قد لا نعرف نحن فى الشرق العربى هذه الأمور كثيرا، لكن فى الغرب فإن زجاجة "الشراب" فى المعركة ربما هى أهم لدى البعض من البندقية.
فعلى سبيل المثال كان رئيس الوزراء البريطانى وينستون تشرشل لا يتوقف عن الشراب صباحا ومساء طوال فترة الحرب العالمية، حتى أصبح الأمر مثار انتقادات حادة ضد الرجل الذى لا يبالى.
ومثل تشرشل كان هناك العديد من الجنود فى ساحة معارك الحرب العالمية الثانية، فقد كان للخمر آثارا كارثية فى العديد من المعارك لكن منعها عن الجنود فى ظروف مأساوية كان أمرًا صعبا لأنه وسيلة تسليتهم الوحيدة وتخفيف آلامهم لذا كان الجهد الأكبر هو محاولة الوصول إلى خمور تتحاشى التأثير السيئ.
ومن هنا ظهر المصرى اليهودى جو سيالوم ليغير مسار الحرب العالمية الثانية فى أفريقيا، بتقديمه خلطته الخاصة من الخمور خفيفة التأثير وقليلة الآثار السلبية خاصة ما بعد الثمالة.
قصة سيالوم تبدأ قبل الحرب بسنوات فقد عمل كيميائيا فى السودان، قبل تغيير مجال عمله إلى تقديم تركيبته الخاصة للخمور، وفى عام 1941 كانت قوات المحور بقيادة الأسطورة رومل، تتقدم فى شمال إفريقيا متجهة إلى مدينة الإسكندرية.
وفى هذه الأثناء كان العثور على مشروبات كحولية جيدة أثناء الحرب مأساة كبرى للقوات البريطانية، العديد من الموردين للجيش البريطانى قدموا خمورا رديئة للغاية للجنود جعلت من آثار ما بعد الشراب جحيما لا يطاق، إلى أن أتى سيالوم وقدم وصفته المذهلة، وأطلق عليها اسم "جحيم الأوغاد".
سريعا ذاع صيت كوكتيل جحيم الأوغاد بين الجنود البريطانيين فى شمال إفريقيا خاصة فى ظل جمود الجبهة عام 1942، وزداد الطلب عليها ومع اشتعال معركة العلمين الثانية.
بالطبع لم تكن وصفة اليهودى المصرى السبب الرئيسى فى النجاح، فقد أتى إلى الجبهة قادما من أوربا عبقرى بريطانى هو مونتجمري، كما أن خطوط الإمدادات الألمانية القادمة من ليبيا عانت كثيرا إلى درجة الانهيار.
أما الجندى البريطانى فقد كان الخمر لأول مرة غير معطل له ومكنه من التقدم للمرة الأولى، لتتحقق أيضا أول هزيمة حقيقية للألمان فى الحرب العالمية الثانية.
مشروب ساليوم، جعله نجما فى الصحافة الإنجليزية التى احتفت به بشكل كبير.
وظل يعمل فى القاهرة حتى قيام ثورة 1952، ثم اختار الرحيل إلى بورتريكو ليعمل فى الفندق الذى أسسه صديقه «كونراد هيلتون»، بعدها انتقل إلى كوبا وعمل فيها حتى عام 1962 عند قيام الثورة الكوبية.
وبعد جولة فى باريس وروما ولندن انتقل للعيش فى نيويورك حيث عمل فى أحد البارات الموجودة فى برج التجارة العالمى خلال التسعينات، وعاش الهجوم على البرج ونجا منه، وثم قرر التقاعد والانتقال إلى فلوريدا حيث مات هناك عام 2004.