داخل فصول محو الأمية للفتيات العديد من الحكايات التى تحمل هما مشتركا بينهن، وهى قصص لها من الحزن والغرابة فى الوقت نفسه ما يجعلها خارج الأسباب التقليدية التى اعتدنا عليها.. فهل يدور بخلد أحد أن تعليق ابن الجيران مثلا قد يكون سببا فى حرمان بنت من حقها فى التعليم.
"انفراد" اقترب من هؤلاء الفتيات ، لنتعرف على 7 قصص لبنات قررن التمرد على واقعهن واستكمال تعليمهن من داخل فصول محو الأمية.
دعاء ضحية تعليقات "ابن الجيران"
دعاء عطية من محافظة الفيوم، تبلغ من العمر 16 عاما، توفى والدها مبكرا وأصبحت مسئولة من والدتها وأخيها، الذى منعها من الذهاب للمدرسة منذ مرحلتها الخامسة الابتدائية بسبب ما قاله عنها "ابن الجيران" من أنها ترتدى "جيبة" قصيرة، واستمرت دعاء سنة بعد الأخرى ترى شقيقيها، أحدهما يدخل الجامعة والآخر يكمل تعليمه الفنى، بينما لا تستطيع الكتابة والقراءة، لذلك توجهت إلى فصول محو الأمية على أمل أن تلملم حطام أحلامها الضائعة منذ أن حرمت من التعليم.
الزواج المبكر من نصيب رضا
رضا سعيد، فتاة عمرها 18 سنة، من إحدى ضواحى محافظة الجيزة، لم يسمح لها أهلها بالتعليم، وأُرغمت على الزواج من ابن عمها فى سن الـ 14 عاما، بعد ان تحملت مسئولية المنزل بسبب مرض والدها.
تقول رضا:" أنجبت ولدا لا أعرف كيفية تربيته لصغر سنى وقلة خبرتى، إلا أننى الآن قررت أن أتعلم وأن أحارب من أجل استرداد جزء من حقوقى خاصة بعد أن أصبحت أما"، مضيفة:" أرغب فى تعليم ابنى بمفردى بعد ان انفصلت عن زوجى".
"مارى" وأخواتها الأربعة عيب يخرجوا من البيت
مارى عياد فى الـ16 من عمرها من محافظة المنيا، رفضت والدتها ذهابها إلى المدرسة، هى وأخواتها البنات الـ4 ، بسبب أن بلدهن لا يجوز فيها تعليم الإناث وخروجهن إلى المدارس.
تقول مارى:"والدتى لم تهتم إلا بتعليم أخى الأصغر بحكم أنه ولد، ولكن عندما توجهت إلى أحد أفراد عائلتى فى القاهرة، وتغيرت الظروف، طالبت أسرتى بدخول محو الأمية وكافحت إلى أن استطعت دخول المدرسة"، مضيفة :"أحلم بدخول الجامعة وأن أدرس الصيدلة".
مريم خافوا عليها من العاصمة
مريم بركات،(14سنة) من محافظة المنيا، على الرغم من أنها من نفس محافظة مارى إلا أن ظروفها كانت معكوسة تماما، فقد وافق أهلها على السماح لها بالذهاب إلى المدرسة فى الصف الأول والثانى الابتدائى ولكن مع توجههم إلى القاهرة رفض والدها ذهابها إلى المدرسة، قائلا " معندناش بنات تخرج من البيت فى البندر"، بحجة أنه يخاف عليها البيئة المختلفة خارج مجتمعهم الصغير فى الصعيد.
كبرت مريم وحلم التعليم لم يفارقها، وعن هذا تقول:" على الرغم من أن لدى أربع أشقاء بنت وثلاث أولاد، إلا أننى أنا من أعتنى بوالدتى المريضة وأرعى شئون المنزل، الأمر الذى زاد من تعاطف والدى معى و شعر بتقصيره فى حقى بسبب منعى من التعليم، فسمح لها بالذهاب إلى فصول محو الأمية لأتعلم القراءة والكتابة".
منع بناته الثلاثة من التعليم بسبب "معاكسة"
هبة أسامة(15سنة)، منعها والدها من الاستمرار فى الدراسة فى الصف الأول الإعدادى من المدرسة بسبب "معاكسة" أختها الكبرى التى كانت فى الصف الثالث الإعدادى آنذاك، فجاء قرار والدها قاسيا بحرمان بناته الثلاث من التعليم خوفا من تكرار ذلك معهن، وكانت الاخت الثالثة وقتها صغيرة جدا لم تتخط صفها الثالث الابتدائى الأزهرى.
تحكى هبة أن والدها متزوج ثلاثة ووالدتها هى الزوجة الثانية، كما أنه لا يريد إرهاق نفسه فى دفع أى أموال عليهن، ومع كل هذه الظروف الصعبة إلا أن هبة استطاعت أن تذهب إلى مركز محو الأمية وتستكمل رحلتها فى التعليم.
رضا ضحية المعاملة السيئة والواسطى
رضا حماد تبلغ من العمر 17 سنة، جاءت من المنوفية إلى القاهرة مع أهلها، وولدت فى أسرة ذات دخل بسيط ولكنهم قادرون على الحاق أبنائهم بالمدارس..
عن حكايتها تقول رضا :" بدأت طريقى مع التعليم فى مدرسة لا تهتم بتأهيل الطلاب، ما جعلنى أنجح كل عام بواسطة مدرس يقوم بتغشيشى فى الامتحانات لقرابته من والدى، إلى أن وصلت إلى الصف السادس الابتدائى وأنا لا أعرف القراءة والكتابة، وظللت أعيد السنة الدراسية لثلاث سنوات إلى أن تم فصلى، و لكننى أصررت أن أتعلم من البداية، فالتحقت بفصول محو الأمية حتى أستطيع أن أستكمل ما فاتنى من التعليم".
القصة نفسها عاشتها نرمين علاء التى تبلغ من العمر 19سنة من القاهرة، والتى تركت المدرسة فى المرحلة الإعدادية وهى لا تجيد القراءة والكتابة لأنها كانت تنجح أيضا بسبب الغش، لذلك كان مركز محو الأمية ملاذ لها للتعليم الحقيقى.
حرمان البنات من التعليم أهم سبب فى زيادة الأمية
فى هذا الصدد، تقول مارجريت فكرى، مسئول قطاع التعليم وفصول محو الأمية بمؤسسة كاريتاس مصر، التى تشرف على حوالى 800 فصل سنوياً، إن نسبة الأميين 17% من تعداد السكان التى تتراوح أعمارهم من 13سنة إلى 55سنة.
وأكدت أن أسباب زيادة الأمية تتلخص عند الفتيات فى أنه "لا يجوز تعليم الإناث" أو الزواج المبكر أو بعد المدرسة عن البيت أو سوء معاملة المدرسين التى تعد عاملا مهما فى تسربهن من التعليم.
وأشارت مارجريت إلى أن نسبة المقبلين على محو الأمية من الإناث تفوق الذكور، وهذا يرجع إلى خجل الرجل من التعليم، حيث يرى أنه يقلل من شأنه وأن الأغلبية العظمى من الرجال المقبلين على محو الأمية يلجأون إلى الفصول بسبب استخراج رخصة أو يكون شرط ضمن مسوغات التعيين.
وأضافت :" قدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء نسبة الأمية فى الفئة العمرية من 10 سنوات فأكثر بــ 17.2 مليون نسمة عام 2014 ، منهم 11 مليون نسمة من الإناث مما يعنى أن نسبة الأمية بين الإناث ضعف الرجال".
كيف نقضى على الأمية؟
من جانبه قال أستاذ هانى شوقى، مسئول التدريب فى فصول محو الأمية، لكى يقتنع طالب محو الأمية بالتعليم يشترط أن تكون المناهج "مرتبطة بالحياة"، لأن الطالب يجب أن يرى نفسه من خلال فصول محو الأمية.
وأضاف يجب ألا يكون دور محو الأمية متوقف على القراءة والكتابة فقط، بل توافر نوع من التوعية بأهمية التعليم وخاصة للأهالى حتى يقبل عدد أكبر من الطلاب الذين حرمتهم الظروف من استكمال تعليمهم.