مقتدى الصدر.. لم يزل قادراً على تحريك المظاهرات على الأرض
عبدالملك الحوثى.. مهندس انقلاب الحوثيين على الشرعية فى اليمن
حسن نصر الله.. بوق إيران فى لبنان من المقاومة إلى المشاركة فى الأزمة السورية
على الأمين ..المعارض القوى لحزب الله وللسياسات الإيرانية
عمار الحكيم.. عاش فى طهران ويؤمن بدور رجال الدين فى السياسة
آية الله على السيستانى شوكة عراقية فى حلق إيران
لعبت قيادات شيعية عربية أدوارا متعددة فى صياغة سياسات بلادها، منها ما اتسم بدور المقاومة للاحتلال الأمريكى فى العراق منذ سقوط بغداد فى 2003، ومنها ما خدم سياسات إيرانية فى الشام، ومنها ما تصدى لهذه السياسات الإيرانية لتحجيم نفوذها فى المنطقة، هنا نرصد أبرز هذه الشخصيات الشيعية العراقية واللبنانية التى كان بعضها شوكة فى حلق إيران، وكان بعضها الآخر مدعوما لزيادة نفوذها، محاولا توسيع وجودها فى المنطقة على حساب أهلها. على الرغم من أن مسقط رأسه مدينة مشهد بإيران فإن مرجعية آية الله على السيستانى فى العراق أصبحت شوكة فى معادلة الصراع المستعر مع المرشد الأعلى فى إيران آية الله على خامنئى للاستحواذ على السلطة فى العراق، وظلت المرجعية الشيعية الوحيدة التى تحاول التصدى لمساعى إيران للهيمنة على العراق والدفاع عن وجودها.
اشتهر السيستانى بمواقفه المؤيدة لمطالب المتظاهرين بتحسين الخدمات العامة، والقضاء على الفساد فى مؤسسات الدولة. وفتوى الجهاد التى أطلقها السيستانى إثر سقوط مدينة الموصل عام 2014 ساهمت فى وقف زحف تنظيم داعش الإرهابى وإنقاذ بلاده من الانهيار.
وطالب السيستانى بانتخابات عامة يشارك فيها الشعب العراقى لاختيار حكومة انتقالية تشرف على استلام السلطة، ويرفض إشراف مجلس الحكم الانتقالى المعين من قبل المحتل على هذه الانتخابات، ويهدد فى حال عدم الاستجابة لمطلبه بإصدار فتوى تطلب من العراقيين الامتناع عن دعم أو مساندة مجلس الحكم.
لكنه خفف موقفه عقب قرار الأمين العام للأمم المتحدة كوفى أنان إجراء الانتخابات بنهاية عام 2004. وأصدر السيستانى بيانا قال فيه إن الحكومة العراقية غير المنتخبة التى من المقرر أن تتسلم السلطة بحلول 2004 يجب أن تكون سلطاتها محدودة وتركز على الإعداد للانتخابات، مؤكدا ضرورة تأمين ضمانات بإجراء الانتخابات مثل صدور قرار من مجلس الأمن الدولى تحسبا لأى تأجيل.
ووجه السيستانى رسالة إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمى طالب فيها المنظمة الدولية بعدم إقرار القانون المؤقت للعراق وبألا يشار إليه فى قرار جديد لمجلس الأمن.
كما أصدر السيستانى فتوى دعا فيها العراقيين إلى حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين، مما دفع الآلاف إلى التطوع للتدرب على حمل السلاح ومساندة القوات الحكومية فى معاركها ضد تنظيم داعش الإرهابى.
مقتدى الصدر هو رجل دين شيعى وقائد سياسى، ورئيس لميليشيا عراقية قوية هى جيش المهدى الذى احتفل بتخريج أول كتيبة لها فى البصرة عام 2003، ومع سقوط النظام العراقى يوم التاسع من إبريل 2003 زاد نفوذه، مع دعواته إلى مقاومة الاحتلال الأمريكى، ومطالبته بانسحاب قواته من العراق، وانتقاده حياد السلطات الدينية فى النجف أمام الاحتلال.
وخلال سنوات الاحتلال الأمريكى، وقف الصدر فى وجه الأمريكيين، وقاتل جيش المهدى الجيش الأمريكى لسنوات، وفى الأعوام الأخيرة حاول الصدر أن يقدم نفسه فى صورة مختلفة، وهى صورة القائد الذى يستطيع جمع العراقيين.
وندد الصدر بمجلس الحكم الانتقالى الذى عينه المحتل لأنه «غير شرعى» بسبب طبيعة علاقته مع قوات الاحتلال، وأعلن نيته تشكيل حكومة موازية للمجلس سماها «حكومة الظل»، واعتبر أن تشكيل مثل هذه الحكومة سيكون فاتحة للعراقيين للتعبير عن آرائهم، وأن الشعب العراقى هو الذى سيمنح مثل هذه الحكومة شرعية بواسطة الاستفتاء عليها، الذى سيكون على شكل مظاهرات سلمية.
وهدد بإعلان الثورة على الأمريكيين عندما صرح الحاكم العسكرى الأميركى للعراق بول بريمر برفض الإسلام كمصدر رئيسى للتشريع فى العراق، وأصدر مكتب الصدر بيانا يصف تصريحات بريمر بأنها تدخل سافر ومقيت فى الشأن الوطنى، موضحا أن وقوع العراق تحت الاحتلال لا يكفى كمبرر للتدخل فى إرادة العراقيين، وأعلن فى مؤتمر صحفى أنه سبق أن دعا قوات الاحتلال إلى الدخول فى الإسلام كحل للمشكلة.
وهاجم الصدر قانون إدارة الدولة المؤقت واعتبره «وثيقة غير شرعية كتبت فى غفلة من الزمن»، وقال مكتبه فى بيان إن القانون «لا يمثل طموحات شعبنا، وهو حتما لم ينبثق عن إرادته ويصادر بكل وقاحة إرادة الأعم الأغلب من شعبنا المسلم». وأعلن فى إحدى خطب الجمعة أن «هذا القانون شبيه بوعد بلفور الذى باع فلسطين.. نحن فى طريقنا لبيع العراق والإسلام.. إنها علامة سيئة».
وعاد الصدر إلى الأضواء لأن داعميه فعلوا شيئًا غير مسبوق فى العراق، إذ سيطروا على المنطقة الخضراء التى تضم البرلمان العراقى إلى أن أمرهم أن يخرجوا، كان هذا جزءًا من حركة احتجاج شعبية شهدتها العراق مؤخرا، ودعا «الصدر» الناس إلى إصلاحات سياسية واقتصادية ومكافحة الفساد، وحكومة تكنوقراطية، ولكن تضمنت هذه الدعوات رسالة إلى منافسيه، وهى أنه مازال لديه قوة سياسية ملحوظة فى العراق، وأنه لا زال لديه القدرة على تحريك الشعب على غير أى قائد آخر فى العراق.
وبالنسبة لعلاقته بإيران فكانت تصريحاته الأكثر إثارة للجدل تجاهها، خاصة عندما تتضمن إشارات إلى التدخل الإيرانى فى الشأن العراقى، وفى أحد تصريحاته أكد «الصدر» أن قائد فيلق القدس الإيرانى هو «الرجل الأقوى فى العراق»، وأنه «صاحب مبدأ بالنسبة إلى قضيته وجمهوريته وحكومته ومذهبه». إلا أنه عاد يقول إنه يختلف مع الإيرانيين «فى بعض الأمور الجوهرية»، لكنه يفضل أن يحافظ على علاقات جيدة مع الجميع قدر الإمكان.
بات حسن نصر الله، الأمين العام لتنظيم حزب الله اللبنانى المدعوم من إيران، بوقا للجمهورية الإسلامية فى المنطقة العربية توجه به رسائلها إلى خصومها السياسيين، وذراعها لتنفيذ مخططاتها، وخرج من كونه رمز مقاومة احتلال إلى مشارك فى الأزمة السورية، وقوبلت مشاركته العسكرية إلى جانب قوات بشار الأسد برفض رسمى وسياسى لبنانى واسع، وتسببت فى تراجع صورته داخل الوطن العربى والإسلامى.
وإلى جانب سوريا، اعترف نصر الله لأول مرة فى 2015، بوجود قوات لحزبه تقاتل فى العراق، قائلا أمام أنصاره: لدينا حضور متواضع، وذلك بسبب المرحلة الحساسة فى العراق.
وفى اليمن، هاجم نصر الله عاصفة الحزم، ودعم جماعة الحوثى الانقلابية، وقد جلب الحزب جثمان القيادى الحوثى البارز محمد عبدالملك الشامى إلى بيروت لدفنه بجوار القائد العسكرى عماد مغنية.
كما أنه تدخل فى التوتر بين إيران والمملكة العربية السعودية، بهجومه اللاذع على المملكة.
برز المرجع الدينى اللبنانى الشيعى السيد على الأمين كأبرز معارضى حزب الله وسياسات إيران فى المنطقة، وهو صاحب القول الشهير «من الخطأ التسليم بوصاية إيران وحزب الله على أتباع المذهب الشيعى فى لبنان وغيره من الدول العربية والإسلامية».
وعارض ولاية الفقيه فى إيران وقال إنها «ليست من المعتقدات الدينية عند الشيعة»، وقال إن الطائفة الشيعية فى لبنان خالفت السياسة الإيرانية فى لبنان فى محطات عديدة فى القرن الماضى، ويرى أنه يجب أن تبقى محدودة فى إيران، بما أنها ليست من المعتقدات المذهبية. وخالف أيضا سياسات إيران فى المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضى، ووصفها بأنها سياسة خاطئة، فالطائفة والمذهب هما أوسع من أن يختزلهما حزب أو دولة كحزب الله وإيران.
كما أنه خالف جموع الشيعة فى الإساءة إلى الصحابة وأم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها، وقال إنها تعدّ من المحرمات الدينية الكبرى التى تعبر عن الاستهانة بتعاليم الدين ومبادئه، والتى تزرع الفتن بين المذاهب والشعوب، ورأى أن من يقومون بهذا العمل المحرّم «سفهاء وعصاة ظالمين لأنفسهم ومجتمعاتهم».
عمار الحكيم، هو سياسى عراقى شيعى ورئيس المجلس الأعلى الإسلامى العراقى، عاش ما يقارب 23 عاما من حياته مهاجرا فى إيران، فنشأ متأثرا بثورة الخمينى، وإقامة نظام الجمهورية الإسلامية، وأصبح أحد الرموز السياسية الشيعية المؤمنة بدور المرجعيات فى القرار السياسى.
ظهر بالزى العسكرى بعد فتوى السيستانى بقتال تنظيم داعش الإرهابى فى العراق والشام بعد سيطرته على شمال العراق عام 2014، ويعرف بمعارضته للمالكى وحكومته، ورفع وتيرة التنسيق مع غريمه السياسى مقتدى الصدر.
وأنشأ الحكيم مؤسسة شهيد المحراب التى لها عدة أنشطة اجتماعية وثقافية وقرابة 70 فرعا فى عدة مدن عراقية، وعاد إلى العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، ودخل المعترك السياسى خلف والده الذى كان يرأس المجلس الأعلى الإسلامى العراقى.
وقاد قائمة تحالفه السياسى فى انتخابات البرلمان 2014، ودخل البرلمان وترأس «كتلة المواطن ينتصر»، التى تتمتع بثلاثين مقعدا، وتضم عددا من الشخصيات السياسية المعروفة، مثل: عادل عبدالمهدى، وهمام حمودى، وإبراهيم بحر العلوم، وباقر جبر صولاغ.
شن عبدالملك الحوثى، قائد حركة أنصار الله الزيدية الشيعية المسلحة فى اليمن، انقلابا فى العاصمة اليمنية صنعاء على الشرعية فى اليمن، وتلقى دعما إيرانيا كبيرا، وبدأ اسمه يتردد باعتباره قائد الجماعة خلال جولات الحرب فى صعدة مع القوات الحكومية التى تواصلت فترات متقطعة حتى 2010، وبرز أكثر بعد نجاح الثورة اليمنية فى إرغام على عبدالله صالح 2012 على التخلى عن الحكم وفق بنود المبادرة الخليجية.
ويسعى لمغازلة وكسب ود طهران خلال ظهوره على شاشات التلفزيون الرسمى اليمنى، بترديد الشعارات التى تخدم مصالحها السياسية فى المنطقة، وتسعى إيران لتصويره كزعيم للحوثيين الشيعة، على غرار زعيم تنظيم حزب الله اللبنانى حسن نصر الله، من حيث الطريقة فى التعبير، أو فى مضمون الخطاب الذى يركز على محاربة الفساد والمطالبة بالشراكة الوطنية والعداء للغرب وإسرائيل.
بعد سقوط صالح، دخل الحوثيون بزعامة عبدالملك فى الحوار الوطنى اليمنى، وأصبحوا يعرفون باسم «جماعة أنصار الله»، لكنهم صعدوا لهجتهم تجاه الحكومة وبعض الأطراف السياسية اليمنية الشريكة فى الحوار. وطالب بإقالة الحكومة وإلغاء قرارات اتخذتها برفع الدعم عن المحروقات، ودعا أنصاره إلى الاعتصام على تخوم العاصمة صنعاء وداخلها، كما دعا للعصيان المدنى، وهدد بتصعيد مزعج إذا لم تستجب الحكومة لمطالبه.
وتلقى الحوثى صفعة قوية وأدرجت الولايات المتحدة عبدالملك الحوثى على القائمة السوداء بتهم، منها الضلوع فى أعمال تهدد بشكل مباشر أو غير مباشر السلام، والأمن، والاستقرار فى اليمن.