أخطر نائب رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك، الفريق أول محمد فوزى، بدعوة الرئيس السادات لمقابلته يوم 6 يناير، مثل هذا اليوم، عام 1976، فى استراحة القناطر الخيرية، وذلك من أجل المعاونة فى تسجيل أحداث ثورة 23 يوليو 1952، وبصفة خاصة أحداث معركة 5 يونيو 1967، حسبما يذكر الفريق فوزى للكاتب الصحفى عبدالله إمام فى كتابه «الفريق أول محمد فوزى، النكسة، الاستنزاف، السجن»، ويعتمد الكتاب على حوار مطول أجراه «إمام» مع «فوزى» يسجل فيه ذكرياته منذ بداية حياته العسكرية ضابطا فى القوات المسلحة المصرية، وتلك التى لم يسجلها فى كتابه «حرب الثلاث سنوات، 1967 - 1970» وكتابه «حرب أكتوبر 1973».
أصبح الفريق فوزى قائدا عاما للقوات المسلحة من 11 يونيو 1967، ثم وزيرا للحربية، والفريق عبدالمنعم رياض رئيسا للأركان، وأسند إليهما جمال عبدالناصر مهمة إعادة بناء الجيش المصرى بعد نكسة 5 يونيو 1967، وقادا حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، ثم تقدم «فوزى» باستقالته من منصبه يوم 13 مايو 1971 ضمن استقالات أخرى لعدد من كبار المسؤولين الذين عملوا بجوار جمال عبدالناصر، وقام السادات باعتقالهم وتقديمهم إلى المحاكمة، فى القضية المعروفة إعلاميا باسم «مراكز القوى»، وحوكم الفريق فوزى عسكريا، وقضت المحكمة بحبسه 15 عاما أشغال شاقة مؤبدة، وأفرج عنه السادات خلال عام 1974.
يكشف فوزى، أن السادات دعاه إلى مقابلته فى استراحته ببرج العرب يوم 2 سبتمبر 1974، وكانت هى المرة الأولى التى يقابله فيها بعد خروجه من السجن، ويتذكر أنه وهو مقبل عليه للسلام فى مدخل الاستراحة قال له: «بصمت لهم يا سى فوزى»، ويعلق فوزى: «هى مقولة ظلت عالقة فى ذهن السادات منذ أن فوجئ باستقالتى مع زملائى قادة ورجال عبدالناصر يوم 13 مايو 1971، وما ترتب على ذلك من انفعال وأسى وحزن فى شخصه، أما ما تلى هذه الاستقالة من أحداث اعتقال وتحقيق ومحاكمة للقائد العام للقوات المسلحة فلم يكن لها أى أثر فى نفسه».
يؤكد فوزى، أنه سارع بالرد على السادات، قائلا: «ما هو سيادتك السبب فيما حدث يعنى توافق على الاستعداد لبدء القتال وتحدد يومه، ثم تخذلنى فى آخر لحظة وترفضه وتضعنى فى موقف محرج أمام القادة والضباط وعاوزنى استمر معك، كلا.. إن مهمتى التى كلفنى بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يوم 11 يونيو 1967 بمواجهة العدو الإسرائيلى وبناء القوات المسلحة على أسس علمية فى نفس الوقت، انتهت يوم تراجعت عن تأكيد بدء الاستعداد لمعركة تحرير الأرض يوم 12 مايو 1971، حيث حررت استقالتى».
يذكر فوزى، أن السادات لم يعلق على مواجهته هذه، وقال: «أنا طلبتك للتهنئة بالإفراج ورفع المعاناة النفسية عنك، مش عاوز نفتح الموضوع تانى ونحاول ننساه، وأنا بادرت بطلبك بصفة خاصة تكريما لك ولن أكررها مع آخرين»، وكان يقصد زملاءه من القيادات الأخرى المسجونين أو الذين أفرج عنهم.. يضيف فوزى: «عاد الرئيس السادات، وقال: بقى بذمتك يا فوزى عبدالناصر كان ناوى يحارب؟».. فأجبته على الفور بنعم، إذ أن الرئيس الراحل عبدالناصر أصدر لى أمر الاستعداد للقتال ليكون فى آخر فترة إنهاء وقف إطلاق النار الذى كان محددا يوم 7 نوفمبر 1970، كما كان توجيه الرئيس الراحل لى وللزميل محمود رياض وزير الخارجية، أن التوقيت السليم لمعركة التحرير يجب ألا يتأخر عن ربيع عام 1971، لأسباب تتعلق بميزان القوى بيننا وبين إسرائيل.
يؤكد فوزى، أن السادات قام بتغيير موضوع الحديث، وسأله عن كيفية معاملة الفريق محمد أحمد صادق طوال فترة وجوده معه «كان فوزى وزيرا للحربية، وصادق رئيسا للأركان»، ثم نطق بألفاظ نابية ضده وهو يجز على أسنانه، وقال: «طلع خبيث وعيل وسوف يأتى له يوم»، وكرر السادات رغبته لـ«فوزى» فى نسيان موضوع القضية، وطلب منه عدم التردد فى طلب أى شىء يحتاجه، وانتهت المقابلة التى استمرت حوالى ساعة».
كانت المقابلة الثانية بعد عام وأربعة أشهر، وتحديدا يوم 6 يناير 1976، وجاءت فى سياق إعلان السادات عن تشكيل لجنة لكتابة تاريخ ثورة 23 يوليو 1952 برئاسة «مبارك»، ويصف الفريق فوزى هذه المقابلة بأنها «كانت مثيرة للغاية شهدها نائب الرئيس حسنى مبارك واستغرقت ساعتين».
بعد التحيات، شرح السادات فكرته عن كتابة تاريخ الثورة، فماذا قال فيها؟.. وماذا رد فوزى عليها؟