توقعات متفائلة باستمرار عن الاقتصاد المصرى، وفى كل مرة تكون صادر من مؤسسات أو جهات دولية لها ثقل ووزن اقتصادى، فما هو سبب هذا التفاؤل الكبير بالاقتصاد المصرى رغم جائحة فيروس كورونا، التي أثرت بالسلب على كافة الاقتصاديات العالمية.
بداية، كشف أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر سجل نموًا يُقدر بـ0,2% في عام 2020، متوقعًا أن يحقق نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر قفزة ليصل إلى 4,5% في 2021، رغم ما خلفته جائحة كورونا (كوفيد-19) من تبعات اقتصادية واجتماعية مُدمرة حول العالم.
وقال تقرير "آفاق النمو الاقتصادي لعام 2021" الصادر 25 يناير 2021 وهو تقرير سنوي شامل للأمم المتحدة يدرس آفاق تطور الاقتصاد الكلي للعالم للعام 2021- إن الزيادة المتوقعة في نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري تأتي مدعومة بتعاف قوي على مستوى الطلب المحلي، وغياب القيود الشديدة على ميزان المدفوعات.
وبحسب البيانات الواردة بالتقرير الصادر عن إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) ولجان الأمم المتحدة الإقليمية الخمس، فإن هذه الزيادة تضع الاقتصاد المصري في صدارة الاقتصادات الأفريقية الأكثر نموا في 2021، إذ يتوقع التقرير أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا بواقع 1,5% في 2021 بعد أن تقلص بنسبة 3,5% في 2020، بينما توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي لجنوب أفريقيا بنسبة 3,3% في 2021، بعد انكماش بلغ 7,7% في 2020، محذرا في الوقت ذاته من أن حدوث تعاف قوي ومستدام في جنوب أفريقيا يظل غير مؤكد في ظل عجز الطاقة وارتفاع الدين الحكومي والتحديات على مستوى السياسات.
أما بالنسبة إلى إثيوبيا، فيتوقع تقرير آفاق النمو الاقتصادي لعام 2021 أن ينمو الاقتصاد الإثيوبي بواقع 2,3% فقط في 2021 بعد انكماش بواقع 0,5% في 2020.
وبشكل عام يشدد التقرير على أن تحقيق تعاف مستدام من الجائحة لن يعتمد على حجم الإجراءات التحفيزية وسرعة توفير اللقاحات فحسب، وإنما على جودة وفعالية تلك الإجراءات لبناء المرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية.
ويوضح التقرير أنه بعد انكماش بنسبة 3,4% في 2020، فمن المتوقع أن تحقق أفريقيا تعافيا اقتصاديا متواضعا مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3,4% في 2021، اعتمادا على زيادة الطلب المحلي وتحسن الصادرات وأسعار السلع.
وعلى المستوى العالمي، فإن التقرير يُحذر من أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المُدمرة لجائحة كوفيد-19 ستبقى ملموسة خلال السنوات القادمة ما لم تكن هناك استثمارات ذكية في بناء المرونة الاقتصادية والاجتماعية والمناخية بما يضمن تعافيا قويا ومستداما للاقتصاد العالمي.
ويُشير التقرير إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.3 في المائة في 2020، وهو ما يزيد بواقع مرتين ونصف عن الانكماش الذي حدث للاقتصاد العالمي أثناء الأزمة العالمية في 2009، ويُحذر من أن النمو المتواضع المتوقع للاقتصاد العالمي في 2021 والذي يقدر بـ4,7% سيغطي بصعوبة خسائر عام 2020.
ورفع صندوق النقد الدولى مستهل هذا الشهر، توقعاته لنمو الاقتصاد المصرى فى السنة المالية الجارية إلى 2.8%، بما يضاهى الحد الأدنى لنطاق تقديرات الحكومة نفسها بفضل انكماش أقل حدة خلال جائحة فيروس كورونا، وهنا لماذا يتوقع الصندوق نمو الاقتصاد المصرى رغم استمرار التأثيرات السلبية لجائحة كورونا؟.
وقال الخبير الاقتصادى خالد الشافعى، إن مصر إحدى الدول القليلة التى حققت نمو موجب بـ 3.6% خلال ازمة كورونا، وكذلك حظيت مصر موافقة المؤسسات المالية الدولية على منح مصر قروض وهو ما ينعكس ويؤكد متانة وقوة الاقتصاد الوطني في مواجهة أزمة فيروس كورونا، وهذا كان فيه إشادة المؤسسات المالية الدولية بالسياسات الاقتصادية والمالية المصرية المتبعة، وبما انعكس على تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى.
وأضاف فى تصريحات خاصة، أن هناك ثقة المؤسسات المالية فى قدرة مصر على التعامل مع الصدمات الخارجية رغم التداعيات السلبية لأزمة تفشى فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى أن استقرار المالية العامة فى مصر يؤكد سلامة برنامج الإصلاح الاقتصادى والذى مكن مصر من الصمود حتى الآن، وهنا صندوق النقد يعتمد فى تقييماته على الأرقام الحقيقة للاقتصاد الوطنى.
وأشار إلى أن توقعات صندوق النقد تتزامن مع ارتفاع الاحتياطي الدولارى وهو يسهم فى احتواء الأثر الاقتصادى والمالى لجائحة كورونا، والتى تضررت منها كبرى الاقتصاديات العالمية، وكل هذا ناتج لكون الاقتصاد المصرى اتخذ إجراءات مكنته من الصمود أمام الجائحة ،وهو ما سبب إشادة دولية بالاقتصاد الوطنى، وهناك قطاعات بالفعل تضررت مثل السياحة وبعض القطاعات الأخرى المرتبطة بالصدير، لكن إجمالا الاقتصاد حقق نجاحات كبيرة في مواجهة الأزمة.
وتابع، أن معدلات النمو الموجبة ستظل مستمر معنا خلال 2021 وهذا بسبب الدفعة القوية للاقتصاد الوطنى ومع الاستمرار فى تنفيذ مشوعات مصر القومية والحفاظ على معدلات الإنتاج اضافة الى استمرار جذب المزيد من الاستثمارات واستمرار برنامج مصرالاصلاحى.