رحلت عبلة الكحلاوى بعد عقود قضتها فى الدعوة وعمل الخير، فكان مشهد وداعها مهيبا، وأغدق المحبون عليها بالدعاء والرحمات. فى المقابل كان مشهد رحيل سيدة أخرى قبل خمس عشرة سنة فقيرا وبائسا، بعدما ادعت العمل فى خدمة الدين والدعوة، بينما كانت أكثر إخلاصا لانتمائها المعادى للدين والخير. هنا عبلة الكحلاوى، وفى المقابل زينب الغزالى، وشتان بين الاثنتين!
ليست كل النساء سواء، ولا كل العاملات فى حقل الدعوة على شاكلة واحدة، فبين عبلة الكحلاوى بما أنجزته طوال عمرها فى الدعوة والتربية وعمل الخير، من خلال دورها الاجتماعى والإنسانى وعملها بالجامعة وتأسيسها لجمعية الباقيات الصالحات، وبين زينب الغزالى وما تسببت فيه من عنف وإرهاب، عبر انحيازها لجماعة الإخوان، وتسخير كل جهدها لصنع أسطورة كاذبة عن مؤسس التنظيم حسن البنا، وتورطها فى أنشطة القطبيين وتنظيم 1964 الذى حاول تفجير القناطر الخيرية وإغراق الدلتا، فارق كبير لا يُمكن حسابه بالأرقام، لكنه يبدو واضحا جدا أمام مشهد الرحيل، والمساحة الشاسعة بين الرحمات المرسلة للأولى، واللعنات التى تلاحق الثانية منذ رحيلها إلى الآن!
عبلة الكحلاوي أم زينب الغزالى؟ مقارنة بين الخير والشر، بين المصرية والإخوانية، بين من دعت لله ومن دعت للإخوان، فـ"عبلة الكحلاوى" شاركت في الأعمال الخيرية والاجتماعية لتصبح داعية تنويرية مصرية 100% بينما زينب الغزالى وقعت شيكا على بياض لحسن البنا ليتحكم فيها كما يشاء من أجل خدمة تنظيم الإخوان وأهدافه.. فى السطور التالية مقارنة بين الداعية المصرية عبلة الكحلاوى والإخوانية زينب الغزالى موثقة بالصورة والصورة.
زينب الغزالى.. أسطورة إخوانية
بالبحث عن زينب الغزالى تجد أن الإخوان خلقوا حولها هالة وحالة، ونسجوا قصصا لتصورها على أنها داعية وعالمة عارضت الظلم ووقفت وفى وجه الطغاة، لكن الحقيقة تختلف تماما عما حول الإخوان زرعه في عقول المصريين، فإذا استمعت لفيديوهات "الغزالى" تجد أنها أكثر من خلق حالة من الأساطير والخرافات فى الإخوان حول حسن البنا، ليس هذا فحسب بل ألفت قصصا لتدعى بطولات زائفة وشجاعة واهية من أجل تشويه الدولة المصرية ورجالها وعلى رأسهم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
زينب الغزالى تزعم: الرسول أبلغنى أن الإخوان على حق
من بين الخرافات التى روجتها "الغزالى" وما ذكرته عن فترة سجنها زعمها بأن الرسول عليه الصلاة والسلام جاء لها في المنام ليؤكد لها أن الإخوان على حق حيث قالت:" كنت فى السجن وتيمت وصليت المغرب والعشاء وكان ناحية النافذة صليب داخل السحن يعلقون عليه المساجين وكنت بتألم جدا فى المرحلة دى وكان قلبى يتقطع وصليت العشاء ودعيت ربنا أنه يبعد عنى الصليب ده وأنا بدعى ربنا لا أدرى كيف أخذتنى سنة من النوم، فعلا نمت وأنا فى السجود، فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لى يا زينب فالتفت إليه فوجدت رسول الله، فقلت له أنت النبي، فأجبنى قائلا :" أنا محمد رسول الله وأنتم يا زينب على الحق".. فقلت له :" أنا يا سيدى يا حبيبى يا رسول الله أنا على الحق".. فقال لى النبى :" أنتم يا زينب ياغزالى على الحق".. فقلت له :" نحن يا سيدى يا رسول الله".. فقال للى الرسول للمرة الثالثة :" أنتم يا إخوان مسلمين على الحق".. فقمت من النوم وأنا ساجدة"، وأن الذى أدهشها أن الصليب الذى كان فى السجن ابتعد عن زنزانتها، على حد زعمها.
الكلاب تنهش فى جسد زينب الغزالى ولم تنزف نقطة دم
زينب الغزالى أيضا كانت لها خرافات روجها الإخوان، ففى كتابها الذى يحمل عنوان "أيام من حياتى" تقول فيه:" فى السجن دخلونى حجرة فيها 20 أو 30 كلب وأطلقوا الكلاب علي التى غرست أنيابها فى كل جسدى حتى وجهى، وتركونى لساعات طويلة، وحسيت أن كل هدومى اتملت دماء، وبعدين لما فتحت عينى وابتعدت عنى الكلاب لم أجد أى دماء واستغربت جدا".
الغزالى توقع شيكا على بياض لبيع نفسها لحسن البنا
أهم الكلمات التي خرجت من فم زينب الغزالى وتكشف حقيقة دعواتها للإخوان، وأنها وقعت شيكا على بياض لحسن البنا ليتحكم فيها كما يشاء من أجل الإخوان وأهداف الجماعة، وقولها:" جبت ورقة صغيرة وكتبت فيها سيدى الإمام حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين زينب الغزالى اليوم ومن الساعة هى جارية تملك أن تبيعها لحساب الدعوة وأن تستثمرها بما تشاء، هى أمة لا يستطيع أن يتصرف بهذه الأمة غيرك، تبيعها لحساب الدعوة".
زينب الغزالى تصف حسن البنا بـ"الصحابى الجليل"
"حسن البنا صحابى ضمن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، بهذه الكلمات وصفت زينب الغزالى القيادية الإخوانية حسن البنا مؤسس التنظيم ومرشدها الأول، قائلة فى فيديو تم تداوله مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعى: "حسن البناء لم يكن رجلا عاديا، ولكنه كان رجلا عظيما، وكان صحابيا جليلا".
وواصلت "الغزالى" مدح حسن البنا الذى أسس تنظيم الإخوان عام 1928 لتكشف للجميع حجم تقديس القيادات داخل جماعة الإخوان الإرهابية، بقولها:"حسن البنا يسير وحوله 6 من الرجال ويجلسون حوله ويحكى لهم البنا عن غيبة الإسلام وغيبة الحكم بالإسلام وغيبة القرآن" مضيفة: "نعم نريد أن نؤسس دار ابن الأرقم من جديد ونريد الدولة الحاكمة".
وتابعت زينب الغزالى التى كانت ضمن من تم إلقاء القبض عليهم فى تنظيم 65 الذى تزعمه سيد قطب: "ويتسابق الرجال العظم الـ6 على مبايعة حسن البنا.. لك أنفسنا ولك أموالنا ولك كل ما نملك"، واستكملت الغزالى شرح المشهد بقولها: "ويبسط البنا يده والنور يشع من اليد المباركة وتقبض على أيدى الرجال ويبايع الرجال البنا ليصبحوا هم طليعة تلك الجماعة".
عبلة الكحلاوية.. داعية مصرية لخدمة الإنسانية
تجلي ظهور حب المصريين لعبلة الكحلاوي أثناء إصابتها بفيروس كورونا قبل وفاتها، فخلال دقائق معدودة من نشر أى خبر كان يخص الحالة الصحية للداعية الدكتورة عبلة الكحلاوى تحصد ملايين المشاركات والإعجابات على شبكات التواصل الاجتماعى، كلها كانت تدعو لها بأن يمن الله عليها بالصحة والعافية ويذهب عنها البأس والمرض، رغم أن كثيرا من الشخصيات العامة تعرضت لأزمات صحية خلال الأسابيع الماضية بفعل فيروس كورونا، لكن حالة التفاعل والتكاتف فى الدعاء من أجل عبلة الكحلاوى بالاستثناء ويمكن وصفها بأنها غير مسبوقة، ولكن شاء القدر أن تموت عبلة الكحلاوي ويتجلى ظهور حب المصريين لها أثناء تشييع جثمانها.
الأسباب ربما ترتبط بالأداء الدعوى لعبلة الكحلاوى، فمنذ أن تصدرت الشاشات لم نرها يوما تهدد أو تتوعد، لم نسمع منها يوما خطابا زاعقا يستدعى سوء الخاتمة والويل والثبور وعظائم الأمور، طوال الوقت هى ذات الصوت الخفيض الحنون، تشعر كما لو كانت أمك، أو أختك أو أى من نساء عائلتك اللائى تخجل من ذنبك أمامهن ويصبح العودة إليه أمرا غير وارد بالمرة فى ذهنك لمجرد أنك تخشى من أن تخلف وعدك مع أى منهن، هذه هى عبلة الكحلاوى وهكذا دعتنا هى إلى الله.
فى كل البرامج التى كانت تظهر فيها عبلة الكحلاوى كانت هناك فقرة ثابتة وهى الدعاء، وليس من قبيل المبالغة حين نقول إن الدعاء بصوتها كان يحمل قدرا هائلا من الخشوع والتوسل الصادق إلى الله، كنت تشعر كما لو أنها تدعو نيابة عنك، وأن هذا الدعاء من فرط صدقه لن يخطئ أبواب السماء بإذن الله أبدا، لذا ليس مستغربا أبدا أن يرزقها الله اليوم بكل هذه الجموع والملايين لكى تدعو الله لها أن يمن عليها بدخول الجنة دون سابقة عذاب.
ماتت عبلة الكحلاوي وذهبت إلى دار الحق لكننا لن نسى كيف خدمة هذا الإنسانة الإنسانية جمعية الباقيات الصالحات التي أسستها لرعاية الأطفال الأيتام ومرضى السرطان وكبار السن من مرضى الزهايمر.