"الحزن والألم والجوع" ثلاث كلمات توصف حالة المشهد السورى خلال العام الجارى الذى تلقى خلاله السوريين لطمات متلاحقة تسبب في مزيد من الخوف والقهر بعد مرور عقد كامل من الدمار والخراب والتدخلات الخارجية التي استباحت الدولة السورية.
شهدت سوريا خلال العام الجارى تطورات على المستوى الإقليمى والدولى خاصة في المجال الاقتصادي أثرت سلبا على وضع السوريين وبددت آمال وطموحات أبناء الشعب السورى في حل الأزمات التي تعانى منها بلادهم في المستقبل القريب.
ورغم الفشل الذى يلاحق الكيانات السورية المعارضة لحكومة دمشق إلا أن هذه الكيانات لم تتوحد وباتت مشتتة ومتصارعة على كعكة التمويل الخارجي من أطراف إقليمية ودولية تسعى لفرض أجندتها الخاصة في المشهد السورى، ما وضع المعارضة السورية في خانة المتابع والمراقب والمنفذ لتوجهات هذه الدول دون وجود رؤية موحدة للحل.
تتصارع المعارضة السورية على مدار السنوات الماضية على المناصب والنفوذ والتمثل في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة إلا أنها تأبى توحيد صفوفها في كيان واحد ورؤية موحدة خلال العملية التفاوضية، ورغم تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات إلا أن فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي اختراق يذكر في المشهد السورى.
وتتصدر صفوف المعارضة السورية شخصيات فقيرة سياسيا ولا تمتلك من الخبرات ما يمكنها من فرض رؤية للحل السياسى، فضلا عن ارتهان بعض هذه الشخصيات للخارج بسبب التمويل أو الدعم الخارجي وهو ما يفقده أي حق في المشاركة بأى عملية تسوية شاملة للأزمة.
تناغم روسى – تركى لتقاسم النفوذ
شهدت الساحة السورية حربا مستعرة مطلع العام الجارى قادتها قوات الجيش السورى بدعم روسى ضد الفصائل المسلحة التي تمولها أنقرة شمال البلاد، وهى الحملة العسكرية التي استهدفت محافظة إدلب على الحدود مع تركيا ما أدى لنزوح آلاف المواطنين السوريين.
وتهدف العملية العسكرية التي قادتها قوات الجيش السورى للسيطرة على طريقي M5 وM4 الدوليين، حيث يربط الأول مدن دمشق وحُمص بمدينة حلب الاستراتيجية، وبقي مُغلقاً لسنوات كثيرة، بسبب سيطرة فصائل تمولها أنقرة على بلدة سراقب شرق محافظة إدلب، بينما يربط الثاني مدينة حلب بمناطق الساحل السوري عبر إدلب.
ودفع التصعيد السورى على الأرض لعقد جولات من المباحثات المكوكية بين الرئيسين التركي والروسي، وإدخال تركيا لقرابة 20 ألف من قواتها المسلحة إلى داخل محافظة إدلب، وحدوث مناوشات بين الجيشين السورى والتركي، وتوصلت الأطراف إلى اتفاق بين أنقرة وموسكو توقفت الحرب بموجبه، مع احتفاظ الجيش السوري بكامل المنطقة التي سيطر عليها خلال الأسابيع الثلاثة من الحرب، والتي قُدرت بثُلث مساحة محافظة إدلب، ونص على أن يكون طريق M4 الدولي مفتوحاً لجميع الأطراف، وأن تُشرف عليه دوريات مشتركة من الجيشين التركي والروسي.
وأبرمت أنقرة وموسكو صفقة يتم بموجبها إطلاق يد تركيا لاحتلال الشريط الحدودى بين بلدتى رأس العين وتل أبيب في الداخل السورى واستهداف قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، مقابل السماح لروسيا وقوات الجيش السوري باجتياح المناطق الشرقية والجنوبية من محافظة إدلب، وهو ما حدث.
تردى الوضع الاقتصادى
شهد العام الجارى انهيار كبير للعملة السورية أضعافاً أمام الدولار الأمريكي، ما أدى لارتفاع الأسعار بشكل جنونى تاركة هوة بالغة بينها وبين دخل المواطن المحدود.
تضمن قانون قيصر حزمة كُبرى من العقوبات على أفراد ومؤسسات الحكومة السورية الاقتصادية، وما قد يناظرها من شركات وأفراد مرتبطين به أو متعاملين معه أو داعمين له، أراد هز البنية المركزية لعصب النظام السوري، عبر وضع قيود على حركة الأموال والأعمال الاقتصادية التي ييسرها أو تتبادلها حكومة دمشق لتأمين حاجاته الاقتصادية خلال الحرب.
وحاولت حكومة دمشق إيجاد حلول لأزماتها الاقتصادية وأعلنت الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرجل الأعمال السوري الشهير رامي مخلوف، ليأتي قانون قيصر الأمريكي بعقوباته الصارمة ويزيد من الأعباء على كاهل المواطنين السوريين الذين تزاحموا على رغيف الخبز، وعلى السكر، وعلى الأرز، وأبسط مقومات الحياة اليومية.
حاول الرئيس السورى إيجاد حل للأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد ما دفعه لتغيير الحكومة في منتصف العام الجارى بإعفاء خميس ريس من رئاستها وتكليف حسين عرنوس إلا أن الأخير فشل في إحداث أي انفراجات بالأزمات المعيشية المتتالية، كما اندلعت الحرائق في عدة محافظات سورية وأتت على الأخضر واليابس، مخلفة أرزاق الناس رماداً تذروه الرياح.
كوورنا يضرب النظام الصحى
اجتاح فيروس كورونا المستجد الدولة السورية خلال ذروتين وفتك بالكثيرين نتيجة انهيار النظام الصحي بعد سنوات الحرب الطويلة، وفي ظل الحصار.