كشفت دار الإفتاء المصرية في أحدث أعمالها والذى حمل عنوان " التأسلم السياسى"، موقف كبار علماء الأزهر من جماعة الإخوان، حيث تم استعراض بيانات هيئة كبار العلماء وشيوخ وعلماء الأزهر الشريف من أزمنة مختلفة ومنذ إنشاء جماعة الإخوان الإرهابية على يد مؤسسها حسن البنا.
الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي
طالبَ الشيخُ – رحمه الله - رئيسَ الوزراءِ "أحمد ماهر" بحلِّ جماعة الإخوان، وكانت علاقة الشيخ المراغي بحسن البنا علاقة وطيدة، بالنظر إلى أن البنا أسس جماعةً دعوية غرضها الدعوة للفضائل والتربية، ولذلك حدث تجاوب بين المراغي والبنا، وعندما تُوفِّي رشيد رضا ووقع الاختيار على البنا لرئاسة مجلة (المنار)، سَعد شيخ الأزهر مصطفى المراغي بذلك، وأشادت جريدة الإخوان بما قاله.
لكن ظهر للشيخ المراغي الوجه الحقيقي لجماعة الإخوان، وتبين له أن الأمر لا يعدو عن كونه وسائل مختلفة غرضها تحويل الجماعة إلى مرجعية بديلة عن الأزهر ورجاله من غير أن تكون مؤهلة لهذا الأمر، فأباحت لنفسها الفتوى في الدين، ومن هنا طالب الإمام المراغي بحل الجماعة، ومطالبة الشيخ المراغي بحل جماعة الإخوان نشرتها مجلة الإخوان الأسبوعية، تحت عنوان: أربع محاولات لحل جماعة الإخوان.
بيان جماعة كبار العلماء نوفمبر 1954م
وقد جاء نص هذا البيان كما يلي: (هذا نداءٌ من جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف، نتجه به إلى الشعب المصري الكريم وإلى سائر المسلمين ... أيها المسلمون: إن الدين الإسلامي دين توحيد ووحدة وسلام وأمان، وهو لذلك رباط وثيق بين الناس وربهم، وبين المسلمين بعضهم وبعض، وبينهم وبين مواطنيهم ومن والاهم من أهل الكتاب، فليس منه تغرير ولا تضليل، وليس منه تفريق ولا إفساد، ولا تآمر على الشر ولا العدوان، وقد قام الإسلام من أول أمره على هذه المبادئ، فجمع بين عناصر متنافرة، وقرب بين طوائف متباعدة، وأقام حياة المجتمع الإسلامي على أسس قوية كريمة، وقد ابتلى المسلمون في عصورهم المختلفة بمن أخذوا تلك المبادئ على غير وجهها الصحيح، أو لعبت بعقولهم الأهواء، فجعلوا منها باسم الدين وسائل يجتذبون بها ثقة الناس فيهم، ويستترون بها للوصول إلى غاياتهم ومطامعهم، والتاريخ الإسلامي حافل بأبناء تلك الطوائف التي شبت في ظلاله، وزعمت أنها جنود له، ثم كانت حربا عليه أشد من خصومه وأعدائه، وقد كان ظهور طائفة الإخوان المسلمين - أول الأمر- ما صرف الناس عن التشكيك فيهم، والحذر منهم، بل كانت موضع ارتياح فيما اتخذت من أساليب الدعوة، واجتذاب جمهرة من الناس ناحية الدين، ولكنه - والأسف يملأ نفس كل عارف بدينه ومخلص لأمته ووطنه - قد شذ من هذه الجماعة نفرٌ انحرفوا عن الجادة، وسلكوا غير ما رسم القرآن، فكان منهم من تآمر على قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وترصد لاغتيال المجاهدين المخلصين، وإعداد العدة لفتنة طائشة، لا يعلم مداها في الأمة إلا الله، وجماعة كبار العلماء تستنكر هذا الانحراف عن منهج القرآن في الدعوة، وتشكر الله العلي القدير أن أمكن لأولي الأمر في هذه الأمة أن وضعوا أيديهم على بذور الفتنة ووسائلها، قبل أن يشتد أمرها، ويستفحل خطرها، وتعلن أن الخروج عن الدعوة التي رسمها القرآن الكريم، وسلوك سبيل العنف بالإرهاب والعدوان، والتضليل والخداع مشاقة لله ورسوله – صلى الله عليه وسلم-، وافتيات على الإسلام بما ينكره الإسلام ويأباه، ويعتبر صاحبه في صفوف المتعدين حدود الله { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 231]، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]، وجماعة كبار العلماء تنصح المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتجهوا إلى الدين، فيفهموا مبادئه وإرشاداته على وجهها الصحيح، ويلزموها في حياتهم الخاصة فتسلم الأسرة، وفي حياتهم العامة فتسلم الأمة، وأن يكونوا يدًا واحدةً وقوة واحدة في حفظ كيان المجتمع والذود عن كرامته، والاعتصام بحبل الله".
بيان الأزهر الشريف عام 1965م
في سنة 1965م صدر بيانٌ من الأزهر الشريف بعنوان: "رأي الإسلام في مؤامرات الإجرام" كتبه الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون، قال فيه:
"وإذا كان القائمون على أمر هذه المنظمات قد استطاعوا أن يشوهوا تعاليم الإسلام في أفهام الناشئة، واستطاعوا أن يحملوهم بالمغريات على تغيير حقائق الإسلام تغيرًا ينقلها إلى الضد منه، وإلى النقيض من تعاليمه، فإن الأزهر لا يسعه إلا أن يصوب ضلالهم، ويردهم إلى الحق من مبادئ القرآن والسنة المشرفة، وإن الإسلام الذي يتجرون باسمه يصون حرمة المسلم في دمه وماله وعرضه، وقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- لا يحل دم مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وقال: "من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا"، وإذا ثبت هذا في اغتيال النفس الواحدة فما بالك باغتيال الجماعات البريئة وترويع الآمنين الوادعين، والاعتداء على المال العام، والمصالح المشتركة، والمرافق الحيوية التي يحيا بها الوطن وتعيش عليها الأمة".
الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي
قال في كتابه: "بيانٌ للنَّاس من الأزهر الشريف": "وأخطر أنواع الانحراف هو انحراف الفكر، ثم ظهرت في العشرينيات من مارس 1928م (تاريخ نشأة جماعة الإخوان) حركة تنادي بوجوب الاستغناء عن القوانين الوضعية والعودة إلى القوانين الإسلامية بحكم أننا دولة إسلامية، وأن تاريخنا الطويل منذ عهد الفراعنة ورسالة إدريس عليه السلام يقوم على الدين، وأن حضارتنا في جميع عصورها مصبوغة بصبغة دينية، إلى جانب أننا كبشر لا يصح أن نستغني عن هداية الله بهداية غير الله تمسكا بالمادة الأولى في دستور الحياة البشرية يوم أن أهبط الله آدم إلى الأرض.
وكان من أثر هذا الاعتقاد انحرافٌ في السلوك أدَّى إلى قتلٍ واغتيالٍ وتخريبٍ وفتنةٍ راح ضحيتها أبرياء، نسجل للتاريخ بعض هذه الأحداث فيما يلي:
1- اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في 1948م.
2- اغتيال رئيس جماعة الإخوان حسن البنا في 1949م كرد فعل لاغتيال النقراشي.
3- محاولة اغتيال جمال عبد الناصر سنة 1954.