خالد أبوبكر يكتب: الرئيس السيسي في باريس.. زيارة تاريخية شكلا ومضمونا.. أبعاد الزيارة ودور فرنسا في المتوسط والحرب علي الإرهاب.. وحديث لا ينتهي بين الحرية واحترام الآخر

لو أنك من سكان الحي الثامن في العاصمة الفرنسية باريس، فلابد أن يومك قد تغير علي مدار الـ 48 ساعة الماضية، فهناك حدث كبير وهو "زيارة الرئيس المصري الي فرنسا". هذه هي الجملة التي كانت يرد بها البوليس الفرنسي الذي كان موجودا في شارع فوبور سانتونريه، حيث مقر إقامة الرئيس.. وحينما تحرك موكب الرئيس من مقر الإقامة إلى الاليزيه (مسافة قصيرة) تعمدت المراسم الفرنسية أن يكون هناك جولة لموكب الرئيس. لا اعتقد أن الفرنسيين شاهدوها في الشانزليزيه منذ سنوات، فاصطف الجميع كي يرى الفرسان الفرنسية، وهي تعلو ظهور خيول سلاح الفروسية، وأيضا هذا الكم الهائل من الضباط والأفراد بزى خاص يتم ارتداؤه كزي للشرف. وتأخذ الجولة بهذا الموكب دقائق طويلة يرى فيها كل من فى شوارع الحي الثامن كيف استقبلت العاصمة الفرنسية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وبدأ الرئيس زيارة دولة إلى فرنسا الأحد الماضي لمدة ثلاثة أيام، والتقي الرئيس عددا من المسؤولين، منهم وبالطبع وزيرة الدفاع الفرنسية، ورئيس البرلمان ريشار فيرّان، وعمدة بلدية باريس آن هيدالغو. وتأتي زيارة الرئيس السيسي قبل أيام من انعقاد القمة الأوروبية الخميس المقبل، التي ستكون لها قرارات قد تؤثر علي المستوى الإقليمي، حيث من المرتقب أن هناك توقعات بفرض عقوبات على تركيا. وتأتي أيضا القمة في الوقت الذى تشارك فرنسا فى التدريبات العسكرية البحرية بإقليم شرق المتوسط، خلال الأيام الأخيرة، والمناورات متعددة الأطراف التي شملت عدة أطراف إقليمية منها قبرص واليونان. والتقي السيسي صباح الإثنين نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبدأ استقبال الرئيس في قصر الإليزيه بشكل يدعو للفخر، حيث انتظره الرئيس ماكرون على سلم الإليزيه قبل ان يدخل السيسي بدقائق، وبدا مرحبا به بشكل كبير عندما التقيا وجها لوجه، وبات واضحا أن هناك علاقة خاصه تجمع الزعيمين. ثم بدأت جلسة المباحثات الثنائية بين الرئيسين والوفدين المرافقين لهما، أعقب ذلك مؤتمرا صحفيا تمت إذاعته على الهواء مباشرة للعالم كله. وهنا وبموضوعيه شديده أوكد على عدة نقاط: - الرئيس الفرنسي كان موضوعا تحت ضغط من عدد من المنظمات الأهلية والجمعيات التابعة لتنظيم الإخوان وبعض منظمات حقوق الإنسان والشخصيات العامة التي تخاطب الرأي العام الفرنسي، والتي تقف فى معسكر ضد مصر، منهم من هو مدعوم من قطر، ومنهم من هو مدعوم من التنظيم العالمي للإخوان. - وتوقع هؤلاء أن يقوم الرئيس الفرنسي بتقديم اللوم أو حتى النصيحة لمصر فى المؤتمر الصحفى في بعض القضايا، لكن سرعان ما قال الرئيس ماكرون أن مصر دولة ذات سيادة، ولا يمكن أن نفرض عليها شيئا وبيننا حوار مستمر. - ثم ظهر لي الرئيس السيسي كشخص يملك كل أدواته لا يعبأ بصحافة أجنبية تهاجم، أو برأي عام يتم حشده أو بأغراض بات يعرف تماما كيف يتعامل معها وقال لهم صراحة: "مطلوب مني أن أحمي مقدرات شعب قوامه 100 مليون مصري" فيما معناه "أنا أعلم مصلحة شعبي ولا أنتظر نصيحة من أحد". - وبالطبع وجدنا مواقف شبه متطابقة في قضايا الحرب علي الإرهاب والموقف من تركيا، والوضع في ليبيا، وبطبيعة الحال لم تغب القضية الفلسطينية عن هذا اللقاء. - وكاد اللقاء ينتهي لولا أن تجرأ الصحفي الشاب محمد الجالي موفد انفراد لتغطية زيارة الرئيس "والذي غطى تقريبا معظم زيارات الرئيس الخارجية"، وقام الجالي وطلب السؤال، رغم أن ماكرون أنهى المؤتمر الصحفى، إلا انه استجاب للجالي قائلا: دقيقه واحده ليستمر الحوار أكثر من 10 دقائق بعدها. - سأل محمد الجالي ماكرون: لماذا لم نسمع اعتذارا من فرنسا عن رسوم مسيئة للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم ـ؟ وربط الجالي بأن احترام الأديان ومشاعر المسلمين هو جزء من حقوق الإنسان التي يجب أن تحترمها فرنسا. - وهنا رد عليه الرئيس الفرنسي: لا الحكومة ولا الدولة الفرنسية صاحبة هذه الرسومات، وهو كرئيس لفرنسا يأسف لتأذي المسلمين من هذه الرسومات، وأن القانون والمبادئ التي قامت عليها الدولة الفرنسية تحترم حرية الرأي أيا ما كانت. - وهنا تدخل الرئيس السيسي بحكمة وبهدوء شديد، مؤكدا في البداية احترامه لكل القيم الانسانية التي تؤمن بها فرنسا، مطالبا باحترام القيم الدينية التي تمثل بعدا كبيرا لدى مئات الملايين. وينتهي المؤتمر الصحفي ليفتح باب النقاش بين الشرق والغرب وبين الرأي والرأي الآخر، هل الحرية تعني التغاضي عن إهانة الآخر؟ وإلى أى مدى يمكن لي احترام هذه الحرية إن كانت لا تتماشي مع قيم مجتمعي؟ وهذا النقاش تاريخي وسيستمر، وكل رأي له أنصار، ولن يستطيع طرف إقناع الآخر. بكل المعاني زيارة تاريخية في توقيت مدروس، تستطيع أن تخرج منها بنتائج غير معلنة تتمثل فى توحيد الموقف فى المتوسط وليبيا وطرق التعامل مع تركيا. ونتائج أخرى واضحة ولا تحتاج إلى تحليل، وهي أن مصر 30 يونيو دولة قوية، ذات سيادة، تتنوع مصادر تسليحها، ولا تسمح لأي شخص أن يتدخل في شئونها أو ينتهك سيادتها. وسمع العالم ورأي كل هذا الحديث.. وأيضا تلقاه كثير من المصريين بترحاب وفخر شديدين.














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;