قبل قرابة 20 عاماً، رفعت تركيا شعار "صفر مشاكل" في سياستها الخارجية، وهو الشعار الذي يعتقد كثيرون أنه من بنات أفكار القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية ووزير الخارجية السابق داوود أوغلو.
ساد هذا الشعار لفترة وجيزة إلى أن حل ما يسمى "الربيع العربي" الذي وجدت فيه أنقرة فرصة لمد أصابعها في العديد من المناطق بدءا جارتيها سوريا والعراق، وصولا إلى القارة الأفريقية عبر ليبيا، وبمرور الوقت تحول شعار "صفر مشاكل"، إلى "100% عزلة"، بسبب تجاوزات نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليجني صاحب شعار الألفية الجديدة، داوود أوغلو التهميش والمضايقات من قبل النظام التركي الحالي.
وبمرور الوقت، لم تقتصر دائرة التهميش على أوغلو، وإنما طالب الرئيس التركي السابق عبدالله جول، والقيادي في السابق في حزب العدالة والتنمية علي بابا جان، ليبدأ الحرس القديم تأسيس أحزاب جديدة.
وأقدمت تركيا على تحولات جذرية لتكون دولة معادية للجميع بسبب أطماع النظام الحالي بقيادة رجب طيب أردوغان، والذي بدأت مخططاته التوسعية تظهر بادئ الأمر في سوريا، بانتهاكات متتالية للشمال السوري بهدف تعزيز تواجده العسكري داخل البلد العربي والبدء بشكل تدريجي في "تتريك" المنطقة تمهيداً لضمها حين تكون هناك ظروفاً ملائمة في المستقبل.
وفي عفرين التي احتلتها تركيا، بزعم مواجهة التهديدات الكردية المزعومة، حاولت تركيا ولا تزال خلق تغيير للواقع الديمغرافي في المنطقة من خلال استبدال السكان الأكراد، أبناء المنطقة بآخرين نزحوا من مناطق استعادتها الحكومة السورية من الجماعات المسلحة المدعومة من أنقرة.
وفى عملياتها للسيطرة على الشمال السوري، استخدمت أنقرة وثائق ومقابر عثمانية لتكون ذريعة لبسط النفوذ، كما شملت سياسة التتريك الدراسة ، بتغيير المناهج التي يتعلمها التلاميذ في المدارس، وتغيير هوية ومعالم المناطق المختلفة بتبديل أسماء الشوارع والمؤسسات والهيئات التي باتت تنطق باللغة التركية.
السيناريو التركي في سوريا، كرره نظام أردوغان داخل شمال العراق، بزعم محاربة داعش تارة، وبزعم الحد من النفوذ الكردي تارة آخري، وهو ما يلقي تحذيرات دولية عدة من أن مزاعم أنقرة بتدخلها لملاحقة قوات حزب العمال الكردستاني حجة لا يمكن قبولها.
ولا يختلف الأمر كثيرا، ففي ليبيا ، ألقت أنقرة بكامل ثقلها لدعم حكومة فايز السراج ماليا وعسكريا وعلى نحو مباشر، بزعم رغبة تركيا وجود حل سياسي في ليبيا، إلا أن الواقع ، وبحسب مصادر ليبية عدة، لا يعكس إلا دعم أنقرة وتمويلها للإرهاب والمليشيات المتطرفة، والسعي لفرض مشروع الإسلام السياسي المتطرف، ليكون نواة لأنظمة موالية لسيناريو الفوضى في شمال أفريقيا بالكامل.