تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بعيد الغطاس، اليوم الثلاثاء، بعد أن أقامت الكنائس قداسات مقصورة على الكهنة والشمامسة ليلة أمس، وقد ترأس البابا تواضروس قداس الغطاس في الإسكندرية، وسط إجراءات احترازية مشددة، دون حضور شعبى، وهو ما تم فى أغلب الإيبارشيات.
وعيد الغطاس هو عيد تعميد المسيح فى نهر الأردن، وهو من الأعياد السيدية الكبرى فى الكنيسة، وترتبط به عدة طقوس ومسميات، من بينها "برامون"، و"لقان"، وكلها أسماء لطقوس وصلوات ترتبط بهذا العيد.
وبدأ الأقباط خلال الاحتفال بالعيد، منذ ليلة أمس، بشراء عدد من الخضروات والفواكة المرتبطة به مثل القلقاس والقصب، والذى بدأ الباعة بيعه أمام الكنائس والشوارع القريبة منها.
وبدأ الأقباط صيام "البرامون" استعدادًا للاحتفال بعيد الغطاس 19 يناير الموافق 10 طوبة وفقًا للتقويم القبطى، وتُطلق عليه عدة أسماء، منها عيد تعميد المسيح، وعيد الظهور الإلهى، وعيد الابيفانيا، وعيد اللقان، وعيد برامون، وقد أُطلق عليه مسمى الغطاس نسبة لطقس المعمودية، وهو "تعميد السيد المسيح على أيدى يوحنا المعمدان فى نهر الأردن"، وهو أحد أهم أسرار الكتاب المقدس، الذى يقوم به القساوسة والكهنة لكل طفل مسيحى.
أطعمة عيد الغطاس
من ضمن العادات القبطية فى يد الغطاس، تناول عدد من الأطعمة والطقوس الشعبية وفى هذه الفترة من العام تتوافر فى مصر بعض المأكولات والمشروبات، فقام بعض الوعاظ وبالأخص فى صعيد مصر وبعض الآباء كهنة الكنائس بتقديم بعض التفسيرات فى هذه المأكولات حتى لا يتحول العيد إلى أكل وشرب دون منفعة وتعاليم روحية صادقة، ومن أشهر الأكلات القلقاس والقصب والبرتقال واليوسفى، ولكل منها علامة تشير إلى العيد (حسب تأملات المفسرين).
وبحسب تفسيرات لأنواع الأطعمة فإن القلقاس مادة هلامية سامة ومضرة للحنجرة، إلا أنها تتحول إلى مادة نافعة عند اختلاطها بالماء إشارة إلى الماء الذى يطهّر، أيضًا القلقاس ينمو فى باطن الأرض (أى مدفون) فيها ثم يخرج منها ليصير طعامًا، والغطاس هو نزول وصعود فى الماء، كما أن القلقاس يتم تنظيفه من القشرة الخارجية، وفى المعمودية يخلع الإنسان ثياب الخطية، ليصير ابنا مباركًا، أما القصب والبرتقال واليوسفى فتمتاز بغزارة السوائل الموجودة داخلها، وفيها رمز إلى المعمودية، ومذاقها الحلو رمز إلى بركة المعمودية.
وهناك تفسير لتناول القصب فهو نبات ينمو بالغمر فى المياه، وفى هذا تذكير بالميلاد الجديد بالمعمودية، وضرورة العلو فى القامة الروحية وإفراز الحلاوة من قلوب بيضاء نقية، تعتصر من أجل الآخرين، كما أن نبات القصب ينقسم إلى عقلات، وكل عُقلة هى فضيلة نكتسبها فى كل مرحلة عمرية حتى نصل إلى العلو، فالقصب قلبه أبيض وحلو الطعم، فالمستقيم القلب ينبع من قلبه الحلاوة وكل المشتهيات.
من أهم صلوات عيد الغطاس "صلاة اللقان" المرتبطة بعيد الغطاس المجيد أيضًا، وكلمة "اللقان" اسم يونانى للإناء الذى يوضع فيه الماء للاغتسال، وتعنى وعاء، وتوجد نماذج له فى كنائس مصر القديمة على شكل وعاء من الحجر أو الرخام، مثبت فى أرضية الكنيسة، بينما توضع المياه فى الوقت الحالى فى وعاء عادى، ويصلى عليها الكاهن.
وطقس اللقان يرتبط فى الغالب بالأعياد ذات الصلة بالماء؛ إذ تهدف الكنيسة من طقس اللقان فى عيد الغطاس، أو "الظهور الإلهى"، أن تتذكر معمودية السيد المسيح، وفى قداس "خميس العهد" يقام اللقان، لتذكر تواضع السيد المسيح حينما انحنى ليغسل أرجل تلاميذه، ويقام الطقس نفسه فى عيد الرسل؛ لأن الرسل تشبهوا بالمسيح فى الخدمة، وفى عيد الغطاس، تُقرأ النبوات من العهد القديم، من "كتاب صلوات اللقان"، ويقوم الكاهن بـ"رشم الصليب"، أو وضعه على جباه الرجال بعد الصلاة على المياه، كرمز للاغتسال من الخطية.
أمثلة شعبية عن عيد الغطاس
توجد فى مصر خاصة الصعيد، أمثال شعبية ترتبط بالغطاس، سواء للمسيحيين أو المسلمين اللذين تربوا على التراث الشعبى المصرى، ومنها: "اللي ما ياكلش قصب يصبح من غير عصب"، "شوية مطر وقداس وعودين قصب وحلة قلقاس"، "اللى مياكلش قلقاس يصبح من غير راس"، و"فى الغطاس مص القصب وأكل قلقاس"، و"يغطس النصرانى ويطلع البرد الحقانى"، و"ليلة الغطاس لحمة وقلقاس"، و"ليلة النص لحمة ورز".