الدوحة تحاول تفرقة مجلس التعاون الخليجى.. حمد بن جاسم يكشف الخُبث القطرى.. والجامعة العربية لم تسلّم من محاولات الحمدين المُغرضة
ما زالت ملامح الغدر والخيانة سيدة الموقف عندما يأتى الحديث عن الحكومة القطرية، التى لم تُبد أى استعداد حتى الآن لتنفيذ ما أقرت به فى قمة العُلا فى يناير الماضى؛ لبدء صفحة جديدة مع دول المقاطعة العربية «المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين ومصر»، ربما منذ الحديث عن النية فى المُصالحة بين الدوحة ودول الرباعى العربى؛ كانت لدينا الشكوك حول جدية الحكومة القطرية فى الإقدام على مثل تلك الخطوة برغبة حقيقية فى المُصالحة واحترام المواثيق والمُعاهدات وعدم التدخُل فى شؤون الدول، ولكننا قدمنا حُسن النية لعلها تُغير من سياساتها فى المنطقة على الأقل احتراما لأشقائها بمجلس التعاون الخليجى، وعلى الرغم من ذلك فقد مرت الأيام وحتى لحظتنا الحالية لم تُغير الدوحة من توجهاتها؛ بل مُستمرة على النهج ذاته، وهو ما ينعكس بشكل واضح من خلال أذرعها الإعلامية سواء قناة الجزيرة ومنصاتها المُختلفة، أو غيرها من القنوات واللجان الإلكترونية المُعروفة بتوجهاتها التابعة لقطر وجماعة الإخوان الإرهابية، هذا إلى جانب تغريدات من شخصيات قطرية بارزة عبر حساباتهم الرسمية على موقع التدوينات القصيرة تويتر.
ملامح السياسات القطرية الخبيثة لم تقف فقط عند حد الآلة الإعلامية التى طالما اعتمدت عليها بشكل مُباشر لتنفيذ أجندتها المُغرضة بالمنطقة العربية من خلال بث الشائعات والأكاذيب وتأليب الرأى العام العربى، بينما أيضا من خلال الاستمرار فى دعم التطرف والإرهاب، والذى مثّل المحور الأساسى عند اتخاذ مقاطعة قطر دبلوماسيا، فبعد أيام قليلة من إعلان المُصالحة بدأ عدد من الشخصيات الشهيرة المُعروفة بدعمها لسياسات الدوحة، مثل الإعلامى القطرى جابر الحرمى، الترويج لمفتى الدم والإرهاب يوسف القرضاوى مرة أخرى، وتمجيد دوره خلال أحداث 25 يناير من عام 2011، وادعاء مظلوميته، وهو ما تم ترويجه ليس فقط من «الحرمى» إنما من عدد من الأذرع الإعلامية الأخرى لحكومة الحمدين، وحساب رصد الإخوانية، هذا إلى جانب استمرار دعمها لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية الهاربة من مصر وغيرها من الدول العربية، سواء بالداخل القطرى، أو لدى حليفتها أنقرة، وما تتميز به العلاقات القطرية التركية من متانة على جميع الأصعدة، واستمرار الدعم القطرى للإعلام الإخوانى الذى يُبث من الأراضى التركية حتى الآن.
وفى كلمة صحيفة الوطن البحرينية بعنوان «كان هنا كيان خليجى» والمنشورة بتاريخ 31 يناير الماضى، أشارت إلى تصريح وزير الخارجية القطرى، محمد بن عبدالرحمن آل ثانى الذى أكد خلاله على عدم نية قطر تغيير سياساتها، وهو ما يُثير التساؤلات حول ما أقرت به بلاده بحسب ما تضمنه بيان العُلا الذى أكد على ضرورة تضامن دول مجلس التعاون الخليجى فى مكافحة الإرهاب، وقالت «الوطن»: «ولا يزال التلاعب القطرى فى مصائر الشعوب مستمرًا، ولا يزال الالتفاف على الاتفاقات والمعاهدات والتملص منها خصلة متأصلة فى السياسة القطرية، فضلا عن أن التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الخليجية وغير الخليجية هى أهم ما يميز المراهقة السياسية القطرية قيادة وذبابا»، وفى مطلع فبراير الجارى، لفت رئيس لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس النواب البحرينى، محمد السيسى البوعينين خلال لقائه بوزير خارجية بلاده، عبداللطيف بن راشد البيانى، أن قطر لم تظهر أى جدية فى تنفيذ التزاماتها ببنود العلا لحلحلة الملفات العالقة. وكانت الخارجية البحرينية قد اتهمت فى 21 من يناير الماضى، الدوحة بعدم اتخاذ أى مبادرة لحل مشكلات قائمة مع البحرين بعد المصالحة.
وفى الواقع ليست البحرين فقط هى من عانى وما زال جراء سياسات «الحمدين» وإنما أيضًا مصر والإمارات، وحتى السعودية لم تسلم من خُبث الإعلام القطرى من حين إلى آخر؛ بينما بشكل أقل وطأة نظرًا لحاجة قطر إلى السعودية وخاصة خلال الفترة المُقبلة لمُساندتها خلال التجهيز لاستعداداتها الخاصة بمونديال كرة القدم، المُقرر أن تستضيفه الدوحة 2022، وفى تعليق دبلوماسى حذر من قبل وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية، دكتور أنور قرقاش صرّح فى مقابلة مع قناة «سكاى نيوز» عربية، بأن المصالحة الخليجية أنهت الخلاف مع قطر، مؤكدًا على ضرورة اتخاذ خطوات لبناء الثقة فى المرحلة القادمة، وهو مع الأسف الذى لم تُبده الدوحة حتى الآن.
ما يحدث يُثير القلق إلى حد كبير، وخاصة فيما يتعلق باستقرار منظومة التعاون الخليجى، فما تفعله قطر بعد وساطة دولة الكويت عبر سنوات، وموافقة القيادة السعودية على المُصالحة، فى الوقت الذى تستمر به الدوحة فى سياساتها الخبيثة تجاه باقى الأشقاء الخليجيين إلى جانب مصر؛ ربما يحمل محاولات مُغرضة من القيادة القطرية لدق أسفين داخل منظومة التعاون الخليجى، من مُنطلق المُصطلح السياسى الشهير «فرق تسُد»، ويبدو أن طموح الحمدين امتد أيضا إلى منظومة جامعة الدول العربية، وهو ما تحمله تغريدات وزير الخارجية رئيس الوزراء القطرى الأسبق، حمد بن جاسم بن جبر، والتى نادى فيها بإعادة بناء مجلس التعاون الخليجى، مُلمحًا إلى رغبة فى استغلال المُصالحة وإحداث تغييرات فى جامعة الدول العربية، مُسيئًا لرؤسائها، قائلًا: «سبق أن تحدثت فى قضية الحاجة الملحة لإصلاح وضع الجامعة العربية، فإذا قدر الله عز وجل وتحقق الأمل فى أن يكون هناك فى الأيام والأسابيع القادمة توجه جاد لإعادة بناء مجلس التعاون الخليجى بشكل ينهى الانقسام ويؤطر العلاقة بين دوله، وكلنا ندرك ما يُعانى منه الوضع العربى من تآكل مستمر بات يهدد دولنا بأزمات مستفحلة عاما بعد عام، فلا بد وفى الحال بث دماء وروح وسياسات جديدة فى الجامعة العربية تكون مبنية على فلسفة مستقلة عن تفاصيل السياسات الفردية للدول الأعضاء فى الجامعة، وتضع المصلحة العربية العامة فى المقام الأول، وألا تكون الجامعة لتكريم المتقاعدين مع احترامى وتقديرى لبعضهم!»، مضيفًا «بعد المصالحة الخليجية والمصرية، يجب التركيز على الجوانب الاقتصادية والاستثمارية فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية لدول المنطقة، فهناك فرص واعدة فى بعض هذه الدول»، والمُتابع لحساب «بن جاسم» يدُرك جيدًا أن ما يكتبه عبر حسابه يحمل الكثير من الرسائل والمعانى التى تكشف التوجهات والسياسات القطرية، التى سيطر عليها ويبدو أنه ما زال؛ مُشاركة مع صديقه المُقرب الأمير الوالد، حمد بن خليفة آل ثانى.
لقد كانت الأيام الماضية حيث ذكرى أحداث 25 يناير من عام 2011، وما تلاها فرُصة للقيادة القطرية فى إبداء حُسن النية ورغبة حقيقية فى طى صفحة الخلافات، بينما جاءت بنتائج مُغايرة تماما عما كانت دول المُصالحة تتمناه للمرحلة المُقبلة.. وما زالت الأيام جارية لتؤكد من على حق ومن على باطل.