ألقت زيارة ولى عهد أبو ظبى ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان إلى القاهرة أمس، ولقاءه الهام بالرئيس عبد الفتاح السيسي، الضوء على العلاقات التجارية الراسخة التى تتمتع بها البلدين.
وترتبط مصر والإمارات بعلاقات راسخة تكللت بزيارات متبادلة بين قياداتها بلغت نحو 22 زيارة منذ 2014، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتعتبر العلاقات الاقتصادية بين الجانبين المصري والإماراتي من العلاقات الراسخة، وهو ما انعكس بصورة جلية في حجم التبادل التجاري والاستثمارات المباشرة والمنح والمساعدات، وعدد الزيارات المتبادلة بالإضافة إلى التبادل السياحي بين الدولتين.
العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأبو ظبي
وتعد الإمارات داعم أساسى للاقتصاد المصري منذ اللحظة الأولى، فقد قدمت دولة الإمارات العربية، حزما من المساعدات العينية والمادية والعديد من الاستثمارات المباشرة خلال السنوات التي تلت ثورة 30 يونيو، وهو ما عزز التعاون بين البلدين؛ إذ خصصت نحو 3 مليارات دولار ضمن حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت 12 مليار دولار .
كما وقعت الإمارات مع مصر اتفاقية مساعدات بقيمة 4.9 مليار دولار، لدعم برنامج القاهرة التنموي في تلك الفترة، من أجل تنفيذ عدد من المشاريع لتطوير القطاعات والمرافق الخدمية.
وعلاوة على ذلك، قدمت الإمارات، منحة بلغت قيمتها مليار دولار مع توفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار أخرى، فضلا عن المشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية في مصر.
وتتمثل أهمها، بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائى المصري، وإنشاء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية في 18 محافظة وتشييد 100 مدرسة، واستكمال مجموعة من المشروعات في مجالات الصرف الصحى والبنية التحتية، وتوقيع اتفاقية لتدريب أكثر من 100 ألف شاب وفتاة لتأهيلهم وتدريبهم علي أحدث البرامج الفنية والتقنية وفق الاحتياجات ومتطلبات مختلف القطاعات الصناعية.
وفي مارس 2015 ، شاركت الإمارات في المؤتمر الاقتصادي المصري تحت عنوان "دعم وتنمية الاقتصاد المصري.. مصر المستقبل"، وأعلنت دعم مصر عن طريق تخصيص 4 مليارات دولار، بواقع إيداع مبلغ 2 مليار دولار في البنك المركزي، وتوظيف 2 مليار لتنشيط الاقتصاد عبر مبادرات اقتصادية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل كانت الإمارات، خير ساند للاقتصاد المصري، عقب قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 ؛ إذ قررت شركة شركة موانئ "دبي السخنة"، وهي أحد كبار الشركات التي تمتلك موانئ على مستوى العالم، فى اتخاذ قرار تاريخي بالبدء من أول يوم فى شهر فبراير 2016، بإلغاء التعامل بالدولار على الخدمات الأرضية المقدمة لأصحاب ومستلمي البضائع، والتعامل بالجنيه المصري بد لا من العملة الأمريكية، كما قدمت الإمارات العربية المتحدة وديعة مالية قدرها مليار دولار لدى البنك المركزي المصري لمدة 6 سنوات لدعم سوق الصرف.
شراكة تجارية
وتمثل مصر الشريك التجاري السادس عربيا للإمارات والشريك ال 21 عالميا، فيما تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عربيا لمصر والعاشر عالميا، وتتمثل أهم الصادرات المصرية للسوق الإماراتية في أجهزة التليفزيون والأثاث والكابلات الكهربائية والمنتجات الزراعية والمواد العطرية والمشروبات والخضراوات المجمدة.
فيما تضمنت الواردات المصرية من الإمارات أنابيب نقل النفط والأدوية والبولى بروبلين والبولى إيثيلنى والبولي إيثيلني للاستخدامات الطبية والمصنوعات من الحديد والصلب والسكر المكرر .
وشهدت صادرات مصر إلى الإمارات ارتفاعا ملحوظا بنحو 86.4 % منذ 2015 وحتى 2019 إذ سجلت ارتفاعا من 1.11 مليار دولار إلى 2.07 مليار دولار.
كما سجلت الواردات المصرية من الإمارات ارتفاعا أيضا ولكن بنسبة أقل تبلغ 19.4 % فقط من 1.49 مليار دولار خلال 2015 حتى 1.78 مليار دولار في العام الماضي.
ويصب الميزان التجاري بين الدولتين لصالح الاقتصاد المصري حيث تجاوزت قيمة الصادرات المصرية للإمارات قيمة واردتها من هناك عدا عام 2015.
الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر
وأعلنت الرئاسة المصرية نوفمبر 2019 تأسيس منصة استثمار مشتركة بقيمة 20 مليار دولار مع الإمارات، بهدف الاستثمار في مجموعة من القطاعات والأصول عبر شركة أبوظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي، مثل؛ الصناعات التحويلية والطاقة التقليدية والمتجددة والتكنولوجيا والأغذية والخدمات اللوجستية والمالية والبنية التحتية.
واستضافت مصر فعاليات الدورة الأولى لمنتدى الأعمال المصري الإماراتي للتجارة والاستثمار في الثاني عشر من ديسمبر 2019 . وتم خلاله مناقشة فرص الاستثمار الصناعي المتاحة بالسوق المصري خاصة في مجالات الصناعات الهندسية والصناعات الكيماوية وصناعة الورق وصناعات الحديد والصلب وصناعة الأسمنت ومشروعات إعادة التدوير، وبحث إمكانية إنشاء مشروعات مصرية إماراتية مشتركة بدول القارة الإفريقية في مجال إنشاء المراكز اللوجيستية الجديدة وإعادة تأهيل المراكز اللوجيستية المصرية بدول القارة. في حين، شهدت فعاليات المنتدى توقيع مذكرات تفاهم أبرزها مذكرة تفاهم بين مؤسسة الاتحاد لائتمان الصادرات المملوكة من الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة( والشركة المصرية لضمان الصادرات).
وينظر إلى الإمارات باعتبارها من أكبر خمس دول مستثمرة في مصر بإجمالي رصيد استثمار تراكمي يصل إلى 55.2 مليار درهم ( 15 مليار دولار)، فيما تجاوز عدد الشركات الإماراتية فى مصر حاليا نحو 1165 شركة.
أوجه الشراكة بين الدولتين
تنظم علاقات التعاون بين مصر والإمارات من خلال مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات، تجاوز عددها العشرين اتفاقية منذ التسعينيات وحتى العام الجاري، فعلى سبيل المثال، وقعت الدولتين في فبراير 2018 اتفاقية الشراكة الاستراتيجية لتحديث العمل الحكومي، بالاستفادة من الخبرات التي تمتعت بها الإمارات على صعيد تميز الأداء الحكومي. ومنذ توقيع الشراكة، تم تنظيم سلسلة من الورش التدريبية الفنية للتميز الحكومي لموظفي الحكومة المصرية بمشاركة 3700 موظف، كما تم تدريب نحو 2400 موظف حكومي مصري على مختلف مجالات تطوير العمل الحكومي، عبر 35 ألف ساعة تدريب.
كما يعد صندوق "أبو ظبي للتنمية" من أهم شركاء التنمية في مصر حيث يبلغ نصيبه من المساعدات التنموية 530 مليون دولار؛ إذ شارك في تمويل شركة الزهراء الزراعية " توشكا"، وفي تطوير منطقة منشأة ناصر. في حين بلغ نصيب صندوق "خليفة لتطوير المشاريع" من المساعدات التنموية نحو 200 مليون دولار حيث يرتكز نشاط الصندوق في مصر على دعم وتمويل المشروعات متناهية الصغر.
وبالانتقل إلى السياحة، شهد البلدان معدلات تبادل سياحي مرتفعة، حيث بلغ عدد نزلاء المنشآت الفندقية من مصر في الامارات خلال 2018 نحو 612.6 ألف نزيل ما يعادل نسبة 2.4 % من إجمالي عدد نزلاء المنشآت الفندقية بالامارات. فيما يبلغ عدد الرحلات الجوية لشركات الطيران الوطنية 80 رحلة أسبوعيا إلى القاهرة.
وأخيرا، شهدت العلاقات بين مصر ودولة الإمارات عددا من الزيارات الرسمية الثنائية المتبادلة بين مسؤولي البلدين، حيث استقبل الرئيس "عبدالفتاح السيسي" ولي عهد أبو ظبي نحو 9 مرات منذ توليه الرئاسة في عام 2014 وحتى أواخر العام الماضي، بينما زار الرئيس "السيسي" دولة الإمارات أكثر من 6 مرات، وهو ما يدلل على رغبة الجانبين في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما على كافة المستويات والأصعدة.