<< عبد الناصر أكد الشعب الذى بنى الأهرام إجلالاً للموت، قادر على بناء السد هرماً جديداً تقديراً وتكريماً للحياة
<< الفكرة بدأت عبر دراسات عام 1952 وعبد الناصر خاض معركة دبلوماسية ضخمة لينجح فى بناء السد
<< عبد الحكيم عبد الناصر: حول أراضى جنوب الدلتا من الزراعة مرة واحدة إلى زراعتها عدة مرات بجانب توليد الكهرباء
لا يمكننا ونحن نتحدث عن الذكرى الـ 103 لميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ألا نذكر أنجاز السد العالى، الذى يمر خلال هذا الشهر أيضا 50 عاما على إنشاءه، وخاص جمال عبد الناصر معركة دبلوماسية كبيرة من أجل إتمام هذا المشروع الضخم الذى ما زالنا نجنى ثماره حتى الآن.
خاض الرئيس الراحل معركة دبلوماسية حامية الوطيس مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بجانب البنك الدولى، بعد تراجعهم عن تمويل السد، فقد استخدمت بريطانيا هذا الملف الخاص بتمويل السد من أجل استمرار تدخلها فى الشأن المصرى وهو ما رفضه جمال عبد الناصر الذى أصر على استقرار كامل وتام للدولة المصرية ليغير واجهته إلى الاتحاد السوفيتى.
رحلة بناء السد، بدأت مع دراسات عن إنشائه فى عام 1952 بعد أشهر قليلة من ثورة 23 يوليو، حيث تقدم حينها المهندس أدريان دانينوس إلى قيادة ثورة 1952 بمشروع لبناء سد ضخم عند أسوان يهدف إلى حجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه.
بعد تقديم تلك الدراسة، بدأ الرئيس الراحل الاهتمام بفكرة المشروع، خاصة أنه فى عام 1954 طرحت شركتان ألمانيتان هندسيتان إمكانية تصميم السد العالى، ومع بدايات حكم الرئيس الراحل، بدأ خطوات إنشاء هذا السد، ليبدأ معها البحث عن ممول لهذا المشروع الضخم، الذى كان سيتكلم أموال طائلة، وتعرض كل من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى المساهمة فى تمويل السد.
ولكن البنك الدولى سحب عرضه فى 19 يوليو 1956، لتمويل السد، لتتحول الوجهة إلى الاتحاد السوفيتى، حيث أعلن الاتحاد السوفييتى فى عام 1958، توقيع اتفاقية مع مصر وإقراضها لبناء السد، بـ 100 مليار جنيه، وبعدها تم توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، وبدأ العمل فى تنفيذ المرحلة الأولى .
وضع الرئيس جمال عبد الناصر، حجر الأساس لبناء السد العالي، وبلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء السد فى ذلك الوقت مليار دولار، وعمل السد على حماية مصر من الفيضان والجفاف، كما ساهم فى التوسع فى المساحة الزراعية، بعد توفر المياه، مما فتح الطريق للتوسع فى استصلاح الأراضى وزيادة مساحة الرقعة الزراعية، وعمل أيضاً على زراعة محاصيل أكثر على الأرض، وهو ما أتاح 3 زراعات كل عام.
اهتمام الرئيس الراحل ببناء السد العالى، ظهر بشكل جلى فى تصريحاته وخطاباته، ومن بنيها "إن الشعب الذى بنى الأهرام إجلالاً للموت، قادر على بناء السد هرماً جديداً تقديراً وتكريماً للحياة".
ووفقا لتأكيدات خبراء سدود أكدوا أنه تم اختيار السد العالى أعظم مشروع بنية أساسية فى العالم خلال القرن العشرين، لأنه غير مصير شعب بأكمله من دولة خاضعة للنهر لدولة متحكمة فيه من أجل التوسع الزراعى وتوليد الكهرباء، حيث نجح المصريون فى مواجهة فيضان نهر النيل وكذلك انخفاض منسوبة وتسببه فى الجفاف.
تحية كاظم، زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تحكى فى مذكراتها عن آخر خطاب للرئيس الراحل قبل وفاته وكان حديثه عن انتهاء بناء السد العالى قائلة: بقيت فى الإسكندرية حتى قبل رجوع الرئيس بيوم، ثم رجعت للقاهرة مع الأولاد لنكون فى استقباله، وكان قبل عيد ثورة 23 يوليو بأيام قليلة، حكى لى الرئيس عن بقائه فى الاتحاد السوفيتى وإنهم قالوا له إنها الطريقة التى يمكن أن يستريح بها أن يبقى هناك، وقال: لقد قلت لهيكل أن يتصل بك عند حضوره مباشرة حتى لا تقلقى.. فقلت: نعم لقد كلمنى هيكل وطمأننى، ثم كان يوم 23 يوليو 1970 فى المساء وجلست كالعادة أمام التليفزيون مع أولادى نستمع لخطاب الرئيس الذى أعلن فيه الانتهاء من بناء السد العالى وهنأ الشعب ببناء السد.. وكان آخر خطاب له فى عيد الثورة .
وتعليقا على بناء الرئيس الراحل للسد العالى، قال المهندس عبد الحكيم عبد الناصر، نجل الرئيس الراحل، إن هناك مشروعات عملاقة قامت بها ثورة 23 يوليو من بينها مشروع السد العالى، وهذه الثورة إذا لم تقم إلا بالسد العالى فهذا يكفيها، فهذا السد حمى مصر من أكبر جفاف تعرضت له مصر الذى بدأ فى أواخر السبعينيات واستمر إلى النصف الثانى من الثمانينيات، حيث جفت منابع النيل، ولم نشعر بهذا الجفاف لعظمة مشروع السد العالى فى بحيرة ناصر التى مدتنا بالمياه طوال فترة الجفاف.
وأضاف نجل الرئيس الراحل، فى تصريحات لـ"انفراد"، أن مشروع السد العالى، هو المشروع العظيم الذى حيكت من أجله المؤامرات لوقف تنفيذه بأى طريقة، ففى عام 1956 كانت جزء من الحروب التى نقوم بها بسبب هذا المشروع، فعادة مصر عندما تبدأ التعبير عن مصالحها وأهدافها ومصالح شعبها وتملك إرادتها تحاك ضدها المؤامرات والحروب.
وأشار المهندس عبد الحكيم عبد الناصر، إلى أن السد العالى حول أراضى جنوب الدلتا من الزراعة مرة واحدة إلى زراعتها عدة مرات بجانب الكهرباء التى خرجت من السد العالى بجانب زيادة الرقعة الزراعية، فالبعض يزعم أن ثورة 23 يوليو فتت الأراضى الزراعية ولكن الحقيقة أن ثورة 23 يوليو ومشروع السد العالى زادا من الرقعة الزراعية إلى 2 مليون فدان.
من جانبها، أكدت الدكتورة هدى عبد الناصر، ابنة الرئيس الراجل جمال عبد الناصر، أن السد العالى كان ملحمةحقيقية، قائلة: الرئيس الراحل مكنش بيقلنا هنعمل إيه فى السد لأن الإعلام كله كان بيتكلم عنه إحنا جيل طلع لقى ده أهم مشروع فى ذلك الوقت، والمشروع لم تكن قيمته فقط كسد كناحية مادية لكن روح من عمل وبنى هذا السد من مهندسين حيث كان جميع خريجى كليات الهندسة يتوجهون فور التخرج للسد العالى لمدة سنتينمما أسهم فى إفراز خبرات كثيرةوأسهم الجميع بداية من العمال وحتى المهندسين فى نجاح هذا المشروع الذى كان الأهم وقتها.
وأضافت الدكتورة هدى جمال عبد الناصر، فى تصريحات إعلامية، أن السد العالى كان معروفا إن قيمته أسهمت فى توسعة الرقعة الزراعة، متابعة: كلما مرت الأزمات يثبت مزايا السد العالى وإنشاؤه والمزايا المعنوية كبيرة، موضحة أن فكرة إنشاء السد العالى كانت موجودة من قبل ثورة 23 يوليو لكنها نفذت فى أعقابها، والفكرة كانت موجودة من قبل الثورة لكنها نفذت بعدها فى أعقاب إجراء دراسات بين المهندسين المصريين والألمان وكان مشروعا ضخما يحتاج إلى ترتيب وتنظيم.