تحتاج منطقة حلايب وشلاتين اهتماما أكبر من المطروح على الأرض بسبب الجدل المفتعل من قبل السودان، حول أحقيتها فى هذه المنطقة المصرية، كل هذا يفتح الباب واسعا للبحث عن دور الثقافة متمثلة فى وزارة الثقافة للاهتمام بهذه المنطقة البعيدة عن القاهرة العاصمة، وبالتالى دورها فى الاهتمام بكل المناطق الحدودية والواقعة على الأطراف البعيدة من جغرافية مصر مثل سيوه وسيناء والنوبة.
الأمر يحمل جانب من الخطورة الكبرى، ويمكن اعتباره "قنبلة موقوتة"، إذا استمرت الحكومة معتمدة على فكرة التمنى، ولذلك يجب التعامل مع الأزمة بشكل أكثر جدية واهتمام، حتى لا نجد أنفسنا فى النهاية أمام قطيعة مع إخواننا فى هذه المناطق الحدودية.
هناك أمر آخر، وهو وضع خطط للتعامل مع تلك المناطق، يجب الأخذ فى الاعتبار أن المناطق الحدودية المصرية لها طبيعة خاصة وتتميز بتنوع ثقافى مختلف عما هو عليه فى المحافظات الأخرى، ولذلك نحتاج لاستراتيجيات مغايرة للتعامل مع الأمر، حتى يستطيع شباب تلك المناطق التواصل الصحيح بالعالم المحيط، ويجدون من يوجههم وبالتالى لن يسعى كل واحد منهم للبحث عن مفهوم خاص به عن الانتماء لهذا الوطن.
وفى تصريحات سابقة الدكتور سيد خطاب، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، حول الأمر، قال إن قصر ثقافة حلايب وشلاتين مفتوح وتقام فيه فعاليات ثقافية وعروض مسرحية، لكنه لم يفتتح بشكل رسمى بسبب عدم انتهاء إجراءات الحماية المدنية، مشيراً إلى أن الهيئة تنتظر انتهاء أعمال الحماية المدنية لافتتاحه بشكل رسمى.
وكان ذلك بعد إصدار الهيئة المصرية للمساحة التابعة لوزارة الموارد المائية والرى لبيان تنبه فيه على وجود بعض الخرائط الخاطئة التى يتم تداولها حيث إنها لا تضم مثلث حلايب وشلاتين تبع حدودها.
ورداً على مدى أهمية افتتاح القصور فى تلك المنطقة وتدعيم وتوثيق تبعية مثلث حلايب وشلاتين للحدود المصرية قال "خطاب" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، إن ذلك المثلث ليس مجرد خطوط على الورق إنما مساحة على الأرض بها بشر مصريون ببطاقات مصرية وقوات مسلحة وأجهزة ومؤسسات صحية ودفاع مدنى وهناك أيضاً مبنى مستقل لهيئة الاستعلامات، كما أن محافظ البحر الأحمر متواجد هناك دائماً متابعاً لأحوالها، فهى مصرية بالفعل ولا تحتاج لأى محاولات لإثبات ذلك ولكن التنبيه لوجود الخرائط المغلوطة مهم.
وأكد سيد خطاب أن قصر ثقافة الشلاتين التابع لإقليم جنوب الصعيد الثقافى، يقيم عدة أنشطة خلال شهر مايو الحالى، تتضمن أمسية شعرية، بالإضافة لتنظيم ورشة فنية لإعادة تدوير مخلفات البيئة "البراميل" استمرت حتى أمس الخميس 19 مايو، وفى نفس الموعد قدم عرض لفرقة الشلاتين التلقائية.
كما يقام دورى المدارس ومسابقات ثقافية بين مدارس الشلاتين الثانوية "بنين وبنات" يوم 23 مايو، بالإضافة إلى مايو تنظيم ورشة فنية لعمل جدارية من الموازيك، خلال الفترة من 22 إلى 26، بجانب تقديم عرض لفرقة الشلاتين التلقائية يوم 26 مايو، ثم إقامة دورى المدارس ومسابقات ثقافية بين مدارس الشلاتين الإعدادية " بنين وبنان" يوم 30 مايو.
كما أشار سيد خطاب إلى الاهتمام بالمناطق الحدودية كلها والوصول إلى أطراف الخريطة المصرية كافة والعمل على تنميتها من خلال انشاء القصور وتجديد الموجود، وتم التوجه إلى سيوة وحلايب وشلاتين والساحل الشمالى، ومن المقرر افتتاح موقعين بدير العبد و المساعيد بشمال سيناء قريباً، فضلا عن افتتاح مكتبة فى السلوم.
وعلينا أن نفكر بالأمر جيداً، هل تكفى مجموعة من الفعاليات الثقافية وورش العمل، لتحقيق التواصل المطلوب مع هذه المناطق الحدودية؟، أم يجب أن نفعل أكثر من ذلك، مثلاً افتتاح مركز ثقافة "حلايب وشلاتين"، يتم فيه عقد مؤتمر ثقافى كبير يحضره كل أدباء مصر الكبار، وتتم تغطية إعلامية كبرى له، ولماذا لا يحدث ذلك فى سيناء وفى السلوم وفى سيوه والنوبة، ولماذا لا يتم استدعاء أبناء هذه المناطق للمشاركة فى المؤتمرات التى تقيمها العاصمة، ليس على أساس أنهم «كوتة» يعبرون عن هذه المناطق التى جاءوا منها، لكن بصفتهم مثقفين مصريين لهم صوتهم الثقافى الذى يكمل الصورة المصرية العامة.
ولماذا لا يتم عقد مهرجان كبير، بشكل دورى للحرف التراثية والثقافية لكل محافظة، ويتم التركيز على المناطق الحدودية، أعتقد أننا سنجد حينها كنز غير مستغل وغير ملتفت له، فبالإضافة إلى مزج سكان هذه المناطق بالمركز وفى النسيج المجتمعى المركزى، سيكون منتجاتهم التراثية ذو اهمية إقتصادية كبرى للبلد، ونكون حينها خطينا أولى الخطوات نحو حل المشكلة الدائمة التى تسمى "الثقافة والمناطق الحدودية".