قال البنك الدولى إن محافظ البنك المركزى الجديد طارق عامر الذى تولى مهام منصبه فى نوفمبر الماضى سيقوم بالإشراف على تعزيز مستويات متدنية للغاية من احتياطيات النقد الأجنبى، متوقعا جولات إضافية من تخفيض قيمة العملة المحلية.
وبلغ حجم الاحتياطى النقدى 16.4 مليار دولار فى نهاية ديسمبر الماضى، وهو ما يكفى واردات مصر السلعية لمدة أقل من 3 أشهر تقريبا، مقابل 36 مليار دولار قبل ثورة يناير.
وأشار البنك فى تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الذى حصلت "انفراد" على نسخة منه، إلى أن تخفيض الجنيه المصرى يعنى أن السياسة النقدية يجب أن تقاوم الضغط على معدل التضخم الذى هو مرتفع بالفعل.
وأشار البنك إلى أن البنوك المركزية فى المنطقة تواجه العديد من التحديات، مؤكدا أن ارتفاع معدل سعر الصرف الحقيقى خلال عام 2015 أثر على تنافسية الصادرات المصرية.
وفقد الجنيه المصرى ما يقرب من 12% من قيمته أمام الدولار خلال 2015 فقط، ليصل إلى 773 قرشا للدولار. ورغم ذلك يرى الخبراء والبنوك الاستثمارية أن الجنيه مقوم بأعلى من سعره الحقيقى الذى يعكس العرض والطلب.
ويرى البنك الدولى، وفقا للتقرير الصادر بالإنجليزية، أن ارتفاع سعر الصرف الحقيقى فى مصر يعكس ارتفاع معدل التضخم، الذى بلغ فى المتوسط 10.3% فى أول 10 شهور من العام الماضى، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار السلع الأساسية عالميا ساعد فى إبقاء التضخم تحت السيطرة فى جميع الدول المستوردة للنفط إلا مصر، وهو ما أرجعه البنك الدولى إلى ارتفاع سعر الصرف الحقيقى.
تسعير الجنيه بأعلى من قيمته سبب ارتفاع التضخم فى مصر
وأضاف التقرير أن البنك المركزى المصرى أجرى عدة تخفيضات اسمية للعملة المحلية، وفرض قيودا على الوصول للعملة الأجنبية فى محاولة لحل أزمة نقص العملة الحادة.
وفى فبراير الماضى، فرض البنك المركزى حدا أقصى للإيداعات الدولارية، بواقع 10 آلاف دولار يوميا، و50 ألفا شهريا للأفراد والشركات. وانتقد صندوق النقد الدولى ومؤسسة "ستاندرد آند بورز" انخفاض مرونة السياسة النقدية فى مصر، نتيجة تدخلات البنك المركزى فى سوق الصرف الأجنبى.
وبالرغم من انتعاش الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر، يرى البنك الدولى أنه ليس بنفس قوة المعدلات المتوقعة فى ضوء التعهدات التى شهدها المؤتمر الاقتصادى الذى عقد بشرم الشيخ فى مارس الماضى.
وتكافح الحكومة المصرية لاحتواء أزمة الدولار التى تفاقمت خلال العام المالى الحالى بسبب تراجع حوالات المصريين من الخارج والصادرات وإيرادات قناة السويس، فضلا عن استمرار تباطؤ تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر والسياحة منذ 2011.
وحذرت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتمانى، من الأثر السلبى لانخفاض الاحتياطى النقدى الأجنبى فى مصر على التصنيف الائتمانى للبلاد والذى حددته المؤسسة عند B3، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وفسرت "موديز"، فى ورقة بحثية حصل "انفراد" على نسخة منها، استمرار التراجع بأن ميزان المدفوعات فى مصر يعتمد بصفة مستمرة على الدعم من الجهات المانحة، وهو أمرا "سلبيا" على التصنيف الائتمانى للبلاد.
وتلقت مصر ودائع بإجمالى 6 مليارات دولار من الكويت والسعودية والإمارات رفعت الاحتياطى النقدى فى مصر إلى 20.5 مليار دولار فى إبريل الماضى بعد المؤتمر الاقتصادى الذى عقد منتصف مارس بشرم الشيخ.
وساهم توقف المنح الخليجية فى زيادة أزمة العملة الصعبة خلال العام المالى الحالى، مما دفع القاهرة للتفاوض على قرضين بإجمالى 4.5 مليار دولار بواقع 3 مليارات دولار من البنك الدولى وآخر بقيمة 1.5 مليار دولار من بنك التنمية الإفريقى لدعم الموازنة خلال 3 سنوات.
وحصلت مصر على موافقة البنكين على الدفعة الأولى من القرضين بواقع بقيمة مليار دولار مع البنك الدولى، و500 مليون دولار من بنك التنمية الإفريقى. ويرى الخبراء أن تلك المبالغ ستسهم فى سد الفجوة التمويلية ودعم الاحتياطى النقدى للبلاد على المدى القصير.
وخفض البنك الدولى توقعات نمو الاقتصاد المصرى إلى 3.8% فى العام المالى الحالى 2015/2016، بسبب تراجع قطاع السياحة فى مصر فى أعقاب حادث الطائرة الروسية فى شرم الشيخ أكتوبر الماضى واستمرار أزمة نقص العملة الأجنبية التى يتوقع استمرارها على الأقل خلال فترة من العام المالى الحالى.
الإرهاب والسياحة
وأضاف البنك الدولى أن الهجمات الإرهابية فى مصر لها أثر مدمر على قطاع السياحة، مؤكدا أن انكماش تدفقات العملة الصعبة بالتزامن مع تراجع السياحة لن يؤثر سلبا على النمو الاقتصادى وحسب، بل سيسهم فى تفاقم أزمة العملة الحالية.
وتأتى توقعات البنك الدولى متماشية مع التقرير الذى نشره "انفراد" حول صعوبة تحقيق معدلات النمو المستهدفة بنسبة 5 إلى 5.5% خلال 2015/2016 بسبب حادث الطائرة الروسية.
ويتوقع البنك ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصرى إلى 4.4% فى العام المالى 2016/2017، مدعوما بزيادة طفيفة فى الاستثمار.