"مقرئ برتبة شاويش".. ذكرى رحيل الشيخ راغب مصطفى غلوش أصغر قارئ قرآن الكريم بالإذاعة المصرية.. زامل كبار القراء وهو شاب فى الـ 20 من عمره.. التحق بالإذاعة أثناء تأدية الخدمة العسكرية بالأمن المركزى.. ص

كانت لجنة اختبار القراء والمبتهلين قد انعقدت وشمر كل عضو منها عن ساعديه لاختبار هذا العدد من المتقدمين للاختبار أملا فى الاعتماد قراءً بالإذاعة، فى الخارج كان وسط هذا العدد شاب يرتدى الملابس العسكرية فوجئ به الحضور يتلو آيات من القرآن الكريم كنوع من الاستعداد للاختبار، فتعجبوا له كثيرًا ليفاجئهم بأنه زميل لهم أتى للاعتماد قارئًا فى الإذاعة. أيام قليلة وقبل أن ينهى "القارئ العسكرى" خدمته العسكرية وصل إليه خطاب الإذاعة بالموافقة على اعتماده أصغر قارئ للقرآن الكريم بالإذاعة المصرية، بعد نجاحه هو و6 آخرين من بين 160 قارئًا، وكان عليهم الحضور للتصفية النهائية، إنه القارئ الشيخ راغب مصطفى غلوش أحد أبرز قراء القرآن الكريم والذى تمر اليوم الخميس 4 فبراير ذكرى رحيله الخامسة. ولد الشيخ راغب مصطفى غلوش فى قرية برما التابعة لمركز طنطا بالغربية فى 5 يوليو عام 1938، وحفظ القرآن الكريم قبل أن يكمل العاشرة من العمر، ذاع صيته فى القرى المجاورة لبلدته كأصغر قارئ قرآن كريم، وأصبح يزامل كبار القراء فى الأمسيات الدينية والسهرات والعزاءات. التحق الشيخ الشاب راغب مصطفى غلوش بالخدمة العسكرية عام 1958 وكان عمره يقترب من العشرين، ويقول هو عن هذه الفترة: "نظراً لالتحاقى بقوات الأمن المركزى بالدراسة كنت أتردد دائماً على مسجد الإمام الحسين عنه لأصلى وأتطلع لأن أقرأ ولو آية واحدة بأكبر مساجد مصر والقاهرة وأشهرها وكنت حريصاً على تقديم نفسى للمسؤولين عن المسجد حتى تتاح لى الفرصة لأقرأ عشراً أو أرفع الأذان فى هذا المسجد الكبير فتعرفت على شيخ المسجد المرحوم الشيخ حلمى عرفه وقرأت أمامه ما تيسر من القرآن فأعجب بى جداً .. وذات يوم أفصحت له عما أتمناه وطلبت منه أن يسمح لى بالأذان وقراءة عشر قبل إقامة الصلاة، فقال لي: يا راغب إذا تأخر الشيخ طه الفشنى فسيكون لك نصيب وتؤذن العصر وتقرأ العشر". ويضيف: "فدعوت الله من كل قلبى أن يتأخر الشيخ طه الفشنى وكأن أبواب السماء كلها كانت مفتحة فاستجاب الله لى وتأخر الشيخ طه الفشنى واقترب موعد الأذان فقال لى الشيخ حلمى جهز نفسك واستعد، وقال لملاحظ المسجد خذ راغب علشان يؤذن فأخذنى وأوقفنى بجوار الشيخ محمد الغزالى حتى انتهى من إلقاء الدرس بحلول موعد أذان العصر، و كان وقتها الشيخ مصطفى إسماعيل يضيف عبارة فى آخر الأذان ويقول: "الصلاة والسلام عليك يا نبى الرحمة يا ناشر الهدى يا سيدى يا رسول الله" فكنت أؤذن كما لو أن الشيخ مصطفى هو الذى يؤذن، كل ذلك وأنا مرتدى الزى العسكرى الذى لفت أنظار الناس إليّ". ويتابع الشيخ راغب مصطفى غلوش:"وكان هذا فى رمضان والصوت فى الصيام يكون رخيما وناعماَ وجميلاً عذباً، وقرأت العشر وبدأت بسورة الحاقة فانقلب جو المسجد إلى ما يشبه سرادقاً فى ميدان واندمجت فى التلاوة بتشجيع الناس لى والله يفتح عليك ويبارك فيك تانى الآية دى وقرأت آيات أكثر من مرة بناء على طلب الموجودين بالمسجد ووصل وقت التلاوة إلى أكثر من نصف ساعة، وعدت إلى المعسكر وفرحتى لا توصف وزادت ثقتى بنفسى مما جعل القائد يسلمنى مسجد المعسكر كمسؤول عنه طوال مدة خدمتى .. وللحق كان القائد يسمح لى بالخروج فى أى وقت فكنت أتردد كثيراً على مسجد الإمام الحسين واشتهرت به وفرحت بذلك تماماً لأننى أقرأ بمسجد يقرأ السورة به المرحوم الشيخ محمود خليل الحصرى ويؤذن به المرحوم الشيخ طه الفشنى ويلقى الدرس به والخطبة المرحوم العالم الجليل الشيخ محمد الغزالى إنه لشرف عظيم يتمناه كل من هو فى سنى وكل من هو حافظ للقرآن". ويستطرد الشيخ راغب مصطفى غلوش: "كان من بين رواد المسجد الحسينى محمد أمين حماد مدير الإذاعة المصرية آنذاك فقال له الحاضرون يا أستاذ اعط راغب كارت حتى يتمكن من دخول الإذاعة لتقديم طلب الالتحاق كقارئ بالإذاعة وفعلاً أعطانى الكارت وقال تقابلنى غداً بمكتبى بمبنى الإذاعة بالشريفين، ذهبت إلى مسجد الإمام الحسين فوجدت الشيخ حلمى عرفة وبصحبته اللواء صلاح الألفى واللواء محمد الشمّاع ووافق الثلاثة على الذهاب معى لمقابلة مدير الإذاعة الذى أحسن استقبالى بصحبتهم وكتبت الطلب وبه عنوانى بالبلد وجاءنى خطاب به موعد الاختبار كقارىء بالإذاعة المصرية وذلك قبل خروجى من الخدمة بشهر، وحسب الموعد ذهبت إلى الإذاعة ليتم اختبارى أمام اللجنة ووجدت هناك حوالى 160 قارئاً فقالوا لي: أنت ضمن الحرس؟ لأننى كنت مرتدياً الزى العسكرى – فقلت أنا زميل لكم وعندى امتحان مثلكم فتعجبوا وقال بعضهم ندعوا الله لك، وبعد الاختبار بعشرين يوماً جاءنى خطاب من الإذاعة بما حدث أثناء اختبارى كقارئ بالإذاعة فأخذت الخطاب، واطلعت على النتيجة فوجت أننى ضمن السبعة الناجحين من 160 قارئاً ولنا تصفية للاختبار فى الصوت" ويضيف الشيخ راغب مصطفى غلوش:"حصلت على شهادة إنهاء الخدمة وذهبت إلى بلدتى فوجدت ما لم أتوقع قابلنى أهل القرية مقابلة غريبة عليَّ، الفرحة والسعادة تعمرهم ويقولون لى ألف مبروك يا راغب واحتضنونى وكادوا يحملوننى على أعناقهم كل هذا وأنا غير مصدق لما يحدث فقلت لهم: هو انتم عمركم ما شفتم عسكرى خرج من الخدمة إلا أنا إيه الحكاية؟ فقالوا هو أنت ما سمعتش الخبر السعيد؟ فقلت لهم: وما هو الخبر السعيد ؟ قالوا: صورتك واسمك فى كل الجرايد بالخط العريض "شاويش ومقرئ"، وكأنه كان مكافأة إنهاء خدمتى الوطنية عام 1962م، لأكون أصغر قارئ بالإذاعة فى عصرها الذهبى وذلك عام 1962م. سافر الشيخ راغب مصطفى غلوش إلى معظم دول العالم ومنها إيران، كل شهر رمضان على مدار 30 عاما متتالية، وأنه قام بتأدية الآذان الشيعى بإيران، كما وجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية وخاصة فى الكويت والإمارات والسعودية. توفى الشيخ راغب مصطفى غلوش فى مثل هذا اليوم 4 فبراير 2016 بعد مرض نقل إثره إلى أحد المستشفيات عن عمر يناهز 77 عامًا.












الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;