شهد ثانى برلمان بعد 30 يونيو مزيد من التنوع، لكن بقدر من البروز لقوة على حساب بقية القوى، إذ حاز ائتلاف دعم مصر نحو 56% من المقاعد، وعلى الرغم من هذه الطفرة الكبيرة إلا أن انتخابات برلمان 2020 شهدت تغيرا كبيرا، حيث يضمن المجلس المقبل تمثل لكافة الأحزاب والتيارات تحت القبة، ولم يعد هناك حزب واحد هو المسيطر على المشهد، وذلك من خلال تراجع حصة القوة الأكبر تحت القبة لـ52.8% تقريبا، من المرتقب أن تقل بعد التعيينات الرئاسية بنسبة قد تصل إلى 5% تمثل إجمالي المعينين، بالنظر إلى الفلسفة الرئاسية المتحققة فى تعيينات 2015 ثم مجلس الشيوخ الأخير، بمراعاة التنوع وتمكين المرأة والشباب وتمثيل الكفاءات والتكنوقراط.
ولعل المتابع للمشهد السياسى قبل برلمان 2010 أو حتى في برلمان 2010 فقد كان الحضور السياسى فى برلمان 2010 لا يتجاوز 6 أحزاب، ومع تداعيات ثورة يناير وما أفرزته من نشاط فى الشارع تحرك العدد فى 2012، نظريا شهد المجلس حضور 26 حزبا، لكن انحصر الأمر عمليا فى 18 فقط، بالنظر إلى توزيع الإخوان والتيار الدينى لقوتهم على عدد أكبر من الأحزاب، لتكون الصورة النهائية 18 حزبا و74% لتيار الإسلام السياسى، وهذا المشهد لم يعد متواجد على الإطلاق، وهذا ما أفرزته الانتخابات الأخيرة لبرلمان 2021.
فلم تسيطر على المجلس الجديد أغلبية مطلقة، وهكذا وجدنا الفرصة متاحة أمام جميع الأحزاب للمشاركة في الحياة النيابية، في الوقت الذى كان فيه المواطن دقيق في اختيار ورسم ملامح المشهد السياسى والبرلمانى، وبالفعل تم اختيار تركيبة حزبية تضم عددا من أحزاب اليسار ويسار الوسط والتيار الليبرالى، إضافة إلى عدد كبير من المستقلين غير المحسوبين على الموالاة بالمعنى السياسى الداعم لنظام الحكم، حتى لو كانوا داعمين للدولة بصيغتها الاعتبارية ومعناها الوطنى.
فقد أسفرت نتائج الانتخابات عن مشاركة طيف سياسى واجتماعى كبير تحت القبة، من حيث عدد الأحزاب الذى وصل إلى 13 حزبا بالقائمة، إضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التى تضم 26 حزبا وعددا من المستقلين، وبروز النساء والشباب بصورة واضحة، وذلك في مشاركة حزبية قوية تضمنت التركيبة السياسية للبرلمان المقبل كوادر سياسية وحزبية من جميع الأحزاب المصرية، بالإضافة لكوكبة من المستقلين بنسبة كبيرة، ما سينعكس على إثراء الحياة السياسية والحزبية لصالح الوطن والمواطن، ويُمثل جميع الشرائح الفئوية، وسيمثل العدد الأكبر من الشباب والمرأة بأعداد غير مسبوقة، وليس من خلال العدد فحسب، لكن الكفاءات التى تضمنها البرلمان الجديد تؤكد أنه سيكون برلمان مختلف.
ويُعد برلمان 2020 ترجمة حقيقة للتعددية الحزبية ونضج فى الحياة السياسية على الأرض، كما سيساهم بصورة قوية فى مزيد من إثراء الحياة السياسية والحزبية على الأرض، فخلال الفترة المقبلة سنجد أن هناك العديد من الأحزاب التى تتواجد على الأرض لضمان وجود تمثيل لها تحت قبة البرلمان، وهذا كله سينعكس على الحياة السياسية والحزبية وعلى المواطن وعلى الحياة النيابية بشكل عام، مما يؤكد الحرص على المزيد من عمل هذه الأحزاب والتواجد على الأرض.