نقلا عن العدد اليومى..
أكد الدكتور مجدى عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك، أن إحكام وضبط مستندات الاستيراد، هو أخطر ملف نتصدى له على الإطلاق وسنتحرك وننجز فيه بقوة أكثر من أى ملف آخر.
وأكد رئيس مصلحة الجمارك، أن هناك ممارسات ضارة جدا يقوم بها بعض المستوردين، أدت لحالة من فوضى الاستيراد فى مصر، قائلا: «ناس كتير بتستورد ونلاقى 30 بطاقة استيرادية على عنوان أوضة واحدة، ونلاقى 7 أرقام متعاملة على رقم بطاقة ضريبية واحدة».. كاشفا عن أن أحد الإجراءات التى ستقضى بها المصلحة على فوضى الاستيراد، هو جعل الرقم القومى هو نفسه رقم المتعاملين بالجمارك والضرائب، قائلا: «لو أحكمنا هذه المنظومة هنعرف نجيب المتهرب من قفاه».
وأوضح مجدى عبدالعزيز أن منظومة المستندات التى يجرى العمل عليها التى ستكون مطلوبة من المستوردين تتضمن «سجل المستورد، السجل الصناعى، وبطاقة استيراد مستلزمات الإنتاج، رخص التخليص، ورخص الاستيراد نفسها»، حيث سيتم إحكامها من منظور وزارة التجارة، ومن منظور الجمارك كمتعاملين.
وأوضح عبدالعزيز أن تشريعا يجرى العمل عليه حاليا للقضاء على ما سماه «ظاهرة المستورد الكحول والمستخلص الكحول»، رافضا الخوض فى تفاصيل هذا التشريع فى الوقت الحالى، وهى ظاهرة انتشرت بصورة كبيرة فى عدد من المناطق، أبرزها بورسعيد.
وعن المقصود بالمستورد والمستخلص من الكحول، شرح رئيس الجمارك هذه الظاهرة، قائلا: إنه تم كشف العديد من حالات التهريب من خلال بعض المستوردين الذين يستوردون حاويات تحوى بضائع مخالفة أو مهربة، بأسماء سيدات بسطاء يتم استغلال أسمائهن فى عمليات التهريب بمقابل مادى يتراوح ما بين ألفين و3 آلاف شهريا، وعند ضبط الواقعة وتتبع صاحب الشحنة، يتم اكتشاف أن الشركة وهمية، مؤكدا أنه إذا تم القضاء على هذه الظاهرة، فسينضبط حال التجارة الدولية فى مصر، وتعود لحالتها السابقة فى الخمسينيات والستينيات، مبررا تفشى هذه الظاهرة فى بورسعيد خصيصا بإهمال المدينة أكثر من 40 سنة.
ويرى عبدالعزيز أن دور مصلحة الجمارك لا يقتصر على إحكام الرقابة على المنافذ الجمركية فقط، وإنما يمتد للدور الأهم، ، وهو عملية إحكام «الدولرة» التى تساهم فيها دول بالخارج، من خلال آليات التجارة الدولية، وهو دور مهم يمكن أن تساهم فيه المصلحة مع البنك المركزى من خلال إحكام عمليات الاستيراد والتصدير.
المفاجأة التى كشفها رئيس مصلحة الجمارك، أن بعض المستوردين قاموا بتزوير نموذج 4 الخاص بالاعتمادات المستندية لهم فى البنوك، حيث قامت المصلحة بالتحرى عن بعض النماذج، وكشفت عدم قيام البعض إصدار هذه النماذج من الأساس، والبعض تم تقديمه بأقل من قيمته الحقيقية، وأحيانا أقل من القيمة المذكورة ببوليصة الشحن والفواتير.
وأوضح أن الاعتماد المستندى عبارة عن أنه تعهد مكتوب يصدر من بنك بناء على طلب المستورد، لصالح الجهة التى سيشترى منه البضاعة خارج مصر، ويلتزم البنك بموجب هذا الاعتماد بالوفاء فى حدود مبلغ محدد، خلال فترة معينة متى قدمت الجهة الموردة للبضاعة مستندات السلعة مطابقة لتعليمات شروط الاعتماد، وقد يكون التزام البنك بالوفاء نقدا أو بقبول كمبيالة، وهذا الاعتماد كما هو موضح أساسا، لبدء أى عملية استيرادية من الخارج، وإحدى العناصر المهمة بعمليات التجارة الدولية.
وأضاف أن بدأت مصلحة الجمارك اتخاذ خطوات نحو الربط الإلكترونى بين المنافذ الجمركية، وفروع الـ38 بنكا العاملين بمصر تحت مظلة البنك المركزى، حتى يتمكن كلا الطرفين من رؤية بيانات الآخر، بما يمكن من إحكام السيطرة والرقابة على مستندات عملية الاستيراد، خاصة ما يسمى «نموذج 4» وهو يمثل الاعتماد المستندى الذى يحصل عليه المستورد من البنك لبدء إجراءات عملية الاستيراد.
وقال عبد العزيز: «نحن أمام منظومة لابد من إحكام الرقابة عليها، ستساعد على مجابهة التهرب الجمركى، لأننا لن ننتظر المستورد، حتى يقدم لنا نموذج 4، وإنما بمجرد قيام المستورد بعمل النموذج 4 فى البنك يظهر إلكترونيا، بمصلحة الجمارك، دون الحاجة لأن يقدمه المتعامل بنفسه إلى مصلحة الجمارك، وبموجب ذلك تبدأ المصلحة اتخاذ الإجراءات المطلوبة دون انتظار طلب المستورد بإنهاء التعامل».
وأعلن عبد العزيز قرب انتهاء المرحلة الأولى من عملية الربط الإلكترونى بين البنوك بحوالى 5 – 10 منافذ جمركية رئيسية فى نهاية شهر مايو الجارى، وهو ما تعمل عليه شركة بنوك مصر المملوكة للبنك المركزى، لإحكام الرقابة على التجارة الدولية، على أن يتم استكمال باقى عمليات الربط تباعا، مؤكدا أن النتائج ستظهر قريبا على الأرض بمجرد استقرار واكتمال النظام الجديد.
وأشار رئيس مصلحة الجمارك إلى أنه فى إطار منظومة الربط الإلكترونى، تجرى الآن اجتماعات مكثفة للربط مع التوكيلات الملاحية، التى تتولى مهمة توصيل الحاويات وإنهاء الإجراءات الجمركية، بحيث يتم تبادل إذن التسليم والبوليصة بين الجمرك والتوكيلات الملاحية إلكترونيا.
وقال: تسعى الجمارك لاكتمال إحكام الرقابة على المنظومة بالكامل، من خلال اكتمال عملية الربط من خلال التوكيلات الملاحية، حيث كان هناك اجتماع قبل أيام لبحث تبادل إذن التسليم، وبوليصة الشحن من التوكيلات الملاحية بشكل إلكترونى، وفقا لتصريحات عبد العزيز.
وأوضح أنه فى إطار إحكام الدائرة على عمليات التهريب، تم تغليظ عقوبات التهريب فى تعديلات قانون الجمارك الجديد التى انتهت منها مصلحة الجمارك مؤخرا، بالشكل الذى لا يتم إلغاؤه فى المحكمة الدستورية، قائلا: «محدش هيقدر يطعن عليه.. وستكون عقوبة جيدة».
وحول طبيعة العقوبة قال رئيس مصلحة الجمارك إنها ستكون عبارة عن غرامة مالية تعادل ضعفى الرسوم الجمركية، بدلا من ضعف الرسم القانون الحالى، وفى حالة العود – تكرار نفس المستورد لعملية التهريب – تغلظ إلى 3 أمثال الرسم الجمركى، مشيرا إلى أنه لا يمكن جعلها 4 أمثال حتى لا يطعن عليها بعدم الدستورية.
وأضاف عبدالعزيز أما البضائع الممنوعة، فستصبح عقوبتها مثلى قيمة السلعة - بدلا من مثل القيمة حاليا - وفى حالة العود، ستكون 3 أمثال القيمة مع مصادر السلع المضبوطة، مع وجود غرامات بالنسبة للبضائع الممنوعة ومصادرة السلعة، أما البضائع غير الممنوعة، فلن يكون لها مصادرة، وتم استحداث عقوبة الحبس وجوبيا فى بعض حالات تهريب السلع الضارة، مثل قضايا الإفراج تحت التحفظ.
وأشار رئيس مصلحة الجمارك إلى أن الإفراج تحت التحفظ هو أحد أنظمة الإفراج الجمركى بالنسبة للسلع التى يتطلب الإفراج عنها الحصول على موافقات من وزارة الصحة على سبيل المثال أو تحتاج لأخذ عينات وإجراء تحاليل، للتأكد من صلاحيتها وعدم إضرارها بالصحة، خاصة السلع الغذائية المستوردة.
وأضاف فى مثل هذه الحالات، لابد من إجراء التحاليل المطلوبة على العينات يحتاج بعض الوقت الذى قد يصل إلى 20 يوما أو أكثر، فيتم الإفراج عن السلع وهو إفراج مؤقت، يقوم من خلالها صاحب الشحنة بتخزينها فى مخازن شركته، انتظارا لنتائج تحليل العينة، ولا يجوز له التصرف فيها أو بيعها فى السوق إلى بعد صدور شهادة تؤكد صلاحيتها، ويحصل على إفراج نهائى، يمكنه من التصرف فى بضائعه كيفما يشاء.
وأوضح أنه فى أحيان كثيرة يقوم المستورد بالتصرف فى البضائع قبل صدور نتائج التحاليل، وعندما تذهب مصلحة الجمارك لتفتيش المخازن لا تجد أى بضاعة، ويتم اكتشاف أن المخزن مؤجر، ولا يمكن التوصل لصاحب الشحنة بسبب عدم انضباط مستندات الاستيراد، ووجود عناوين وهمية، طبقا لتصريحات رئيس الجمارك، ولهذا سيكون الحبس وجوبيا فى هذه الحالات.
واختتم رئيس الجمارك قوله بأن تغليظ عقوبة التهريب، بجانب إجراءات تنطوى على شفافية ووضوح وجدية من خلال إحكام المستندات، هو السبيل لتضييق الدائرة على التهريب فى مصر.