ترجع العلاقات المصرية الفرنسية إلى العصور الوسطى واتخذت تحولات عديدة بين الصراع والتحالف، ولعل من أبرز محطات هذا الصراع الاحتلال الفرنسي لمصر بين عامي 1798 و1801، بينما تأتي أهم محطات التقارب التاريخية مرحلة البعثات العلمية المصرية التي بدأها مؤسس محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، حيث اتجهت البعثات التسعة إليها فيما عدا السادسة والثامنة، بغرض تحديث بنية الدولة المصرية ونقل التكنولوجيا إليها ما بين عامي 1826 إلى 1847م، وهو ما أسفر عن بناء دولة مصرية قوية على النمط الأوروبي، حتى بلغت قوتها أقصى الشرق، واليوم تعود هذه العلاقات على تعدد أشكالها مجالاتها لتشمل الثقافة والسياسة والاقتصاد والأمن والدفاع من جديد لذات الغرض الأول، وهو تحديث وإعادة إحياء الدولة المصرية.
بمقدمة هذه العلاقات تأتي العلاقات الاقتصادية حيث وقعت الدولتين ُمعاهدة الاستثمارات الثنائية بينهما عام 1974 كواحدة من أوائل الدول التي وقعت معها مصر هذا النوع من الاتفاقيات، ووقعت في عام 1986 وقد نصت على أن تمتد ُمدتها لعشرة سنوات فقط، وُتجدد ذاتًيا لنفس الفترة ما لم يعترض أي الطرفين، ولذلك مازالت الاتفاقيات سارية حتي اليوم، ما يدل علي تحقيقها المصلحة المشتركة للطرفين وتتناول الاتفاقية جميع أوجه الاستثمار بين البلدين وتشجع عليه.
وقد أسفرت الاتفاقية عن نمو الوجود الاقتصادي الفرنسي في مصر، لتبلغ عدد الشركات الفرنسية وتوابعها العاملة في الاقتصاد المصري نحو 160 شركة حتى عام 2017 وظفت أكثر من 30 ألف شخص، بحجم أعمال 3.4 مليار يورو، وتتمتع الشركات الفرنسية بمكانة قوية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد المصري، مثلا الصناعة، والاتصالات والأغذية الزراعية، والمعدات الكهربائية، والأدوية وتجارة التجزئة، ومشتقات الهيدروكربونات، والسياحة، والبنية التحتية.
ومن بين أبرز الشركات الفرنسية والعاملة داخل مصر، تأتي شركة "إير ليكويد"، وسانت جوبان" و"توتال"، وأركيما، وغير ذلك، وجميعها شركات تعمل بالقطاع الصناعي، أما شركات المعدات والأجهزة الكهربائية فتضم شنايدر إلكتريك، ولاجراند، وناجساس، وسايب، وأتلانتيك وفاليو.
وفي قطاع الخدمات تأتي شركة "أورانج"، وكريديه أجريكول، وأكسا، أما قطاع الصناعات الدوائية فيضم شركات من بينها سيرفير، وسيفا ولوريال، وسانوفي.
وتدفقت الاستثمارات الفرنسية إلى الداخل المصري حتى في أسوء لحظات عدم الاستقرار حتى بلغ إجمالي التدفقات المباشرة القادمة منها نحو3 مليارات دولار في الفترة من 2009/2010 و2018/2019، من إجمالي نحو 58 مليار دولار تدفقت إلى مصر في ذات الفترة، وبنسبة 5 %من إجماليها.
كذلك استمر التبادل التجاري بين الدولتين لفترات طويلة ُمنذ بداية الخمسينيات ورغم أنه يشهد موجات من الارتفاع والانخفاض، إلا أنه ظل في المجمل في اتجاه النمو خلال السنوات العشر الماضية، في الاتجاهين، ولعل أهم ما أثر عليه ما شاهدته مصر خلال الفترة 2011 :2014 من عدم استقرار اقتصادي وسيولة سياسية
وتتميز الصادرات المصرية لفرنسا بأنها صادرات كثيفة الأيدي العاملة، فأهمها على الإطلاق هو الأسمدة، والذي بلغت إجمالي الصادرات منه في 2019 نحو 1.1 مليار دولار، واتجهت إلى فرنسا ما نسبته 13 % تقريًبا منها بما إجماليه 141.9 مليون دولار وفي 2020 حلت فرنسا في المركز الثاني بين الدول المستوردة للأسمدة المصرية بعد تركيا.
من بين أهم الصادرات المصرية إلى فرنسا كذلك تأتي مجموعة أسلاك الإشعال ومجموعات أسلاك اخرى من النوع المستعمل في السيارات والطائرات أو السفن والتي بدأت مصر تتوسع في إنتاجها وتوطن تكنولوجيا انتاجها منذ عام 2016، حيث بلغت الصادرات مها إلى فرنسا في 2019 نجو 32 مليون دولار، وخلال الأشهر الست الأولي من 2020 بلغت الصادرات إليها 11.6 مليون دولار بعد كلاً من بريطانيا وسلوفاكيا بالإضافة إلى ذلك تبرز فرص تصديرية إلى الأسواق الفرنسية بقيمة 429 مليون دولار يمكن استغلالها لتوسيع التعاون بين الدولتين من أبرزها ما قيمته 111 مليون دولار من الأسمدة، 28 مليون دولار من الملابس، وخاصة الرياضية، و28 مليون دولار من اللدائن، و22 مليون دولار من الميثانول (الكحول)، إضافة إلى 20 مليون دولار من الأثاث الخشبي وفقاً لمنظمة التجارة العالمية.
كما تعتبر فرنسا من أهم المقرضين لمصر، حيث تعتبر فرنسا ثالث أكثر الدول الأوروبية إقراضاً لمصر بعد ألمانيا وبريطانيا، وخامس أكبر دولة غير عربية في العموم، حيث يشكل الدين المصري لفرنسا نحو 1.4 % من إجمالي الدين الخارجي، ويأتي معظمها كدين طويل الأجل والذي انخفض إلى 1.33 مليار دولار نهاية 2019.