تتزايد معدلات القمع التى يمارسها النظام التركى ضد معارضيه، حيث تشهد تركيا هبوطا سريعا فى منحنى حالة حقوق الإنسان، منذ محاولة الانقلاب فى 15 يوليو 2016، كما تمارسالسلطات التركية قمعا شديدا ضد المعارضين والصحفيين والنشطاء الحقوقيين، وقد مهد قانون الإرهاب ومن قبله فرض حالة الطوارئ الطريق لارتكابانتهاكات حقوق الإنسان، وقمع المعارضة بلا هوادة، وأدى إلى استمرار حالات التعذيب، كما ساد مناخ الإفلات من العقاب دون إجراء أى تحقيق فعال بشأنالانتهاكاتالتى ارتكبها مسؤولون بالدولة.
وأصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، تقريرا بعنوان "حالة حقوق الإنسان في تركيا.. هبوط المنحنى يصل إلى حافة الهاوية"، لرصد وتحليل الأوضاع الحقوقية في تركيا من وقائع للتعذيب ومحاكمات للصحفيين وحبس المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الرأى واعتقالات جماعية للمواطنين وانتهاكات ضد الأقليات واعتداء على مسيرات سلمية وتدخلات في الدول الخارجية والعنف المنزلى ضد المرأة وانتهاك الحريات الأكاديمية والتضيق على حرية الإنترنت وعدم مراعاة حقوق العمال.
وأكد التقرير، هبوط منحنى حالة حقوق الانسان في تركيا، حيث عمدت السلطات التركية إلى تنفيذ عمليات اعتقال واسعة النطاق شملت توقيف وإقالة الآلاف دون أي سند قانوني، كما اعتقلت واحتجزت الآلاف من الأتراك لأسباب زائفة ما بين معارضين سلميين وسجناء سياسيين لمجرد اختلافهم في الرأي مع بعض ممثلين الحزب الحاكم، كما يتعرض نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين في السجون ومراكز الاحتجاز بشكل روتيني للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة الوحشية، وذلك في ظل الحصانة من المسائلة التي يتمتع بها أفراد الأجهزة الأمنية، ورأي التقرير أن محاولة الانقلاب وفرت شرعية لأفراد الأجهزة الأمنية في تركيا لممارسة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من تعذيب وسوء المعاملة دون وجود آليات محددة للمساءلة والملاحقة القانونية.
وأشار التقرير إلى أن عدد السجناء في تركيا وصل الي حوالي 300 ألف سجين 17% منهم لأسباب سياسية وبتهم لها علاقة بدعم الإرهاب والتطرف، كما وصل عدد المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب حتى الآن حوالي 50 ألفاً شخص ما بين عسكريين سابقين ومدنيين وصحافيين وغيرهم من فئات المجتمع المعارضين لسياسات الحكومة التركية، كما تم عزل 4634 قاضي ومدعي عام وفصل 24419 شرطيا من جهاز الأمن العام وفصل 16409 طالب عسكري من الأكاديميات الحربية بالإضافة إلى عزل 5210 محافظ وإداري مع استبعاد 6168 موظفًا من وزارة العدل.
وأوضح التقرير أن تركيا تحتل المرتبة 154 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020، واصدرت السلطات التركية قرارات بغلق 53 جريدة، و34 قناة تليفزيونية، و37 محطة إذاعية (راديو)، و20 مجلة، و6 وكالات أخبار، و29 دار نشر، فضلًا عن فرض حظر على العديد من المواقع الإخبارية التي تقوم بالبث الرقمي عبر الإنترنت. كما يوجد ما لا يقل عن 103 من الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي خلف السجون التركية، إما في الحبس الاحتياطي أو يقضون عقوبة.
فيما حذرت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، من قيام عصابات المافيا التركية التابعة للنظام الحاكم من تهديد حياة زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، على أثر انتقاداته المشروعة للنظام الحاكم وهو الحق الذى أقرته كل المواثيق المعنية بحقوق الإنسان والديمقراطية.
وأضافت مؤسسة ملتقى الحوار، فى تقرير لها، أن النظام التركى قد أطلق سراح علاء الدين تشاكجى، أحد أكبر زعماء المافيا التركية من سجن سينجان بأنقرة، مستفيدًا من قانون تعديل الأحكام، للتخفيف من كثافة السجون وسط تفشى فيروس كورونا،وقام زعيم المافيا بتوجيه الشكر لأردوغان بعد قرار العفو عنه عقب قضائه فى سجون تركيا 18 سنة لإدانته فى ارتكاب جرائم منظمة فى حق الشعب والمجتمع التركى.
وقالت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، إن حديث رئيس المافيا التركية ينطوى على تهديد صريح للحق فى الحياة وهو من الحقوق المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواثيق التى صدقت عليها الدولة التركية والتى تحمى حق الإنسان فى الحياة، والتى وضعت على عاتق أجهزة الدولة التركية أن تحمى حياة أوغلو وتوقف أى محاولة لمعاقبته انتقاما من مواقفة السياسية تجاه النظام الحاكم.
ونوهت إلى أن أى اعتداء على حياته يدخل فى نطاق الجرائم ضد الإنسانية، وأن من واجب المؤسسات الأممية المعنية بتقديم الحماية للنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان التضامن مع أوغلو الذى يتعرض لمضايقات بسبب مواقفة السياسية من جانب عصابات الجريمة المنظمة التابعة للنظام التركى.
وحذرت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان من أن تجاهل القضاء التركى لتهديدات زعيم المافيا لأوغلو يضع شكوكا عديدة عن عدم استقلالية ونزاهة القضاء فى تركيا، وهو ما يعرض حياة الناشط المعارض للخطر ويهدد أسس ودعائم الديمقراطية فى الدولة التركية.