"انفراد" يعيد نشر تحقيق الطريق إلى "الضبعة" يبدأ من لينينجراد للزميل محمد أحمد طنطاوى الفائز بالجائزة الثانية بمسابقة جوائز الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين.. معايشة ميدانية بمحطة لينينجىراد النووية..

يٌعيد "انفراد" نشر تحقيق الزميل محمد أحمد طنطاوى الفائز بالجائزة الثانية للتغطية الخارجية عن ملف الطريق إلى الضبعة يبدأ من "لينينجراد"، والذى فى أغسطس 2019 على حلقتين متتاليتن. وجاء عنوان الحلقة الأولى للتحقيق: "الطريق إلى "الضبعة" يبدأ من لينينجراد "1-2".. تفاصيل رحلة "انفراد" إلى مدينة النووى.. وإجراءات التأمين وتدابير مواجهة التسرب الإشعاعى فى سوسنوفى بور.. محطات الرصد تحمى سكان المدينة وتتنبأ بالمخاطر: - منطقة المفاعل محظور دخولها للأجانب قبل الحصول على تصاريح خاصة من الأجهزة الأمنية - 3 معاهد بحثية تخدم تطوير التصميمات فى تكنولوجيا التطبيقات النووية - 60 عاما العمر الفعلى للمفاعلات التى تبنيها مصر وتعتبر الأعلى عالميا فى معايير الأمان النووى 4 مفاعلات يضمها مشروع المحطة النووية بالضبعة تنتج طاقة بمقدار 4800 ميجا وات تمثل حوالى 10% من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة فى مصر - 20% نسبة المشاركة المحلية بدءا من الوحدة الأولى التى تم الاتفاق مع الجانب الروسى عليها وتزداد حتى تصل إلى نسبة 35% فى الوحدة الرابعة وإلى نص التحقيق.. على مدى أكثر من 60 عاما، ظل إنشاء محطة نووية، حلما يراود مصر، وينتظر شعبها لحظة تحقيقه، وعلى الرغم من أن الرئيس جمال عبد الناصر، تنبه لأهمية الطاقة النووية، وكانت له رؤية مستقبلية مبكرة جدا نحو هذا الحلم، إلا أن الظروف السياسية والاقتصادية حالت دون استكمال هذا المشروع، وجاء فى مقدمة هذه الظروف دخول مصر فى سلسة حروب منذ منتصف الخمسينيات، حتى انتصار أكتوبر 1973، مما تسبب فى تعثر المشروع الذى اختفى تماما فى عهد الرئيس السادات، ثم عاد مرة أخرى مع مبارك، دون أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لتنفيذه. ومع الرئيس عبدالفتاح السيسى دقت ساعة تحقيق الحلم، مع توقيع عقود اتفاق مع الجانب الروسى، وإجراءات حقيقية على الأرض لتنفيذ هذا المشروع الواعد الذى تدخل مصر من خلاله النادى النووى العالمى، كأول دولة فى المنطقة العربية تبنى مفاعل نووى من طراز “VVER -1200”، الذى يعتبر نموذجا فى معدلات الأمان النووى وإنتاج الكهرباء. «انفراد» زارت محطة لينينجىراد النووية فى مدينة سوسنوفى بور على الخليج الفنلندى، وهى المحطة التى تحاكى محطة الضبعة المصرية، وكان لنا جولات وزيارات للعديد من المناطق نرصد تفاصيلها كاملة فى السطور التالية: البداية كانت من منتدى أتوم إكسبو سوتشى 2019 الذى تنظمه مؤسسة روساتوم العالمية لشركات الطاقة على مستوى العالم، لعرض الجديد فى مجال تكنولوجيا الطاقة النووية، وما يتصل بها من صناعات أخرى، وخلاله التقينا مع عمدة مدينة جرجين التى يوجد بها مفاعل نووى، المعروف باسم «مفاعل باكش»، نظرا لوجوده ضمن مقاطعة باكش المجرية، للتعرف على تجربة هذه المدينة، وكيف قابل سكانها فكرة بناء مفاعل نووى ؟ وما فرص العمل والاستثمار التى خلقها لهم؟ وكيف نستفيذ من ذلك فى مدينة الضبعة المصرية. خاطبنا مؤسسة روساتوم الروسية من أجل إتاحة الفرصة للتعرف على مفاعل «باكش» المجرى، وكيف يمكن أن تؤثر تجربته فى الحالة المصرية، خاصة أن مصر بدأت مراحل التخطيط والإعداد لبناء المحطة النووية فى الضبعة.. الرد لم يستغرق طويلا، وبعد عدة أيام جاءت الموافقة على المعايشة الصحفية من داخل محطة نووية، لكن ليست فى المجر، بل فى محطة لينينجراد الروسية، التى تضم أحدث المفاعلات النووية فى روسيا وهو مفاعل الماء المضغوط من الجيل الثالث المطور، والمقرر بناؤه بمحطة الضبعة المصرية، بما يعنى أن المفاعل المصرى سيكون صورة طبق الأصل من نظيره فى لينينجراد. تبعد المحطة النووية عن العاصمة الروسية موسكو أكثر من 700 كيلو متر مربع، وتقع فى الشمال الغربى لروسيا، وتطل على الخليج الفنلدنى، بما يؤهلها لعمل مسابقة دولية لصيد الأسماك من مياه الخليج بجوار المحطة النووية، الذين بلغ عدد المشاركين فيها ست دول بينهم مصر التى فازت بالمركز الأول خلال اليومين الماضيين. الزيارة بدأت من العاصمة موسكو التى يقع بها المقر الرئيسى لمؤسسة روساتوم العالمية، ومجموعة التحالفات والشركات التابعة لها فى روسيا، وكانت الجولة الأولى من شركة أتوم ستروى إكسبو التى تعد أحد عمالقة الإنشاءات النووية فى العالم، وتعتبر بمثابة القسم الهندسى لمؤسسة روساتوم العالمية، وهى المسؤولة عن بناء محطة الضبعة النووية، وكل ما يتعلق بالإنشاءات الهندسية فيها، المنتظر أن تتكون من 4 مفاعلات ويبدأ تشغيلها فى عام 2026، وتمثل نحو30 % من السوق العالمية لبناء المحطات النووية فى العالم ولديها حافظة أعمال تضم 31 محطة طاقة نووية منها 4 داخل الاتحاد الروسى، و27 مفاعلا فى 11 دولة حول العالم، وقد بلغ حجم أعمالها نحو83.8 مليار دولار خلال عام 2019، أى ما يعادل 1.4 تريليون جنيه مصرى تقريبا. الأجواء فى «أتوم استروى» كانت هادئة تماما، فلا توجد أعداد كبيرة من الموظفين أو شركات أمن وحراسة تحيط بالمبنى، أو أسلاك شائكة أو إجراءات تفتيش صارمة، التقينا بكبير المهندسين فى قسم التنفيذ الخارجى والترويج التكنولوجى فى الشركة «الكسندر فولكوف»، الذى قدم عرضا عن أنشطتها فى بناء المفاعلات النووية، ثم انتقل إلى الحديث بصورة مفصلة عن تكنولوجيا «مالتى دى» أو الأبعاد المتعددة التى تعتبر المرجعية الأساسية التى يتم من خلالها تأسيس وإنشاء المحطات النووية، لدرجة أن كل ساعة فى عمر بناء المفاعل النووى، يستغرق 6 سنوات، مسجلة ضمن هذه التكنولوجيا، وتحتوى على أكثر من مليون جدول زمنى وأمر تنفيذ لابد من الانتهاء منها جميعا خلال مرحلة تجهيز المفاعل النووى، وهذه التقنية مصممة لتفادى أى أخطاء خلال مراحل التصميم أو التنفيذ، خاصة أن العمل فى مجال بناء المحطات النووية لا يقبل أى نسبة خطأ، وهو ما أكده «ألكسندر فولكوف» الذى أوضح أن «صنابير المياه»، وشكلها ونوعها والشركة الموردة لها موجود فى جداول تكنووجيا مالتى دى. مسؤول الشركة الروسية التى تصمم محطة الضبعة النووية، أكد أن إنشاء محطة طاقة نووية ليس مجرد مبنى عادى أو ألواح خرسانية ضخمة ومئات الأطنان من الصلب ومواد البناء، بل عملية معقدة جدا ترتبط بصورة أساسية بما تحققه من معادلة الأمان النووى الذى يعتبر العامل الرئيسى لبناء محطة نووية، وبدونه لن يتحقق شىء. «فولكوف» كشف أيضا أنه دائما ما يتم بناء أكثر من مفاعل نووى فى مكان واحد، من أجل الاستفادة من طبيعة المكان والدرسات التى تم إجراؤها من قبل، بالإضافة إلى الخبرات التى تم اكتسابها من المفاعل الأول، وكذلك نقطة مهمة مرتبطة بتقبل السكان فكرة بناء محطات جديدة، حيث إن هذا القرار يخلق الكثير من فرص العمل، ويزيد من معدلات الاستثمار، المزيد من التطور لهذه المدينة، لذلك تحرص شركته على معرفة كل تفاصيل المكان صغيرة كانت أو كبيرة حتى يتمكنوا من البناء عليها، ووضعها فى السياق الصحيح خلال مراحل التأسيس والبناء وصولا إلى مرحلة التشغيل. العديد من التفاصيل تحدث فيها المسؤول الروسى بشركة أتوم ستروى، أهمها أن تطوير التصميمات والابتكار الهندسى فى مجال بناء المفاعلات النووية لا يتوقف، وهناك 3 معاهد بحثية، تتولى بصورة مستمرة التصميم والإعداد لكل ما هو جديد فى تكنولوجيا التطبيقات النووية، أولها فى موسكو، والثانى فى مدينة «نيجى نوف جراد»، التى تقع على نهر الفولجا، والثالث فى مدينة سان بطرسبورج، وقد أكد أن المهمة الرئيسية للشركة توفير خدمات إدارة المشروعات وتحديث المنشآت الهندسية المعقدة، مثل تصميم وبناء المحطات، الحديثة التى تعمل بتكنولوجيا متطورة جدا فى مجال الأمان النووى. فى الجزء الأخير من مقابلة «ألكسندر فولكوف»، أكد أن كل ما يخص الأمان النووى لا يمكن أن يتم وضعه على «التابليت» أو «اللاب توب»، خاصة كل ما يتعلق بالتصميم والجداول الزمنية المرتبطة بالتكنولوجيا متعددة الأبعاد، نظرا لخطورة ذلك على إجراءات الأمن والسلامة التى يتم اتباعها، لذلك يتم الاعتماد على التصميمات الورقية فى مراحل البناء والإعداد، ويتم فصل كل أجهزة الإنترنت والواى فاى واللاب توب، فى بداية عمل المحطة حتى لا تؤثر على مسار العمل، وإتماما لسلامة الإجراءات التى يتم استخدامها داخل المحطة النووية. تتميز معظم الشركات الحكومية فى روسيا بأن لديها مطاعم كبيرة لكل الفنيين والعمال والموظفين، إذ يتم فيها تقديم وجبات ساخنة بأسعار مخفضة عن المطاعم الخارجية، ويصطف الجميع فى طابور طويل الساعة الواحدة ظهرا لتناول وجبة الغداء، بصورة لافتة للانتباه داخل شركة «أتوم استروى». توجد المحطة النووية فى مدينة سوسنوفى بور التى تقع على الخليج الفنلندى، ضمن مقاطعة لينينجراد، وجميع هذه المناطق تقع فى حدود مدينة سان بطرسبورج، وهى محل ميلاد الرئيس الروسى الحالى فلاديمير بوتن، وعاش فيها طفولته وتلقى تعليمه الأساسى هناك. الطريق إلى سان بطرسبورج يستغرق نحو ساعة و20 دقيقة تقريبا من مطار موسكو، بينما هذه المسافة يقطعها القطار السريع إلى هناك فى 4 ساعات، وتزيد عن 700 كيلو متر، من مطار بولكوفا الدولى فى المدينة التى يتوسطها نهر نيفا التى يتخللها بعض المناطق السياحية الشهيرة مثل مدينة بيترجوف، التى تعتبر بمثابة متحف مفتوح للتاريخ الروسى، يحكى ما قدمته هذه المدينة للحضارة والعمارة الروسية، على مدار العقود الماضية، وكيف كانت محورا لصراع بين الروس وقبائل الفايكنج، حتى استطاع الروس هزيمتهم مع الملك بيتر العظيم، قيصر روسيا الخامس، وهو المؤسس لمدينة سان بطرسبوج، وله دور كبير فى نهضة روسيا خلال القرن السابع عشر. تبعد مدينة بيترجوف، عن المدينة النووية «سوسنوفى بور»، بحوالى 80 كيلو مترا من قصر الملك بيتر العظيم التى يحظر دخولها على الأجانب إلا من خلال تصريح مسبق من الأجهزة الأمنية الروسية، لارتباطها بالأنشطة النووية، وتعتبر شبه مغلقة على السكان الموجودين بها، الذين يصل عددهم إلى 68 ألف شخص تقريبا، يعمل أغلبهم فى المحطة النووية وما يرتبط بها من صناعات وأنشطة. بعد الوصول إلى مدينة سوسنوفى بور التى تقع على الخليج الفنلندى، وتبتعد نحو 70 كيلو متر عن دولة إستونيا، و80 كيلو متر عن فنلندا، دخلنا إلى فندق الإقامة، الذى يحمل نفس اسم المدينة، وهناك تم سحب كارت الهجرة الذى يحصل عليه كل من يدخل أراضى الاتحاد الروسى، ويتم تسليمه خلال مغادرة المطار، طبقا لقواعد المنطقة التى تضم 4 مفاعلات نووية. من أبرز المبانى الموجودة بالمدينة هو مركز الرصد الأشعاعى الإلكترونى الذى يكشف نسب الإشعاع المسموح بها فى الهواء، والإجراءات المتبعة للتعامل مع أى مشكلات أو طوارئ لها علاقة بهذا الأمر، ويحدث ذلك عبر دوائر متنوعة للرصد ما بين محطة صغيرة للرصد الإشاعى، تم تأسيسها حديثا حتى ترصد أى معدلات إشعاعية فى الهواء، لإبلاغ المركز الرئيسى الذى بدوره يبلغ المحطة النووية لاتخاذ اللازم والتعامل مع الموقف وفق خطة طوارئ محددة ومعلومة داخل المركز. المحطة النووية الواحدة تحتاج إلى نحو 20 محطة صغيرة للرصد الإشعاعى، بما يعنى أن محطة الضبعة النووية سيكون بها هذا العدد تقريبا فى محيط منطقة حوالى 30 كيلو مترا مربعا، يمكن للمحطة الواحدة رصدها على مدار الساعة وإبلاغ نتائجها لمركز الرصد الرئيسى مع كل تغيير، حيث يتزايد الرقم أو يتناقص كل عدة دقائق تقريبا، تعرفنا على كل أجزاء محطة الرصد، ثم انتقلنا إلى المركز الرئيسى الذى يتولى تجميع كل النتائج القادمة من المحطات الصغيرة. «فلفل» فى مركز الرصد الرئيسى مركز الرصد الرئيسى يبدأ بمتحف صغير، يشمل مقتنيات لها علاقة بأجهزة الرصد الإشعاعى القديمة، وملابس واقية للإشعاع مزودة بأقنعة ونظارات خاصة، بالإضافة إلى مجسم يشرح طبيعة العمل فى محطة لينينجراد النووية، وعلى أحد الأسطح داخل المركز يوجد نبانات زينة وبعض الورود والأزهار، إلى جانب نبات «الفلفل» الذى كان مثمرا، ويعلوه ترمومتر ملصق على الحائط، ربما له دور بفحص إشعاعى لذلك النبات. داخل المركز كان لنا لقاء مع «أناتولى زايف» الذى أكد أن الكوارث التى كانت تحدث فى محطات الطاقة النووية القديمة لم يعد لها وجود فى الوقت الراهن مع تطور بالمفاعلات النووية، وأن كارثة «تشرنوبيل»، لن تتكرر مرة أخرى، وقد تجاوز العلم الحديث هذه الحالة، خاصة أن الوقت الراهن لا يمكن الاستغناء عن المحطات النووية والتطبيقات الفنية والتكنولوجية الخاصة بها. الحلقة الثانية الطريق إلى "الضبعة" يبدأ من لينينجراد "2-2".. غرفة الأسرار فى المبنى المجاور للمفاعل وإجراءات اختبار سلامة التوربينات بـ1 روبل روسى فقط.. وغرفة التحكم المركزية فى الدور السابع تعمل 24 ساعة دون توقف - الدخول إليها بشرط «ممنوع اللمس».. والعمل داخل المفاعل يستوجب التدريب الدائم طوال العام.. وتأهيل 90 مهندسا فى مراكز التدريب على مدار عامين - تصريح ورقى بخط اليد وجواز السفر وبصمتا العين والأصابع إجراءات أساسية قبل الدخول للمحطة النووية - غابات الصنوبر والبلوط تزين الطريق إلى المحطة.. وممنوع تصوير الأسلاك الشائكة أو كاميرات المراقبة - 21 محطة لرصد الإشعاع الكترونيا توجد فى المنطقة المحيطة بالمفاعل النووى بمدينة سوسنوفى بور وتجمع نتائجها فى مركز رئيسى - 50% من احتياجات الطاقة فى سان بطرسبورج ومنطقة لينينجراد توفرها المحطة - 2020 منتظر دخول مفاعل جديد من نوعية VVER -1200 الخدمة جارى إنشاؤه حالياً - 4 آلاف ميجا وات من الكهرباء تنتجها محطة لينينجراد النووية التى تعد واحدة من أكبر المحطات فى روسيا من حيث السعة - 68 ألف نسمة عدد سكان مدينة سوسنوفى بور على الخليج الفنلندى حيث تقع محطة لينينجراد وهى أصغر مدينة فى شمال غرب روسيا فى نهاية اليوم الأول من زيارة مدينة سوسنوفى بور النووية، كنا على موعد لزيارة المكان الذى يتم فيه تأهيل الكوادر البشرية للعمل فى المفاعل النووى، وتدريبهم على كل كبيرة وصغيرة داخله وكيفية التعامل معها، وهو «المركز التدريبى على غرفة التحكم فى المفاعلات النووية الخاصة بمحطة لينينجراد»، حيث تحاكى هذه الغرفة مركز التحكم الرئيسى للمفاعل بنسبة 100%، وتعتبر هذه أرقى مراحل التدريب، خاصة أن الغرفة لا تختلف عن الموجودة فى المفاعل بزر واحد أو وسيلة رصد أو خط تليفون، فهى نفسها تماما، حتى يتسنى تدريب المهندسين على آليات العمل دون إعطاء أى فرصة للأخطاء. فى المركز التدريبى لغرفة التحكم فى المفاعلات النووية لمحطة لينينجراد، التقينا مع ألكسندر بلايف، المهندس الرئيسى فى محطة لينينجراد النووية، الذى أكد أن غرفة التحكم عن بعد فى المحطة تعمل بكامل كفاءتها وفق المخطط له، وخلال السنوات الـ18 الأخيرة دخل إلى الخدمة 10 مفاعلات متطورة، حيث ظل يؤكد لمرات عديدة أن مهمة مركز التحكم الرئيسية هى الأمان، وهى أهم وسيلة فى التطبيقات النووية جميعا، قائلا: «نحن دائما نؤكد لعملائنا فى الداخل أو الخارج أن الأمان النووى شرط أساسى فى كل المشروعات التى تبنيها روساتوم». «بلايف» كشف أيضا أن المفاعلات النووية ليست مهمتها الوحيدة إنتاج الكهرباء فقط، بل يتم استغلالها لتطوير طريقة وشكل الإنتاج حتى يتماشى مع معايير التكنولوجيا الحديثة، فى حين يحكى «أناتولى سميرنوف»، مدير المركز التدريبى بغرفة التحكم المركزية فى المفاعل النووى بلنينجراد، تاريخ إنشاء المبنى الذى تم تأسيسه فى عام 2011، فيما شهد العام 2014 التجهيز والإعداد والانتهاء من المعدات اللازمة له، ثم فى يناير 2017 بدأ التدريب الفعلى، حتى تم العمل فى المحطة مارس 2018، بما يعنى أن عمليات التدريب سبقت التنفيذ الفعلى بنحو عام وثلاثة أشهر. وكشف «سميرنوف» أن عدد من تم تدريبهم على مدار نحو عامين وصل حتى الآن وصل إلى 90 مهندسا، ولا يتوقف تدريبهم على غرف التحكم المركزية بمجرد الالتحاق بالعمل أو حتى تتابع سنوات الخبرة إذ إن كل مهندس يحصل على تدريب لمدة أسبوع كل ثلاثة أشهر، بمعدل أربعة أسابيع من التدريب كل عام، من أجل الإحاطة بكل ما هو جديد فى نظام العمل والتعليمات الرقابية والإجراءات الخاصة بالأمن والسلامة التى تحددها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ليس كل مهندس فى قطاع الطاقة النووية يصلح للعمل داخل مركز التدريب على غرفة التحكم المركزية للمفاعل، ولكن يجب أن تكون لديه معايير ومؤهلات تحددها روساتوم العالمية، مثل أن تكون لديه شهادة دراسية معتمدة تؤهله للعمل، وخبرة لا تقل عن 3 إلى 5 سنوات من العمل داخل المفاعلات النووية، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون على قدر كبير من اللياقة البدنية والصحية، إذ إن الالتحاق بالعمل فى مجال الطاقة النووية يلزمه مجموعة من الاختبارات أشبه لما يخضع له الطيارون، خلال التقدم للعمل بهذه الوظيفة التى تحتاج إلى كفاءة عقلية وبدنية وجسدية عالية. على طول الطريق المؤدى إلى المحطة الكثير من غابات البلوط وأشجار الصنوبر العالية، التى لا يتم تقطيعها أو العبث بها، للحفاظ على الشكل الجمالى للبيئة وحماية هوية المكان والحياة الطبيعية داخله، على امتداد البصر بدأت المحطة النووية فى الظهور من خلف الأشجار العالية، وظهرت وحدات التبريد العملاقة، التى تبرد المحطة النووية ويخرج منها البخار بكثافة إلى السماء بصورة لافتة للانتباه، وهى مبردات صديقة للبيئة ولا تخرج أى أدخنة أو عوادم إلى الهواء، فقط بخار الماء الذى يصعد إلى السماء بشكل ملحوظ. الدخول إلى محطة لينينجراد النووية يسبقه عدد من الإجراءات الأمنية المشددة، تبدأ بتسجيل أسماء الزوار عبر دفتر يدوى يدون فيه بخط اليد، وباللغة الروسية، ويشمل اسم كل شخص ووظيفته ورقم جواز السفر وجنسيته، ويطلب التوقيع أمام كل اسم، حتى يتسنى دخول المحطة التى يفرز القائمون فيها على الأمن بفحص أوراق كل زائر واستخراج كارت مرور إلكترونى من أجل تخطى البوابات الأمنية الموجودة فى مدخل المحطة. تعلن الأسلاك الشائكة وكاميرات المراقبة الموجودة فى كل مكان، عن اقتراب بوابات محطة لينينجراد النووية والتى يحظى زوارها بعدد من التعليمات المشددة، سواء عدم التصوير نهائيا فى المدخل المؤدى لها، أو فى الإجراءات المتبعة للدخول إليها، إذ يوجد نحو 10 بوابات أمنية تعمل بنظام بصمة العين واليد، حتى يتم تمرير الكارت عبر الجهاز المخصص له، لتبدأ بعدها مرحلة التفتيش الذاتى، وإخراج كل ما هو معدنى والهواتف المحمولة، وترك الحقائب والأمتعة فى مكان مخصص لذلك، ليسمح لك اخيرا بالعبور إلى الداخل. على البوابة الرئيسية للمبنى استقبلنا الرجل القوى داخل المحطة، ويعرف باسم نيكولاى كاشن، رئيس قسم المعلومات فى محطة لينينجراد النووية، ويعمل فيها منذ تأسيسها قبل 45 عاما مضت، يرتدى «كاشن» سترة زرقاء عليها شعار روساتوم والمحطة النووية، متحدثا عن منطقة نوافير التبريد للأجهزة المصاحبة للمفاعل مثل الشفاطات العملاقة، حيث توجد 4 نوافير كبيرة تضخ المياه بقوة أسفل حوض كبير، على مدار الساعة، وفى مواجهة هذه النوافير وحدة إنتاج الطاقة فى المفاعل النووى من الجيل الثالث المطور”VVER-1200” والتى من المقرر أن يتم إنتاج نظيره فى مفاعل الضبعة. مبنى المفاعل النووى محاط بعدد لا بأس به من الأبواب تقودك إلى نفق ضيق تتخلله أنابيب ضخمة يصلك فى نهايته إلى مصعد كهربائي، يعمل بنظام الكروت الممغنطة والتى لا توجد إلا لدى عدد محدود من العاملين فى محطة لينينجراد النووية، وهم أعضاء غرفة التحكم الرئيسية فى المفاعل الذين يستقلونه بهدف الصعود إلى الطابق السابع حيث توجد غرفة كبيرة يشترط فيها عدم الاتكاء على أى من مكوناتها، بل تم التحذير بشكل صريح «ممنوع اللمس». المكان يتسع لعدد كبير من الشاشات الضخمة وأجهزة كمبيوتر حديثة وتليفونات أرضية لم تتوقف عن استقبال المكالمات طيلة فترة الزيارة التى استغرقت أكثر من نصف ساعة تقريبا، أوضح خلالها «كاشن» الآلية المتبعة داخل المكان الذى لا يهدأ أبدا إذ يستمر العمل فيه بشكل متواصل لمدة 24 ساعة بنظام ثلاث ورديات، كل واحدة يديرها 5 مهندسين فقط بالإضافة إلى رئيس المركز، ويعمل كل منهم بدوام كامل لمدة 8 ساعات متواصلة، ومع انتهاء كل وردية يتم عمل تسليم وتسلم للمهام فى صورة أشبه بوحدة عسكرية، إذ يخرج مدير المركز ومن معه بعد انتهاء مدة عمله ليدخل البدلاء عنهم فى لحظة واحدة دون السماح بالتأخير على الإطلاق. الغرفة مملوءة بالكثير من المؤشرات الفنية والأرقام الهندسية والمعادلات الرياضية التى لا يفهمها إلا المتخصصون، ولكن أهم وظيفة تقوم بها، بحسب ما قاله «كاشن» أنها ترصد كفاءة المفاعل وقدرته على العمل، وحالته ومستويات التبريد بداخله، وعمليات استهلاك الوقود النووى، ومراحل إنتاج الكهرباء وحجم الطاقة المنتجة منها لحظة بلحظة، تنتهى رحلتنا داخل غرفة التحكم، لكن العمل بها يظل ممتدا طوال اليوم دون توقف، توجهنا بعدها نحو غرفة التوربينة الرئيسية للمفاعل المسئولة عن تحويل الطاقة القادمة من المفاعل إلى كهرباء، بعد المرور على العديد من المراحل الفنية. وكشف «كاشن» أن التوربينة الرئيسية للمفاعل النووى مثبتة على ألواح خرسانية ووسائل فنية دقيقة لمنعها من الاهتزاز أو الميل، وأخرج من جيبه «روبل روسى» وهى العملة المعدنية المتداولة فى دول الاتحاد الروسي، قائلا :» من خلال روبل روسى واحد يمكن قياس مدى سلامة التوربينة الخاصة بالمفاعل النووى فيمكن وضع الروبل بصورة رأسية على قاعدة التوربينة ولن يسقط أبدا وسيظل كما هو، وبالفعل قدم هذه التجربة العملية ليكشف ثبات التوربينة، واستطاعت «انفراد» تصوير فيديو لهذه التجربة. «نيكولاى كاشن» أكد أيضا أن بناء محطة الضبعة النووية وأول وحدة طاقة بها سيتطلب خدمة نحو 60 ألف عامل ما بين فنى ومهندس فى مختلف التخصصات بداية من النقل وتصنيع الخرسانات حتى تأسيس وبناء غرفة التحكم المركزية، موضحا أن روساتوم لديها عمالة فنية مدربة ومتخصصون فى كل المجالات المتعلقة بالطاقة النووية، من الألف إلى الياء. وصلنا إلى المرحلة الأخيرة فى محطة لينينجراد النووية وهى أبراج التبريد، حيث يعمل بالمحطة اثنان من أبراج التبريد الضخمة جدا، التى تعمل فيها أنابيب ضخمة ثم تخرج كميات هائلة من البخار فى نهايات هذه الأبراج الخرسانية، التى يتم بناؤها بمئات الأطنان من الخرسانة المسلحة، والمواد المخصوصة، حتى تتمكن من القيام بدورها الرئيسى فى تبريد المحطة النووية بصورة آمنة دون أى عوائق. وقبل نهاية الزيارة كان لـ«انفراد» لقاء مع «إيجور لوجينكوف»، نائب رئيس مهندسى المحطة النووية، فى لينينجراد، والذى أجاب عن تساؤل حول تغطية المحطة بمنظومة دفاع جوى، وأسلوب التأمين والدفاع عنها، أكد أن هذه مهمة لا تقل عن الأمان النووى داخل المحطة، لافتا إلى وجود تنسيق وتأمين على أعلى مستوى للمحطة النووية، من خلال كل الأجهزة الحكومية المعنية. »لوجينكوف» طمأن المصريين قائلا إن العمل يتم على قدم وساق فى المحطة النووية التى سيتم بناؤها فى الضبعة، التى تحاكى تماما الموجودة داخل المحطة هنا من طراز “VVER-1200” وتابع يقول: «نحرص على تدريب الجانب المصرى على كل الإجراءات والأساليب الحديثة الخاصة بإدارة المفاعلات والتعامل معها بكفاءة عالية». الخروج من المحطة لا يقل أهمية عن دخولها، إذ يتم اتباع نفس النظام والإجراءات الأمنية للتأكد من أن الجميع خرجوا من المفاعل، وذلك بمطابقة الصور والبصمات بما تم تخزينه عند الدخول.


































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;