يتجه العالم خلال الفترة الحالية والقادمة إلى الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأخضر هو الاقتصاد الذي يضم المشروعات الصديقه للبيئة، والمشروعات غير الملوثة للبيئة، وذلك في إطار حرص العالم على تقليل انبعاثات الكربون، وبالتالي السيطرة على ارتفاع درجة حرارة الأرض وهي التي من المتوقع أن تسبب ذوبان الجليد خلال السنوات القادمة؛ مما يترتب عليه غرق العديد من المدن الساحلية في مختلف دول العالم.
ومن أبرز ملامح الاقتصاد الأخضر هو اللجوء إلى الطاقة الجديدة و المتجددة مثل الطاقة من الشمس وطاقة الرياح وطاقة الغاز الطبيعي كبديل عن الوقود التقليدي مثل السولار والبنزين والمازوت وكذلك الفحم، الذي يعد من الملوثات الخطيرة للبيئة ولا سيما في كافة مراحل الإنتاج ،بداية من المحاجر حتى عمليات استخراجه ثم نقله ثم تعبئة الفحم في السفن ثم تفريغه مره ثانية ونقله إلى المصانع، خاصة مصانع الأسمنت.
فهناك العديد من مصانع الأسمنت المصرية التي اتجهت خلال السنوات الماضية إلى استخدام الفحم كبديل للمازوت وكبديل للغاز الطبيعي، نظرا لارتفاع أسعارها في ذلك الحين، أما الآن فإن الوقت اصبح مواتيا لكي يتم الإقتراب كثيرا من مفهوم الاقتصاد الأخضر؛ من خلال توفر الغاز الطبيعي في مصر بكميات كبيرة وتحول مصر إلى مركز إقليمي لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي نتيجة الاكتشافات الكبيرة في البحر الأبيض المتوسط سواء حق ظهر او باقيالحقول الغازية القريبة منه.
ومع وجود هذه الوفرة في الغاز الطبيعي وتزامنا مع جائحة كورونا التي اجتاحت العالم كله تراجعت أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير حتى وصلت إلى 1.7 دولار لكل مليون وحدة حرارية في الوقت الذي انخفظت فيه الأسعار في مصر بصورة تدريجيا حتى وصلت إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية وبالنسبة للصناعة فالسعر في مصر يكاد يكاد يقترب من ثلاثة أضعاف السعر العالمي أو يوازي ضعفين السعر العالمي حالة ارتفاع أسعار الغاز ل2 دولار او 2.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
ومن هنا فإنه من المهم النظر إلى المكاسب العديدة للصناعة فى حال خفض سعر الغاز لأقل من 4.5 دولار وربطه بالسعر العالمي، أو النزول بالسعر ل 3 دولارات ؛مما يساعد مصانع الأسمنت على العودة إلى استخدام الغاز الطبيعي، بدلا من استخدام الفحم الملوث للبيئة.
وكما يقولون يقولون تكون مصر ضربت كل العصافير بحجر واحد فأولا سوف يتم منع استخدام الفحم الملوث للبيئة، وثانيا توفير الغاز بسعر معقول للصناعة، وثالثا فتح مجالات جديدة باستخدام الغاز المتوفر، ورابعا انعكاس هذا على اقتصاديات التشغيل المصانع مما يتعلق بزيادة الإنتاجية وزيادة الصادرات وإجراءات توسعات في الشركات وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الهامة، وبذلك تكون الحكومة قدمت دعما بشكل كبير إلى الصناعة وخاصة صناعة الأسمنت التي تعد من أهم الصناعات في مصر والتي يتم تصدير ملايين الاطنان منها سنويا إلى الخارج و تعد عصب صناعة البناء البناء المصرية وتعانى حاليا من ارتفاع التكاليف وكثرة المعروض مما يكبدها خسائر كبيرة .
كما أنه من مزايا خفض سعر الغاز لهذه الصناعة أن ينخفض سعر طن الأسمنت ،وهذا سوف يسبب حالة من الرواج في قطاع البناء والتشييد، ولاسيما أن مصر تشهد طفرة في هذا المجال ومع خفض سعر الأسمنت ستنخفض أسعار مواد البناء وبلا شك سوف تنخفض أسعار الوحدات السكنية أو المنشآت ؛مما ينعكس بصورة مباشرة على المواطن المصري.
وإذا كان هناك اعتراض من بعض الجهات على رأسها وزارة البترول على أساس ان تكاليف استخراج الغاز مرتفعة، فلابد من النظر إلى سبل ضمان ربحية هذا القطاع ودعمه،بما لا يؤثر على مؤشرات الاقتصاد و بما لا يؤثر على استمرار هذا السعر المرتفع الذي يقلل من تنافسية الصناعة المصرية ليس فقط صناعة الأسمنت، بل كل الصناعات التي تعتمد على الغاز الطبيعي كخامة أو كطاقة.