدم الثقة به، مضيفا أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا فى مقر وزارة الدفاع بتل ابيب الساعة الثانية عشر ظهرا ليدلى ببيان بهذا الشأن.
الأزمة السياسية الإسرائيلية بالإعلام العبرى
وكانت قد احتلت التطورات الأخيرة فى الساحة السياسية الإسرائيلية حول مساعى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو لتوسيع حكومته، عناوين جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية وتحليلات الخبراء السياسيين والإستراتيجيين الإسرائيليين على مدار اليومين الماضيين، بين مؤيد ومعارض لقرار نتانياهو.
وبسبب تلك التطورات أصبح زعيم المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوج، ورئيس كتلة "القائمة العربية المشتركة" فى الكنيست أيمن عودة، أكبر الخاسران، حيث كان ينوى الأول الانضمام للائتلاف الحكومى مقابل نيل عدد من الوزارات المهمة لكن بعد إعلان ليبرمان موافقته الانضمام للحكومة تبدت آماله، بينما خسر الثانى فرصة الفوز بزعامة المعارضة فى حال انضمام هرتسوج للحكومة.
واعتبرت وسائل الإعلام العبرية، فشل زعيم المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوج، إهانة شديدة له، حيث باء زحفه الى الحكومة بالفشل، وبدلا من مهاجمة نتانياهو على هذه اللعبة، خرج لمهاجمة رفاقه الذين عارضوا الانضمام إلى الحكومة، خاصة منافسته شيلى يحيموفيتش، مسئولية وصول ليبرمان الى وزارة الدفاع.
صفعة للمساعى الدولية والعربية
وكانت قد استعرضت الصحف الإسرائيلية بتوسع التطورات الدرامية التى وقعت مساء الثلاثاء والأربعاء، وغيرت بما يشبه "الانقلاب" حسب وصف صحيفة "يسرائيل هايوم" الصورة السياسية بشكل مطلق، ووجهت صفعة مدوية ليس لهرتسوج فحسب، وإنما للمساعى الدولية والعربية بما فيها تحركات رئيس الرباعية الدولية تونى بلير، والرئيس عبد الفتاح السيسى، لدفع هرتسوج إلى داخل الحكومة تمهيدا لإخراج العملية السلمية من جمودها.
وذكرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، إن نتانياهو، عرض على رئيس حزب "اسرائيل بيتنا"، الانضمام الى الحكومة مقابل الحصول على حقيبة الدفاع، فأعلن ليبرمان موافقته.
سد الفجوات بين نتانياهو وليبرمان
وقالت مصادر حزبية فى اعقاب جولة المفاوضات الاولى بين الحزبين، الأربعاء الماضى، أنه لا توجد فجوات بين الطرفين وان المهمة الأساسية الآن هى انهاء الجوانب المالية، المتعلقة بالاتفاق، مع وزير المالية موشيه كحلون، وفى مركزها تقديم قروض اسكان بنسبة 90% من ثمن المنزل (للأزواج الشابة) ودفع مخصصات التقاعد للمهاجرين اليهود الروس.
وبعد توضيح ليبرمان بأنه لا يرفض انضمام حزبه الى الائتلاف، دعاه نتانياهو لجلسة عاجلة، تم خلالها الاتفاق على تشكيل طاقمى مفاوضات لدفع الخطوة، وعين نتانياهو وزير السياحية يريف ليفين لرئاسة طاقم الليكود، والذى التقى فى مساء الأربعاء، مع ليبرمان وموشيه ليؤون، واجتمع نتانياهو بوزير الدفاع موشيه يعالون، قبل اجتماعه بليبرمان، لكنه ابلغه فى وقت متأخر فقط بأنه ينوى التجاوب مع طلب ليبرمان استبداله فى الوزارة.
البيت اليهودى يرحب
وأعرب البيت اليهودى عن رضاه التام تجاه التقدم فى الاتصالات مع ليبرمان، ورضاه بشكل خاص من اقصاء يعالون عن وزارة الدفاع لصالح ليبرمان، حيث قالت مصا ربالحزب للصحيفة العبرية، إن هناك اجماع على ان يعالون هو كارثة للدفاع، وسيخرج يعالون ويدخل مكانه ليبرمان الذى كان له دور ناشط فى المظاهرات دعما للجندى اليؤور أزاريا، وسيدخل هذا المفهوم الى الجهاز الامنى وهذا افضل بما لا يقاس من يعالون.
وأضافت المصادر فى البيت اليهودى ان "انضمام ليبرمان ممتاز.. ستكون هذه حكومة يمين عميقة، الاكثر يمينية فى تاريخ اسرائيل.. دخوله سيحقق لنا الاستقرار لعامين آخرين، لأن ليبرمان يحضر معه انضباطا ائتلافيا، خلافا لما يحدث فى احزاب اخرى".
يهدوت هتوراه يرحب
فيما رحب وزير الصحة يعقوب ليتسمان من حزب "يهدوت هتوراه" المتشدد، بالاتصالات طالما لم تتغير الخطوط العريضة للحكومة فى قضايا الدين والدولة.
وكان قد أكد ليبرمان خلال مؤتمر صحفى عقده فى الكنيست مؤخرا، انه اذا حصل على تجاوب مع مسائل مركزية، فمن المؤكد ان هناك ما يمكن الحديث عنه بالانضمام للحكومة الإسرائيلية.
وكانت قد جرت الاتصالات بدون معرفة نتانياهو فى البداية، وساد لدى المتحدثين معه الانطباع بأنه ليس معنيا بالانضمام الى الحكومة، لكنه فى الأيام الأخيرة تغيرت لهجة ليبرمان، وفى المقابل تم اطلاع نتانياهو على الاتصالات مع ليبرمان فرحب بها رغم العداء الشخصى بينهما.
الدين والدولة
وخلال الاتصالات طلب من ليبرمان تخفيف مطالبه فى قضايا الدين والدولة، والمح ليبرمان خلال المؤتمر الصحفى بأنه مستعد للتنازل عن مطالبه هذه، قائلا: "من الواضح لنا انه لا يمكننا تحقيق نسبة 100 % من المطالب فى موضوع الدين والدولة مطالبنا واضحة، لكنه من الواضح لنا بأن الاحزاب الدينية هى جزء من الائتلاف".
ترحيب "الليكود"
ورحب مسئولون كبار فى الليكود بالاتصالات الجارية لضم ليبرمان الى الحكومة وقال الوزير زئيف الكين انه "من المفضل بناء حكومة مستقرة للمعسكر القومي، بما يتفق مع وعودنا للناخبين، على التوجه لإقامة حكومة وحدة خيالية، لن تكون مستقرة وستمس بالليكود وبالمعسكر القومى وبثقة الجمهور الاسرائيلى فى الجهاز السياسي".
فيما دعا الوزير ياريف ليفين، ليبرمان الى انهاء المفاوضات عاجلا "من اجل اقامة حكومة قومية مستقرة تقوم على المبادئ التى انتخبنا باسمها".
بينما اعتبر وزير المواصلات يسرائيل كاتس، ووزير البنى التحتية يوفال شطاينتس، حزب اسرائيل بيتنا "شريكا طبيعيا لتحقيق الاستقرار للحكومة".
وتحفظ الوزير بينى بيجين من هذا التعيين، وقال للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلى: "إن فكرة تعيين ليبرمان لمنصب وزير الدفاع هى فكرة جنونية، ف هذه الخطوة تعكس غياب المسؤولية ازاء الجهاز الامنى وكل مواطنى اسرائيل، رئيس الحكومة يفضل كما يبدو، استبدال المصاعب اليومية الناجمة عن ادارة ائتلاف مقلص، بمصاعب اكبر وأكثر خطورة سيسفر عنها هذا التعيين السيء".
انسحاب هرتسوج من المفاوضات
وعقب إعلان ليبرمان، انضمامه للحكوم، كشف رئيس حزب المعسكر الصهيونى، هرتسوج بوقف المفاوضات حول انضمام الحزب الى الائتلاف الحكومى، وأكد ان حزبه سيناضل بلا هوادة من اجل إسقاط ما وصفه بحكومة "الجنون" الاخذة بالتبلور.
وهاجم هرتسوج بشدة فى مؤتمره الصحفى على النائبة العمالية شيلى يحيموفيتش، قائلا إنها تتحمل المسئولية عن عرقلة انضمام "المعسكر الصهيونى" إلى الحكومة، وبالتالى تولى رئيس حزب اسرائيل بيتنا المتشدد حقيبة الدفاع.
وكانت قد سادت اجواء من الفوضى حزب "العمل" خلال المفاوضات التى جرت بين هرتسوج ونتانياهو، وقال مسئولون كبار فى الحزب علانية عن الانقسام الذى لا مفر منه داخل الحزب اذا قرر هرتسوج الانضمام الى الحكومة.
الصراع على منصب المعارضة
وخلال المفاوضات بين نتانياهو وهرتسوج التى فشلت فى نهاية المطاف، جرى صراع على منصب رئيس المعارضة، فى حال انضم هرتسوج الى الحكومة، فالقانون الإسرائيلى الخاص بالكنيست يحدد بأن رئيس المعارضة يكون رئيس اكبر كتلة من بين كتل المعارضة فى الكنيست، الا اذا دعم نصف نواب المعارضة مرشحا من قائمة اخرى، وفى حال جرت المنافسة على هذا المنصب من شأن أيمن عودة الحصول على دعم من قبل 18 نائبا فى المعارضة (القائمة العربية المشتركة وحزب ميرتس) بينما يمكن لرئيس "يوجد مستقبل" يئير لبيد الحصول على تأييد 17 نائبا "حزبه ويسرائيل بيتينا).
ونشأت خلافات داخل القائمة العربية المشتركة حول احتمال تولى زعيمها أيمن عودة رئاسة المعارضة فى حال تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحملت النائبة حنين زعبى بشدة على النائب عودة وقالت انه يجب اجراء نقاش معمق فى هذه المسالة قبل الاعلان عن ذلك فى وسائل الاعلام.