كُتبٌ مهداةٌ فى نسخنها الأولى بتجليد مذهّب مًدهش إلى الملوك والسلاطين والأمراء، لم تجد من يرعاها، فعند قيام ثورة 23 يوليو 1952 بمصر كانت هناك مكتبة لأسرة محمد على باشا (1815-1953) ورثها الملك فاروق (تولى الحكم 1936) بقصر القبة بالقاهرة فتخلص منها القادة الجدد- للأسف- بتوزيعها على المدارس بالمحافظات المختلفة، فوزعت مقتنياتها على أماكن غير مهيأة للوثائق والكتب والمخطوطات؛ فصارت نهبا لمن يود؛ وقد كان من نصيب محافظة قنا 400 ألبوم صور للأسرة المالكة؛ وبعض المخطوطات وبعض الوثائق الخاصة بالأسرة ورحلاتها فى أوربا وغيرها، وحوالى 7538 كتابا من نفائس الكتب باللغات الألمانية والفرنسية والإنجليزية والتركية والفارسية، و3433 كتاباً باللغة العربية، وبها مخطوط واحد فقط بعنوان ( القاموس المحيط: للفيروز أبادى) إضافة الى حوالى 300 نوتة موسيقية للحفلات التى كانت تقام فى البلاط الملكى،كما أنها تحوى بعض الأوامر الملكية، وكتبا أهداها مؤلفوها إلى الملوك بتوقيعاتهم وأختامهم مما تعد وثائق تاريخية لا تعوض. لقد كانت وسائل نقل المكتبة هى سيارات اللورى غير المجهزة لنقل الكتب والذخائر مما عرضها للتلف والضياع.
كما أن مستقبلى هذه الكتب آنذاك لم يكونوا بالوعى الكافى مما جعلهم يرمون الكتب فى بدرومات المدارس مما ألحق بها التمزيق والتلف والسرقة، كما أتلفت "الأرَضة" بعض الوثائق؛ ؛ومن هنا فإن إنقاذ هذه المكتبة يعد ذا أهمية لحفظ التراث الإنسانى، وعندما تولىيتُ عمادة كلية الآداب (2006-2011) قمتُ بتخصيص قاعة كبيرة لجمع الكتب والنوت الموسيقية والمخطوطات والبدء مع فريق عمل مخلص فى التصنيف والفهرسة إلا أن الامكانات المالية وانتهاء عمادتى 2011حالا دون اتمام العمل.
إننى آمل من الجميع مد يد العون لترميم هذه الوثائق والصور وإنشاء متحف يليق بهذه الكنوز التراثية التى تحكى تاريخ مصر كما أن الصور تساعد الباحثين على معرفة الحالة الإجتماعية والاقتصادية والأزياء والعمران والمعابد فى القرن الماضى، وقد أوضح الدكتور عباس منصور رئيس جامعة جنوب الوادى أنه على استعداد لوضع امكانات الجامعة والتعاون مع الهيئات العلمية الأخرى لتطوير المكتبة وعرض مقتنياتها الكترونيا للباحثين والقراء.
وقد عرضتُ أمر هذه المكتبة على وزيرى الثقافة السابق واللاحق اللذيْن حدثا الدكتور شريف شاهين رئيس دار الكتب والوثائق فأرسل لجنة وقفت على حال المكتبة وكتبت تقريرا أوضحت فيه أهمية المكتبة وما تحويه من جواهر وحاجتها الملحة للترميم والتصنيف، ونحن فى انتظار هذا وذاك، وكلى ثقة فى الدكتور شريف شاهين لإنقاذ هذه المكتبة.
إننا فى حاجة إلى ترميم هذه المخطوطات والكتب النادرة والألبومات ترميما علميا لإنقاذ هذه الذخائروتصنيف الكتب وفهرستها وتصويرالألبومات التاريخية وإتاحتها عبر موقع إلكترونى حتى يفيد منها الباحثون فى العالم، وإتاحة المكتبة المصورة للطلاب للمساعدة على تطوير طرق التدريس بالجامعات، و نشر كُتيب تعريفى بالمكتبة يحتوى صورا من ألبوماتها وتعريف الباحثين بالنفائس الموجودة بها وتبادل الخبرات بين الجانبين الأجنبى والمصرى فى مجال الترميم والتحقيق والبحث العلمى والنشر....الخ وفتح قنوات جديدة من التبادل المعرفى بين الباحثين المصريين وغيرهم ونشر المعرفة والتنوير فى صعيد مصر وبخاصة بين طلاب جامعة جنوب الوادى (أكثر من 30000 ثلاثين ألف طالب وطالبة)وكتابة بحوث علمية فى التاريخ والمعارف والفن والموسيقى والأدب، وتحويل الألبومات المصورة على ميكروفيلم أو المصورة على أقراص مدمجة أو على ميكروفيتش، ولقد قام فريق من قسم ترميم الآثار بكلية الآثار بقنا يقوده الدكتور عبده الدربى والدكتور عصام حشمت بفحص مقتنيات المكتبة فوجدوا أن 112 ألبوم صور و2170 كتابا فى حاجة ماسة إلى الترميم العاجل لما أصابهم من تلف نتيجة الفطريات والسيول التى غمرت قنا مرتين فأصابت بعض هذه المقتنيات، لذا أهيب بمن لديه حب التراث والانتماء لهذا البلد الطيب أن يساعد كلية الآداب بقنا فى ترميم هذه الكنوز وإتاحتها للقراء والباحثين، وأن نتركها فى الصعيد.
أقول هذا لأن بعض المسئولين قد يفكرون فى نقلها للقاهرة أو الإسكندرية كما فعلوا فى نقل مقبرة توت عنخ آمون لتكدس فى متحف القاهرة، لكنى أرى أن الصعيد فى حاجة ملحة الى مكتبات ومتاحف حتى ينتشر التنوير ويقرأ الشباب تاريخ بلدهم وتراثهم المشرق، ومن الممكن جمع أجزاء هذه المكتبة المتناثرة إليكترونيا من خلال مكتبة الإسكندرية مثلا لتكون ذخائر يفيد منها الناس، قبل أن يضيع ماتبفى منها .اللهم إنى بلغت، اللهم فاشهد.