انتخب أعضاء ملتقى الحوار السياسى الليبى، منذ قليل، سلطة تنفيذية جديدة فى ليبيا، تتولى إدارة المرحلة المؤقتة، لحين إجراء الانتخابات فى البلاد نهاية العام الجارى، والعمل على تحسين الحياة المعيشية للمواطنين، وتوحيد المؤسسات المنقسمة فى البلاد وخاصة السيادية منها.
وأعلنت ستيفاني ويليامز ممثلة الأمم المتحدة الخاصة لليبيا بالإنابة فوز محمد المنفى بمنصب رئيس المجلس الرئاسى، وعبد الحميد دبيبه بمنصب رئيس الوزراء بالسلطة التنفيذية الليبية، إضافة إلى كل من موسى الكونى وعبد الله اللافى كعضوين بالمجلس الرئاسى، وذلك بعد فوز القائمة التى تضم اسمائهم بتسعة وثلاثين صوتا من الأصوات خلال الانتخابات التى جرت بين أعضاء ملتقى الحوار السياسى الليبي الذي انعقد بالقرب من جنيف في سويسرا، وهى النسبة المطلوبة للفوز وفقا للألية المعتمدة، حيث كان يكفى 38 صوتا للفوز، وذلك بعد أن صوت 73 من اعضاء ملتقى الحوار السياسى، منهم صوت واحد باطل.
ويعول أبناء الشعب الليبى كثيرا على السلطة التنفيذية الجديدة للعمل على إخراج كافة المقاتلين الأجانب والمرتزقة وإرساء حالة الأمن والاستقرار، بالإضافة للعمل على حل التشكيلات المسلحة وتسليم أسلحتها بالكامل وحصر السلاح في يد الدولة، ووقف كافة التدخلات الخارجية في الشأن الداخلى الليبى وخاصة الانخراط العسكرى.
وتواجه السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا عدد من التحديات، أبرزها مكافحة الإرهاب، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وإعادة دمج عناصرها فى المؤسسة العسكرية الليبية والمؤسسات الأمنية والشرطية، بالإضافة إلى اخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا.
وتتنازع مئات المجموعات المسلحة ذات الولاءات المتقلبة على النفوذ في ليبيا، ويتصل بعضها بالسلطات السياسية المتصارعة، فيما تشكل البعض الآخر في إطار أنشطة إجرامية وإرهابية بحتة، وتعجز السلطات الليبية فى ضبط المجموعات المسلحة أو دمج مقاتليها في قوة وطنية.
وتعمل عدد من الدول الإقليمية والدولية المنخرطة في الأزمة الليبية على تكثيف جهودها لإصلاح منظومة الأمن، معتبرةً ذلك الحل الأنجح لمعظم المشكلات التي تواجه ليبيا، وتركز هذه الدول على دعم جهود القضاء على الجماعات المتشددة والمتطرفة في ليبيا، والتي تورطت في قتل وخطف المئات سواء مسؤولين أجانب أو دبلوماسيين عرب أو عمالة وافدة إلى الدولة الليبية.
وتدعم دول الجوار الليبى وخاصة مصر بناء جيش قوي وشرطة قوية، لكن ذلك يثير غضب مئات الميليشيات المنتشرة في أنحاء البلاد، والذين لا يتلقون أوامرهم من الحكومة، وإنما من شخصيات لها مصالح في البلاد، وتسيطر كتائب مسلحة على عدد من المدن غرب البلاد وهو ما يهدد سيادة الدولة الليبية.
وتتصارع الميليشيات المسلحة المتواجدة في الغرب على النفوذ والمصالح والدعم المالى الذى تتحصل عليه من شخصيات سياسية لها أهداف وأجندات خاصة، تسعى لتحقيقها في ليبيا بشكل عام والمنطقة الغربية بشكل خاص.
واحدة من أكبر التحديات التي تواجه ليبيا هو برلمانها المنقسم بسبب عمل رئيس المجلس الرئاسي الليبى السابق فايز السراج على إضعاف الكيان التشريعى الوحيد في البلاد بعد عدم تمكنه من الحصول على ثقة البرلمان لحكومته التي مارست مهامها على مدار سنوات دون أن تحصل على موافقة أعضاء مجلس النواب الليبى، وقد تسبب التناحر بين أعضاء مجلس النواب إلى اندلاع أزمة سياسية خلفت شعورًا بالإحباط من العملية الديمقراطية لدى العديد من الليبيين.
وتملك ليبيا أحد أكبر مخزونات النفط في إفريقيا، لكن النزاعات المتعددة التي تمزق البلاد حالت دون استثمار كامل لهذه الموارد، فيما حرمها إغلاق جميع الحقول والموانئ النفطية عدة مرات من أكثر من 160 مليار دولار، وباتت الحياة اليومية للمواطن الليبي محفوفة بالمصاعب وسط انقطاع يومي للكهرباء والمحروقات والماء، مرفقا بأزمة سيولة وتدهور غير مسبوق لقيمة العملة الوطنية، وسط انعدام أمن خانق.
وتعد أبرز الملفات التي تشكل تحدى كبير للسلطة التنفيذية الجديدة هو كيفية السيطرة على كافة الأراضى الليبية وتأمين المنافذ الحدودية بشكل كامل، والترتيب للانتخابات العامة في البلاد خلال شهر ديسمبر المقبل عبر إيجاد القاعدة الدستورية اللازمة لذلك.