قررت محكمة الجنايات بالإسكندرية حجز القضية المرفوعة من أول مدعى اشتراكى عينه الرئيس السادات الدكتور مصطفى أبو زيد، ضد الكاتب الساخر محمود السعدنى، للحكم إلى يوم 25 مارس 1984، حسبما تذكر جريدة «الأهالى» فى عددها، 22 فبراير، 1984.
طالب «أبو زيد» فى دعواه ضد السعدنى، ورئيس مجلس إدارة «روزاليوسف»، ورئيس تحرير «صباح الخير» بتعويض مائة ألف جنيه عما نشره السعدنى متهما «أبو زيد» بأنه كان مدفوعا بنوازع شخصية فى قضية «مراكز القوى» التى حقق فيها، وكان المتهمون كبار المسؤولين التنفيذيين والشعبيين الذين عملوا بجوار جمال عبدالناصر، وكان السعدنى ضمنهم، وعاقبته المحكمة بثلاث سنوات سجنا.. «راجع، ذات يوم، 15 فبراير 2020».
كانت هيئة الدفاع عن السعدنى مكونة من، فريد عبدالكريم، والدكتور عصمت سيف الدولة، ومحمد صبرى مبدى، غير أن القضية شهدت جولة أخرى ساخرة لم تسلط الأضواء عليها، ويكشفها بطلها المحامى الشاب وقتئذ «عمر الشال»، على صفحته الشخصية فى «فيس بوك»، 20 نوفمبر 2020.
يذكر «الشال»، أنه بعد نشر مقال «السعدنى» أرسل «أبو زيد» ردا نشرته «صباح الخير»، وكان به تجاوزات، فكتب السعدنى ردا على الرد بعنوان «السيد الوزير المدعى».. قال فيه: «سيادة المدعى الوزير، سأحكى لك حكاية سكسكة، وسكسكة هذه لكى يعرفها السامعون كانت سيدة شلق تسكن فى حارة رابعة بالجيزة، وطويلة اللسان، وكان الناس يؤجرونها فى الخناقات، وتردح للناس المحترمين وتقول لهم يا ناس يا غجر والله لأفضحكم وأقول كل حاجة، وكل ما تزيد فى الشتيمة يزداد أجرها، وفى أحد الأيام أوقعها حظها السيئ أمام شاب ضربها علقة ومن ساعتها طبت ساكتة».. وتساءل السعدنى: «هل فهمت حكاية سكسكة سيادة الوزير المدعى؟».
يكشف «الشال» أنه تفتق إلى ذهنه فكرة بدأت بسؤال الكاتب الصحفى يوسف الشريف «صديق السعدنى» عن حقيقة «سكسكة»، فأجابه بأنها حقيقة، ويعرفها أهل الجيزة جيدا، وإنه كان يعرفها لكنها توفيت.. سأله «الشال» هل لها ورثة؟، فأجاب بأن لها ابنا يعمل فى ورشة بوكالة البلح، وأفضى «الشال» للشريف بفكرته، بأنه يريد من ابنها عمل توكيل له لرفع دعوى باسمه ضد السعدنى، بتهمة السب مع التعويض لأنه شبّه والدته السيدة المحترمة بالمدعى الاشتراكى، وأنه سيكتب فى الدعوى أن سكسكة صحيح «شلق»، لكنها شريفة، ولم تأكل على كل الموائد، وتمدح كل العصور، وتتهم الناس الشرفاء بالخيانة كما حدث فى قضية 15 مايو.
حرر ابن سكسكة التوكيل، وفى تكتم ودون علم السعدنى فى البداية رفع «الشال» دعوى أمام جنح عابدين ضده، وضد «صباح الخير»، وتحددت جلسة حضرها ابن سكسكة وأخته، ثم تأجلت الدعوى لتقديم إعلام الوراثة لورثة السيدة.
يذكر «الشال» أنه مع بدء انعقاد جلسات «جنايات الإسكندرية» ضد السعدنى من أبو زيد، توجه بالحضور، وطلب التدخل فى الدعوى بطلب تعويض لصالح «ورثة سكسكة»، لأن السعدنى حط من قيمتها وقدرها بين أهلها وجيرانها، عندما شبهها بالمدعى الاشتراكى، وهو الأمر المعاقب عليه فى قانون العقوبات، وانصبت مرافعات «أبو زيد» على أن السعدنى ارتكب جريمة السب بطريق النشر العلنى فى حق موظف عام بسبب وظيفته وعمله، وكان دفاع الأساسى على تشبيهه بسكسكة، مؤكدا أنه يحط من قدره وهيبته فى المجتمع، كما ردد اسم الرئيس مبارك عدة مرات.
يؤكد «الشال» أن دفاع السعدنى ركز على نفى أركان الجريمة، وكانت مرافعة السعدنى عن نفسه مسك الختام، وقال فيها: أنا عاوز أقول: أنا بحب الاشتراكى، وأنا اشتراكى، والمدعى اشتراكى زى حالاتى، والاشتراكيون بيدافعوا عن بعض، وهو كمان ما طلبش لى إعدام ولا حاجة فى قضية 15 مايو، هو كان خايف علىّ بس.. وبعدين بيخوفنا بالسيد الرئيس الهمام مبارك، بس أنا عاوز أقول له، إن الرئيس مبارك حبيبى، أى والله حبيبى، وعزمنى فى بيته، وقعدنا مع بعض زى الأصحاب.
يتذكر «الشال» أن «السعدنى» أضاف ساخرا: «مشكلتى إن «سكسكة» زعلانة منى هى الأخرى، لأننى شبهتها بالمدعى الاشتراكى، ورفعت قضية ضدى، ودى صحيفة الدعوى، يعنى أخد براءة هنا وأتحبس هناك.. ينفع كده».. ويؤكد «الشال» أن السعدنى قدم صورة من صحيفة دعوى جنح عابدين، فتحول الأمر إلى ما يشبه المسرحية، خاصة أن عضو اليمين كان ينظر إلى صحيفة دعوى سكسكة، ويدارى بالأوراق ابتسامته لدرجة الضحك، ويهمس فى أذن رئيس المحكمة الذى سأل: «يعنى يا أستاذ محمود سكسكة زعلانة هى كمان منك»، ويكرر السؤال وهو ينظر إلى الدكتور أبو زيد من تحت نظارته.. والأخير ودفاعه فى حالة وجوم.
حجزت المحكمة الدعوى للحكم يوم 25 مارس 1984.. يؤكد «الشال» أن «ورثة سكسكة» كان لديهم اعتقاد يقينى فى التعويض من السعدنى، لكننى تركت الدعوى لأنها أدت الغرض منها.