تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الأربعاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، الإشادة بمخرجات القمة الخليجية فى مدينة العلا بالسعودية، وما جاء بها منالتأكيد على متانة الروابط، وقوّة الأواصر، وحتمية المصير المشترك، يضاف لذلك تسليط الضوء على مطالب إلغاء تجريم الحشيش واستنكار ذلك، وإرثاء الدكتور طه الطوخى شيخ المدربين المصريين.
«العلا».. قمّة القمم !
قال الكاتب نجيب يمانى في مقاله بعنوان "العلا" .. قمة القمم.. في جريدة "عكاظ" السعودية، أقف الآن في موقف الحيرة والعجز، وأنا أُقلّب الطرف، وأجيل الخاطر في حديقة اللّغة، لعلّ عرائس المعاني تسعفني بباذخ ثمارها، ويانع قطافها، بما يناسب الحاجة الماسة لتوصيف قمّة العلا توصيفًا جامعًا، يرسم صورة حقيقية لما دار فيها.. وهي غاية لن أدركها مهما بلغت من حذاقة التعبير، وجودة السبك، ورفيع العبارة.. فما شهدته العلا كان أمرًا عصيًّا على التوصيف، أعلى مقامًا من العبارة في دقتها، وأبعد شأوًا من اللغة في صوغها.. شيء تحسّه بمسامك فقط، وتستشعره بقلبك، وتستطعمه بقشعريرة الفرح في سريرتك..
وأضاف الكاتب في مقاله أنها، قمّة أوفت بما وعدت، فكانت «قممًا» في قمّة؛ سبقتها البشارات البوارق قبل انطلاقتها، فكان تأكيد ولي العهد بأنها ستكون «قمة جامعة للكلمة موحدة للصف ومعززة لمسيرة الخير والازدهار»، وكان ذلك وعدًا بـ«العيد» في باكر اليوم، أليست ليالي العيد تعرف من «عصاريها»..؟
واستطرد قائلا، كانت قمّة للوفاء.. فها هو ولي العهد الأمين على منصّتها، يعلن عن توجيه خادم الحرمين الشريفين بتسمية هذه القمة بمسمى «قمة السلطان قابوس والشيخ صباح»، وفاء للراحلين، واستذكارًا لدورهما الرائد، وصنيعهما المشرق في مسيرة «مجلس التعاون"..
كانت قمّة للوعي بالمخاطر، واستنهاض الهمم لمواجهتها بروح التحدي والتضامن، فما أقوى الكلمات التي عبّر بها ولي العهد عن ذلك: «.. نحن اليوم أحوج ما نكون لتوحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، وخاصة التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي للنظام الإيراني وبرنامجه للصواريخ البالستية ومشاريعه التخريبية الهدامة التي يتبناها ووكلاؤه من أنشطة إرهابية وطائفية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، مما يضعنا أمام مسؤولية دعوة المجتمع الدولي للعمل بشكل جدي لوقف تلك البرامج والمشاريع المهددة للسلم والأمن الإقليمي والدولي»..
كانت قمة التأكيد على الثوابت التي قامت عليها المملكة، وحرصت عليها، وتستشرف بها العلاقة مع الجميع على قاعدة الاحترام المتبادل، والفائدة العامة: فما أعظم الرؤية التي عبر عنها ولي العهد في كلمته، بقوله: «إن سياسة أشقائكم في المملكة العربية السعودية الثابتة والمستمرة، وخططها المستقبلية ورؤيتها التنموية الطموحة (رؤية 2030) تضع في مقدمة أولوياتها مجلس تعاون خليجي موحد وقوي، إضافة إلى تعزيز التعاون العربي والإسلامي بما يخدم أمن واستقرار وازدهار دولنا والمنطقة».
إلغاء تجريم تعاطي الحشيش
قال الكاتب عبد الحميد البلالى، في مقاله بجريدة الأنباء الكويتية، يطرح البعض في الآونة الأخيرة في وسائل التواصل الاجتماعي دعوة خطيرة، ستؤدي في حال تطبيقها الى كارثة اجتماعية وأمنية كبيرة، هذه الدعوة الجريئة تأتي في سياق سلسلة من الدعوات المشابهة، بدأت منذ منع الخمر في الكويت في مطلع الستينيات، قد تتوقف مثل هذه الدعوات بعض الفترات، ولكنها لا تلبث ان تطفو للسطح تارة أخرى، ولكن المختلف في هذه الدعوة عن سابقتها، هي الجرأة في الدعوة الى «إلغاء تجريم تعاطي الحشيشة والماريجوانا» بحجج واهية، منها انها مخدرات آمنة، مثلها مثل بعض الأدوية المهدئة، وأن بعض الدول الغربية والولايات المتحدة ألغت تجريم تعاطيها. ولابد من تسليط الضوء، ومناقشة هذا الطرح من خلال 4 محاور:
المحور الأول: تاريخيا: لم يعرف العالم الإسلامي مخدر الحشيش إلا في نهاية القرن السادس الهجري، مع دخول المغول وهجومهم على العالم الإسلامي، وقد ذكر العالم ابن البيطار في كتبه «ولم أرى القنب الا في مصر، ويزرع في البساتين، ويسمى الحشيشة عندهم، وهو يسكر جدا، وإذا تناول منه إنسان يسيرا قدر درهم أو درهمين، حتى ان من أكثر منه يخرجه الى حد الرعونة، وقد استعمله قوم فأضل عقولهم... إلخ».
المحور الثاني: شرعيا: لم يكن المسلمون في العالم الإسلامي قبل القرن السادس الهجري يعرفون شيئا عن الحشيش، ولكنه عندما وصل إليهم، ورأوا آثاره السلبية الكثيرة، أفتى البعض في تحريمه، وتوقف البعض الآخر، ولكنه مع مرور الوقت، وثبوت آثاره المدمرة أفتى حتى من امتنع بتحريمه بالتحريم، وعلى رأس العلماء الذين قادوا محاربة هذا المخدر شيخالإسلام ابن تيمية، والذي قال فيما قاله: «قليل الحشيشة المسكرة، حرام عند جماهير العلماء، كسائر القليل من المسكرات، للقاعدة، «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام».
إن النظرة الشرعية التي يعتمدها الشرع في تحريم المأكول والمشروب، هي:
أولا: عدم الإضرار بالضروريات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها وهي: «الدين، النفس، النسل، المال، العقل»، فعندما يثبت علميا بأن طعاما او مشروبا له أثر على العقل (تنشيطا، او تهبيطا، أو تفتيرا) فيدخل في دائرة الحرام.
ثانيا: ان القاعدة التي ذكرها ابن تيمية بالتحريم هي حديث النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» والمسكر هو ما يؤثر على أداء العقل فيخمره اي يغطيه ويؤثر على أدائه، وكل سائل او مطعوم يؤثر على أداء العقل فيدخل بالحرام.
المحور الثالث: علميا: الحشيش او الميرغوانا، من نبات القنب الهندي (Caninabis) ويصنف انه من المهلوسات، وقد يستخدم في بعض الأحيان في تسكين الألم وتهدئة الأعصاب لتأثيره على قشرة الدماغ، إلا ان أضراره تفوق منافعه كثيرا، حيث يبدأ تأثيره بالشعور بالاسترخاء ثم النشوة، ثم النشاط الفكري، ثم تعقب ذلك الهلوسات والنوم العميق، ثم تحدث نوبات عصبية أحيانا، وتباطؤ التنفس، وازدياد التعرق، ثم يضعف التركيز، وقد يكون مستعدا للقيام بأعمال متهورة، وقد يرتكب بعض الأحيان للجرائم. ومن آثاره السلبية انه يسبب خللا في تقدير الزمان والمسافات، حيث يبدو عنده الزمن طويلا جدا، كما يسبب هلوسات سمعية وبصرية، وهذيان، وبشكل عام، فإن أخطر تأثيراته السلبية، تتركز على الجهاز التنفسي، والعقلي، وجهاز المناعة، ويزيد من البلادة والكسل.
مراحل التعاطي: ولابد من التعرف على مراحل التعاطي عند المدمن، والتي تتكون من 3 مراحل هي: التعود والتحمل والتسمم.
وما يهمنا في هذا النقاش هو المرحلة الثانية وهي مرحلة التحمل (Tolerance) أي أن المدمن عندما يتعاطى للمرة الأولى ويشعر بالنشوة ثم يكرر التعاطي للحصول على تلك النشوة، لا يجدها، أي يتشبع الجسم من ذلك المخدر، مما يجعله يزيد من الجرعة او يخلط مع المخدر مخدرا آخر، او انه ينتقل الى مخدر أقوى حتى يصل الى النشوة التي شعر بها في المرات الأولى. لذلك فمن النادر ان يبقى متعاطي الحشيش على الحشيش وحده، مما يجعله قطعا غير آمن.
المحور الرابع: ميدانيا: من واقع خبرتنا في الميدان في جمعية بشائر الخير، منذ ما يقرب من 25 عاما، نلتقي بآلاف المدمنين، ونرى ونعيش تفاصيل حياتهم منذ البداية حتى التعافي او السجن او الوفاة، وكل يوم نستقبل حالات جديدة من جميع الأعمال والعوائل، والمستويات الاجتماعية، كويتيين وغيرهم، فنرى انهيار الأسر، وتفكك العلاقات الزوجية، والكثير الكثير من الجرائم لمتعاطي الحشيش والميرغوانا، ونرى قصصا كثيرة من الفشل الاجتماعي، بسبب هذا التعاطي.
إن الدعوة لرفع تجريم تعاطي الحشيش دعوة خطيرة، حيث ان معظم متعاطي الحشيش ـ لا يثبتون على الحشيش، إنما هو جسر لبعض المخدرات الخطيرة، فالدعوة لرفع التجريم سيفتح الباب واسعا لزيادة أعداد المتعاطين، وتجار المخدرات، وارتفاع معدل الجريمة، وانهيار الأسرة الكويتية، فهل يعلم المنادون بذلك نتيجة ما يدعون له؟
وأخيرا نقول ان حجة إباحة بعض الدول الغربية للحشيش ليس مبررا لإباحته عندنا، فكثير من الأمور المنافية لمبادئنا وديننا وتقاليدنا أباحها الغرب، فهل نحن ملزمون بتقليدهم فيما أباحوا؟!
وداعا شيخ المدربين!!
أرثى الكاتب محمد الجوكر في مقاله بجريدة "البيان" الإماراتية، شيخ المدربين المصريين، طه الطوخى، وقال الكاتب، بعد أيام قليلة من تعرضه لوعكة صحية دخل على إثرها أحد مستشفيات القاهرة، توفي الدكتور طه الطوخي، شيخ المدربين المصريين، وبرغم مرضه «رحمه الله»، إلا أنه لم ينقطع عن التواصل اليومي معنا عبر مسجات «صباح الخير» حتى قبل وفاته بيومين، الطوخي إحدى أبرز أساطير التدريب وخاض تجارب عدة ناجحة قاد منتخب الكويت الأول عام 1970 لتحقيق لقب كأس الخليج في نسختها الأولى، تولى تدريب الهلال السعودي وناشئي شباب الأهلي والجزيرة محلياً، وله مكانة خاصة في قلوب الجميع لما يتمتع من أخلاق رفيعة، ونال تكريماً كبيراً من أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد على هامش حفل افتتاح خليجي 23 قبل 7 سنوات.
فكانت لمسة وفاء وقصة إنسانية جميلة، حيث لم ينسَ الأشقاء أثره ودوره وبصمته على المنتخب، ولهذا كان إحدى أجمل فقرات حفل الافتتاح، حيث تم تكريمه في افتتاح بطولة خليجي من قبل أمير الإنسانية وكنت ألتقيه صباح كل يوم أجلس معه وأتذكر معه حكاياته ورواياته التي تصلح لعمل تلفزيوني عن مونديال الخليج.
نعرف المغفور له بإذن الله تعالى جيداً، فقد عمل مدرباً بالإمارات فهو الوحيد الذي لم تستغنِ عنه الأندية فقد طلب بنفسه الإعفاء والسفر للبقاء مع أسرته فهو رجل يحمل كل معاني الإنسانية، فليس غريباً بأن يبقى دوماً في قلوبنا، على الرغم من اعتزاله التدريب عام 89، التي بدأها عام 68 في تدريب النصر الكويتي، جلسات «بوشريف» رحمه الله، كانت مشوقة تذكرني برجال الزمن الجميل الذين نفتقدهم اليوم، فصعب علي أن أنسى هذا الرجل الطيب إلا أنها حكمة الله بأن يفارقنا في هدوء، أتقدم بخالص العزاء إلى أسرته الكريمة سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.