واصل مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء، فضح جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدا أنه ليس جديدًا على تلك الجماعة استغلال الأزمات الداخلية والخارجية للهجوم على الدولة المصرية، ومحاولة إظهار مؤسسات الدولة الوطنية في موضع الضعيف المقصر، ويستخدمون لأجل ذلك الكذب وترويج الشائعات محاولين تضخيم الآثار السلبية للأزمة وتهميش دور المؤسسات الوطنية في تقديم الحل، وهدفهم من ذلك بالطبع الترويج لأنفسهم كبديل يستطيع تقديم الحلول والقضاء على الأزمات.
استغلال الأزمات الداخلية
لم يكن من الغريب ألا تفوت جماعة الإخوان الإرهابية قرار مجلس الوزراء المصري بإعلان أحقية المملكة العربية السعودية في جزيرتي تيران وصنافير، وبعيدًا عن الجانب القانوني والتاريخى للقضية الذى يتسق مع إعلان مجلس الوزراء، فإن جماعة الإخوان وجهت آلتها الإعلامية فورًا وبدون تحر أو بحث في حقيقة قرار ترسيم الحدود، أو مدى قانونيته، وبدأت الجماعة في الترويج لعدة شعارات لشحن الداخل المصري ضد النظام وتحريضها عليه، واستعملت عبارات مثل بيع الأرض، والتنازل عن السيادة، والتفريط في حق الشعب، ونحو ذلك من الشعارات التي استخدمتها الجماعة، وحاولت من خلالها الحشد والدعوة إلى تظاهرات وتوقيع بيان مشترك وقع عليه مجموعة كبيرة من القيادات الهاربة، منهم ثروت نافع الرئيس السابق للبرلمان الإخواني الموازي في تركيا، وسيف عبد الفتاح، وعبد الرحمن يوسف القرضاوي، وحاتم عزام أحد أعضاء البرلمان الموازي، وعمرو دراج القيادي الإخواني، وطارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية في مصر، وأيمن نور، ومحمد محسوب، وإيهاب شيحة القيادي السلفي، ويحيى حامد القيادي الإخواني، ومحمد كمال عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، ومحمد طلبة رضوان الكاتب المؤيد للإخوان.
والحقيقة أن تلك الشعارات التي أطلقتها تلك الجماعة لضرب الاستقرار الداخلي والحشد والتعبئة ضد السلطة التنفيذية في مصر كانت من أكثر الدعاوى الكاشفة عن مدى تناقضهم وانتهازيتهم المتجذرة في أعماق الشخصية الإخوانية، فالشخصية التي تربت على أفكار سيد قطب وآمنت بأن «الوطن ما هو إلا حفنة تراب عفن» تنبري في تناقض صارخ تحت دعاوى الحفاظ على التراب الوطني!! وهذا على فرض أن الدولة المصرية قد فرطت في أرض مصرية على الحقيقة، ولكن الواقع لم يكن على تلك الصورة التي تصورها البعض، بل إن قرار ترسيم الحدود البحرية لم ينتقص من السيادة المصرية الفعلية، ويُذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان قد قال في مطلع مايو 2016م إنه لا يوجد خلاف بين الدولتين حول اتفاقية سعودية تيران وصنافير، مضيفًا: «ليس هناك مشكلة أصلًا حول الجزر، الذي حدث قبل سنة تقريبًا هو فقط ترسيم الحدود البحرية، والجزر مسجلة لدى مصر بأنها جزر سعودية، ومسجلة أيضًا في المراكز الدولية بأنها جزر سعودية، وكل ما تم العام الماضي هو ترسيم حدود بحرية، ولم يتم تنازل مصر عن أي شبر من أراضيها أو يتم تنازل السعودية عن أي شبر من أراضيها.
فالاتفاقية تنهي فقط الجزء الخاص بالسيادة، ولا تنهي مبررات وضرورات حماية مصر لهذه المنطقة لدواعي الأمن القومي المصري السعودي في ذات الوقت.
تلك حقيقة الاتفاق المصري السعودي، فإنه في المقام الأول ترسيم للحدود على مبدأ الحق والوحدة العربية، حاولت فيه الدولة المصرية حماية الحقوق الوطنية والأمن المصري، مع مراعاة عدم التوغل على الحقوق، لا سيما الحقوق العربية التي تمثل الوطن الأكبر الذي تنتمي إليه مصر وتسعى لوحدته وتكاتفه، وهذا ما أكده الكاتب الإماراتي جاسم خلفان، والذي قال: «إن مصر تعترف بما لها وما عليها، وكذلك السعودية؛ لذا اتفقتا على ترسيم الحدود وتقوية العلاقات؛ لتكون عملية تطبيقية تستثمر في طاقات البلدين ليعم الخير عليهما، مشددًا على أن مصر هي الرابحة أولًا وأخيرًا». وأردف خلفان: «الاتفاقيات في زيارة سلمان لأم الدنيا أكدت وحدة البلدين ونمو العلاقات في شتى الميادين، وكشفت كل المتآمرين والناعقين خلف المايكروفونات والأقلام، كل ذلك يَصب في صالح مصر ولا خوف عليها».
مختتمًا تصريحه: «حفظ الله مصر العروبة ونصرها على أعدائها». وقد دشن نشطاء وكتاب خليجيون -أغلبهم سعوديون وإماراتيون- هاشتاجًا على موقع «تويتر» بعنوان: «الإخوان أعداء التلاحم العربي»، وذلك تعليقًا على استغلال الإخوان لقضية جزيرتي تيران وصنافير من أجل العودة للمشهد مجددًا.
الجماعة الإرهابية لا تعرف الاعتراف بالحق
وقد كشف مجلس الوزراء المصري عن أن الهدف الأساس من هذه الخطوة هو محاولة الاستفادة القصوى من إمكانيات الجزيرتين الاستراتيجية والتي تقلّصت إمكانية الاستفادة منهما بسبب قيود معاهدة السلام مع إسرائيل، وإحياء فكرة مشروع الجسر بين البلدين والذي سيبلغ طوله 50كم يجعل السيطرة على الجزيرتين مشتركة بين البلدين نظرًا لمروره بهما، وبالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية والتنموية التي سيحققها الجسر فسيسمح لكلا البلدين بتواجد بري دائم بشكل موسَّع على الجزيرتين، وهو ما قد يساعد في تحقيق استراتيجية عسكرية مهمَّة للسيطرة على أي مضيق أو مُسطَّح مائي، وهو استراتيجية «رأس الجسر».
فتلك الجماعة تستغل أي جدل شعبي حول أي قرار من قرارات النظام لزيادة سخونة الأحداث، ولو صدقت في دعواتها لحاولت على الأقل الاعتذار ابتداء ومراجعة أفكارهم فيما يخص المسألة الوطنية برمتها قبل الدفاع عن ضياع أحد أجزائه في زعمهم، وإعلان خطأ معتقدهم الذي نظر له قطب وغيره من قيادتهم، ثم سلوك آليات المعارضة الوطنية المتعارف عليها في جميع أنحاء العالم، واللجوء إلى السبل القانونية والدستورية بدلًا من محاولات التأجيج والإشعال المستمرة.