قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، تأجيل محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى و24 آخرين من قيادات جماعة الإخوان والمحامين والسياسيين والإعلاميين فى القضية المعروفة إعلاميًا بإهانة القضاء، لجلسة 23 يونيو المقبل لاستكمال سماع مرافعة الدفاع عن المتهمين 17 و25 وغيرهم.
كما صرحت المحكمة لدفاع المتهم عبد الرحمن يوسف باستخراج شهادة من مؤسسة الأهرام، تفيد برد المستشار عبد المجيد محمود، قيمة الهدايا التى حصل عليها إبان شغله المنصب، قبل ثورة 25 يناير.
عقدت الجلسة برئاسة المستشار حمادة شكرى وعضوية المستشارين ناصر البربرى ومدحت خاطر بحضور باسم الوربى ممثل النيابة العامة وأمانة سر ياسر عبد العاطى.
فى بداية الجلسة بحضور المتهمين وإدخالهم قفص الاتهام، وعلى رأسهم المستشار محمود الخضيرى والذى تم إحضاره من المستشفى بعد إجرائه عملية قلب مفتوح، ثم حضر باقى المتهمين وتبين غياب كل من عصام سلطان ومحمد البلتاجى، وقدم ممثل النيابة العامة ما يفيد بتعذر حضورهم لوجودهم بجلسة أخرى بمعهد أمناء الشرطة فى قضية "فض رابعة"، كما قدم أسباب ومنطوق الحكم الخاص بشأن إحالة بعض القضاة إلى الصالحية وذلك تنفيذًا لطلبات الدفاع فى الجلسة السابقة.
كما طالب الدفاع بتكليف النيابة العامة، تقديم صورة طبق الأصل من خطاب وزارة العدل بخصوص بطلان انعقاد المحكمة بأكاديمية الشرطة بحسب طلبه.
كما استمعت المحكمة، إلى طالبات دفاع المتهم خالد أبو بركة، والذى طلب السماح له بالحصول على نسخ من القضية حتى يتسنى له إعداد المرافعة، وتمكينه من الحصول على ملاحظات موكله على الاحراز المعروضة أمام المحكمة من فيديوهات تخص موكله، أو إعادة عرضها أمام موكله ليبدى ملاحظاته من جديد، كما طالب الدفاع، بالاستماع إلى شهادة رئيس قناة صوت الشعب، لاعتباره الشاهد الوحيد على إذاعة جلسات مجلس الشعب فى ذلك الوقت.
وطلب دفاع المتهم عبد الرحمن يوسف، رفع اسم موكله من قائمة ترقب الوصول، أسوة بباقى المتهمين إعمالاً بمبدأ تكافؤ الفرص، كما طلب التصريح له باستخراج شهادة من مؤسسة الأهرام، تفيد برد المستشار عبد المجيد محمود، قيمة الهدايا التى حصل عليها إبان شغله منصب النائب العام، قبل ثورة 25 يناير.
وشهدت الجلسة مشادات كلامية بين القاضى والمحامى سليم العوا، بعد إصرار رئيس المحكمة على الاستماع إلى مرافعة النيابة العامة فى غياب المتهمين محمد البلتاجى وعصام سلطان، حيث اعترض العوا دفاع المتهم عصام سلطان، على أن تبدأ النيابة العامة مرافعتها فى غياب موكله، مؤكدًا أنها لا تجوز قانونًا.
وأضاف أن موكله لم يحضر جلسة اليوم "ليس لكونه مريضا أو لظروف خاصة به، ولكن لظروف قهرية وهو نقله من محبسه إلى محاكمة أخرى ومن ثم يستحيل حضوره هذه الجلسة، وأن قرار المرافعة فى غياب المتهم إجراء باطل".
وعقب ذلك استمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة التى جاء نصها
سيدى الرئيس حضرات السادة المستشارين، خير ما تستهل به النيابة العامة قول المولى سبحانه وتعالى: "اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب" صدق الله العظيم.
سيدى الرئيس حضرات السادة المستشارين يا من تحقون الحق وتزهقون الباطل ليس للعدالة سوى رب فى السماء، أوكل اليكم فى الأرض هذا العناء يا من أقسمتم يمين الولاء للعدل كلما خطت الأقلام ونطقت به ألسنتكم، باسم الحق الذى استقر فى نفوسكم باسم العدل الذى رسخ فى وجدانكم.
جئت اليوم لأعرض على عدلكم، قضية أهين فيها القضاء، أهين فيها الحق أهين فيها العدل، أهين فيها طل قاضى يصحو فى صباحه، محل فى عنقه أمانة العدل بين الناس، محترمات قدسية الحكم والميزان، ناسين أنه بالعدل قامت السموات والأرض وبالعدل وإقامته بين الناس يكون النصر وتقوم الدول .
جئت أعرض على عدلكم أناسا ظهروا على جموع المصريين يهاجمون القضاء حصن المواطن الضعيف، حصن الذين تركونا فى الأرض وطلبوا منا وهم فى السماء حقوقهم، يهاجمون حصن الدولة إذا سقط سقطت معه أركان الدولة، يهاجمون حصن العدل والعدالة يرمونها بسهام الغدر والخسة، أناسًا ظهروا واستغلوا كل مواقعهم الوظيفية لا من أجل المهام الموكلة إليهم ومسئولياتهم الجسام المنوطين بحملها بل من أجل الهجوم وإبراز سيوف الظلم والانتقام غير المبرر وكأننا نعود إلى العصور الجاهلية، أناس ظهروا لجموع المصريين الشرفاء بجميع طوائفه يهتفون ويهللون أن القضاء فاسد، وإنى لأتعجب وأقف أمام نفسى وأحدثها، أن هؤلاء من لهم باع فى القانون ومنهم من كان تحت قبة البرلمان والمفترض أنه نبض الشارع صوت الأمة صوت المواطن، فى ضعفه صوت المواطن فى مظلمته لنصرته ومنهم من كان رئيسًا كان الجميع يتطلع اليه أن يكون معه فى السراء والضراء أن يكون محايدًا أن يكون فى نصرة الحق والعدل ولكنه أبى ذلك ومنهم أيضًا من استغل كاميرات الإعلام وعمله أمامها وسيلة ليست لإظهار الحق وإيضاحها للناس بل كانوا يلبسون الحق بالباطل، وهم يعلمون ومنهم أيضًا من أفنى عمره فى أروقة العدالة وأعلى منصات القضاة وحمل راياتها فأصبح يشير بإصبع الاتهام إلى زملائه أنهم مزورون مسيسون يعملون من أجل الأنظمة السياسية.
ونسى وقفتهم على مر العصور أمام الظلم وسندته ونسوا جميعًا أن القضاء لا يحكم عن الهوى، وإنما القاضى حر فى تكوين عقيدته ويما يطمأن اليه وجدانه، بالإضافة إلى ما يعرض عليه من أوراق، يتنقل بين سطورها ويعايش الحقائق بحثًا عن الحقيقة وطالبوا تطهير القضاء، فأى إصلاح ترغبون به، وأنتم أعلم أنه يطهر نفسه بنفسه.
فمن أجل ماذا تغتالون العدالة أتغتالونها من أجل الشهرة أم من أجل السلطة أم من أجل محبيكم ومشاهديكم، ولكن الحى القيوم، الذى لا تأخذه سنة ولا نوم، أبى أن يتركهم دون أن يفضح أمرهم، نسوا أن الله سبحانه وتعالى لا يحب الجهر بالسوء من القول.
إنهم حاولوا جعل المصريين فى حالة تشتت من أن القضاء لا يحكم على سند من القانون، إنما يصدر أحكامه على أساس من أهواء للنيل من أشخاص معينة بذاتها وجعل من القضاء وسيلة لتصفية حسابات حتى يخرج المواطنون ويقولون فيما بينهم إنه لا يوجد عدل فى تلك البلاد ويقولون إن القانون لا يطبق إلا على الضعفاء.
لا وأيم الله أنه ليس ذلك، إن الجميع أمام القانون سواء كأسنان المشط لا فرق ولا تمييز أن الذين ظهروا أمام الشعب جميع طوائفه هاجموا القضاء يقف أمام عدلكم الآن يعرفون الذنب ولا يعترفون.
سيدى القاضى إليك المشتكى ليس لى صبر ولا جلد على ما ادعوه على القضاء والقضاة، لا تقولوا إنى فى ذلك مدعى، اتقوا الظلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة.
إن النيابة العامة ينتابها شعور من الأسى والحزن على زمان أتى على الناس تداس فيه القيم بأقدام من وكل برعايتها وتنتهى فيه القوانين بأيدى القوامين على حماية حرماتها ولكن "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
جاءت تلك الأوراق بعد ثورة، خلقت من تحت الرصاص والنار، شعب ضحى بحياته من أجل حبه فى مصر، وفرض شعب غاضب كلمته على حكام ساقوهم إلى العدالة وجاءت ثورة بأحلام مشروعة للجميع، ليست فقط للقضاء ولكنها لجمع المواطنين سواء فحاولنا واجتهدنا لم نكن متباطئين أو متواطئين.
وتمت المحاكمات على الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونظامه، إلى أن صدرت الأحكام، فظهر المتهمون على جميع الوسائل الإعلامية، وأصدروا عبارات تحمل الإساءة والازدراء والكراهية للمحاكم، والسلطة القضائية ووجهوا أصابعهم إلى القضاء ووصفوه بما ليس فيه .
إن المتهمين القابعين فى محراب العدل لم يشغل بالهم بلدهم ولا شعبهم ولا حقوقهم وإعلاء اسمها ورايتها والبحث عن حقوق كل المصريين، إنى لا أتحدث عن "حق الثورة" فقط ولكنى أتحدث عما يشغل بال المصريين من همومهم، بل اكتفوا بالتحدث والظهور والإدلاء بأحاديث إلى وسائل الإعلام دون العمل وتكليف أنفسهم عناء البحث أولاً عن حق المصريين فى ثورتهم ثانيًا عما يشغل بالهم من هموم وصاروا يهاجمون القضاء والنيابة العامة لأسباب الله وحده يعلم ما كان داخل كل نفس تطلب وتشتهى، إنهم ضلوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو أصدق القائلين "يد الله مع القاضى حين يقضى".
واختتم ممثل النيابة العامة، مرافعته، بالقول: إنا نقف اليوم أمام عدلكم ناصتين نابهين لسماع حكمكم الموقر، فأنت الزادة عن العدل وأحكامكم هدائية للظالمين وردع، فلتنر مصابيحكم بصائر الناس، وليتجرعوا مرارة أفعالهم الخارجين عن الحق والقانون، وليلعم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون، مضيفا: لا يسعنى إلا أن أناجى ربى، ربى لا تؤاخذنى إذا نسيت أو أخطأت، اللهم إنى مغلوب فأنتصر اللهم إن مظلوم فأنتصر، حفظ الله مصر وحفظ الله قضاء مصر من كل سوء.