لم يعد هناك الكثير من الشكوك حول انحيازات مؤسسات كثيرة فى الإعلام الغربى تجاه ما يجرى فى مصر، ومن دون حاجة إلى نظريات مؤامرة يمكننا أن ندرك حجم الادّعاءات والتلفيق والكذب، وربما لسوء حظها أن العالم أصبح مفتوحا والمعلومات يصعب إخفاؤها، كما أن التدليس الإخبارى غالباً ما يتم كشفه، وما جرى فى التعامل الإعلامى من قبل بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى فى قضية الطائرة المصرية مثال واضح تماما، تعمد الكذب والتلفيق واضح ولا يحتاج إلى براهين.
رأينا تقريرا متدنيا مهنيا وأخلاقيا من نيويورك تايمز الأمريكية يهاجم مصر، ويسعى لتلفيق عطل أو أخطاء صيانة، ويقول إن الطائرة ما كان يجب عليها أن تطير. الصحيفة معروفة بتوجهاتها وتعمل بشكل واضح لحساب الآيرباص، فتنهال على مصر والطائرة ومصر للطيران، بمشاركة المدعين وفاقدى الشرف من متخصصى الفبركة، يبيعون ما يطلب منهم لمن يدفع، ومن المصادفات الدائمة أن قناة قطر الخاسرة التى تهاوت فى سجلات الإعلام تتناغم فى عملها مع نيويورك تايمز، لدرجة أنها تبدو فى حالة تنسيق، القناة القطرية تنشر، نيويورك تايمز تترجم، ثم تعود القناة القطرية، لتعيد ما نشرته الصحيفة الأمريكية.
وقد احتارت وكالات التلفيق الإعلامى وقنوات قطر ما إذا كانوا يشيعون انتحار الطيار أو تسرب دخان من الطائرة. لاحظ أن الطائرة الروسية عندما سقطت كان الحديث عن مطارات مصر، وعندما سقطت طائرة مصر للطيران كان الحديث عن مصر، ولا ذكر لفرنسا كطرف مهم فى القضية.
كل هذا التلفيق من الـ«بى بى سى» والقناة الأمريكية «سى إن إن» أو وكالة الأنباء إياها، مع الجزيرة، ومن اللافت أن كل هذا التلفيق بدا مكشوفا ومتناقضا، ويفضح نيات هذه الجهات التى كانت تختفى خلف طنين المهنية، أو تتداخل وتمول تقارير حقوقية مزيفة، والمال واضح فى كل هذه التقارير والمنشورات التى تفقد تأثيرها كأنها هواء.
هل كنا نحتاج إلى حادث كهذا، ليتأكد المصريون أن هذه الأدوات تمارس عملاً عدائياً وتدليساً وتلفيقاً، والمثير أنهم فى محاولة للتغطية على ما ينشرونه، يقولون إن المصريين يفسرون كل شىء بنظرية المؤامرة، ويكاد المريب يقول خذونى. فقط نحن بحاجة إلى أن نجمع كل هذه الإفرازات لنقدمها إلى المؤسسات الإعلامية والجهات التى عليها أن تقيم هذه الحملات والتلفيقات.
لقد تعاملت مصر منذ البداية بمسؤولية، وراعت كل الأطراف والتزمت بالموضوعية فى التعامل مع أزمة الطائرة، وهذا بشهادة الجهات التى تتعامل بموضوعية، لكنها واجهت حربا قذرة تبدو واضحة الآن أكثر من أى وقت مضى. الجهات المعنية بحاجة إلى أن تجمع كل هذا التلفيق، ليتم تقدميه إلى الرأى العام العالمى، وتكشف كيف تهاوت مؤسسات إعلامية كبرى فى مستنقعات التجهيل والادّعاء. وربما نحن بحاجة إلى تعامل مختلف من وزارة الخارجية، وهيئة الاستعلامات، حتى يمكننا كشف هذه الأكاذيب لمؤسسات إعلامية فاسدة تعمل لصالح من يدفع، وكان حادث الطائرة خير مثال، ليؤكد ما كان مجرد شكوك.