سعيا وراء تحسين اقتصاد فنزويلا، وعد الرئيس نيكولاس مادورو مؤخرًا بأنه سيزيد إنتاج النفط في بلاده، وعقب الإعلان قام خبراء استشاريون بدراسة إمكانية الوصول إلى هذا الهدف، في ظل الظروف الحالية والعقوبات وعوامل أخرى.
وأعلن الرئيس الفنزويلي أنه يقدر لهذا العام زيادة استخراج النفط في البلاد إلى أكثر من مليون برميل يوميا، وهو ما نسبه إلى العمل الذي يتم تنفيذه على المستويين المالي والتشريعي، وقال: "نحن مستعدون وبجهدنا وبأذرع الطبقة العاملة النفطية لتحقيق هدف مليون و500 ألف برميل نفط في الأشهر المقبلة بفضل قانون مكافحة الحصار.
وكانت صادرات النفط الفنزويلية قد انخفضتإلى مستويات 1940 تحت العقوبات الأمريكية، وبحسب البيانات التى جمعتها صحيفة "الفينانثيرو" الإسبانية، كان انخفاض المعروض من الخام من فنزويلا أكبر بعدة مرات من انخفاض المعروض في السوق العالمية.
وفيما يتعلق بوعد الرئيس، أكد لويس فيسينتي ليون، مدير شركة Datanálisis، أن صناعة النفط الفنزويلية متدهورة ومُنخفضة القيمة وغير فعالة، وأن هناك عقوبات مفروضة عليها تمنع الرئيس من الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير.
وقال ليون: إن إنتاج النفط الذي يذهب إلى حلفاء فنزويلا والصين وروسيا والهند وتركيا، وهم يخاطرون بأن تفرض الولايات المتحدة عقوبات عليهم في هذه العملية".
وأضاف: "إن فنزويلا محكوم عليها بشدة بإنتاج نفط هامشي تقريبا بسبب هذا الوضع بشكل أساسي".
عامل آخر يؤثر على صعوبة تحقيق ذلك الإنتاج الذي يرغب فيه مادورو، بحسب المدير السابق لشركة النفط الحكومية PDVSA جوزيه تورو هاردي، هو قلة المتخصصين في مجال المحروقات.
وأشار تورو هاردى إلى أن "الأزمة بدأت في عام 2002، عندما قام الرئيس الراحل هوجو تشافيز بتسريح 20 ألف عامل، عملوا في المتوسط 15 عامًا في الصناعة، وبالتالي تراكمت لديهم 300 ألف سنة من الخبرة والمعرفة، ومنذ ذلك الحين لم يكن لدى PDVSA ما يلزم الأفراد للعمل بكفاءة".
وأشار الرئيس مادورو إلى أن PDVSA، كانت فى مارس 2015، قبل أن يوقع باراك أوباما مرسومًا بمعاقبة فنزويلا، حافظت البلاد على إنتاج 2 مليون و153 ألف برميل من النفط يوميا، كما أفاد أن خسائر فنزويلا بلغت حوالي 100 مليار دولار منذ ذلك العام.
وقال وزير النفط الفنزويلى "طارق العسيمى"، إن شركة بدفسا المملوكة للدولة لديها "خطة" تسمح لها بزيادة ضخ النفط إلى 1.5 مليون برميل يوميا، وبالتالى عكس أزمة الإنتاج التى تمر بها البلاد.
وأضاف العيسمي، خلال اجتماع: "إن أهداف هذا العام تشير إلى خطة إنتاج عام 2021 تقدر أن تصل إلى إنتاج قدره 1508000 برميل يوميا من النفط، و6 ملايين قدم مكعبة من الغاز".
وتابع، إن شركة PDVSA بدأت إنشاء مجمع باراجوانا للتكرير (CRP)، مع القدرة المركبة على معالجة ما يقرب من مليون برميل من النفط الخام يوميا، وهذا المجمع، الذي يتكون من أكبر ثلاث مصافي تكرير في البلاد، هو مفتاح إنتاج البنزين في فنزويلا، التي تعاني من نقص خطير في هذا المورد.
واستطرد: "لقد تمكنّا من استبدال القطع والأجزاء التي حُرِمنا من استيرادها من الأسواق الدولية وصنعها عمال فنزويليون، واستبدلنا التكنولوجيا، واليوم لدينا CRP في إنتاج مهم".
وأكد أن "فنزويلا ستستأنف هذا العام تصدير جميع المشتقات والمنتجات المصنعة" من قِبَل مصافي التكرير في البلاد.
وأدى نقص البنزين إلى قيام مادورو بإلغاء الدعم التاريخي للبنزين الفنزويلي في مايو الماضي، مما جعله الأرخص في العالم -يسمح بدولار واحد فقط لملء خزانات 828 مليون سيارة- بعد أن حذر من أنه قبل التراجع في تكرير الوقود يتم استيرادها من إيران.
وعلى الرغم من عدم الشعور بقوة بنقص الوقود في كاراكاس، إلا أن الوضع مختلف في باقي أنحاء البلاد، ويبقى آلاف السائقين في طوابير طويلة للتزود بالوقود كل يوم.
وعن المنصات النفطية فى فنزويلا، فإنها تعانى من شلل تام لعجزها عن بيع إنتاجها من الخام بسبب العقوبات الأمريكية وانهيار القطاع النفطى، ولم تشهد المنصات النفطية لاستخراج الخام أي نشاط خلال يونيو في مقابل عمل 22 منها خلال الفترة نفسها من العام الماضي وأكثر من 100 منصة عام 1998.
وتعتمد فنزويلا كثيرا على النفط، لكنها "تشهد تراجعا كبيرا جدا في حقولها النفطية، والآن لم تعد تجد من يشتري نفطها أو مكانا لتخزينه" وفقا لما يوضحه لويس أوليفيروس، الخبير النفطي والأستاذ الجامعي.
ويؤيد كارلوس ميندوسا بوتييا، مستشار المصرف المركزي الفنزويلي في مجال النفط، هذا الموقف، إذ يقول: "باتت المخزونات في مستواها الأقصى ولا يمكن تاليا تشغيل آبار النفط، فمع انتفاء أماكن التخزين بسبب عجز السفن عن الإبحار، تشل الحركة".
وحتى عام 2018، كانت فنزويلا ترسل 500 ألف برميل من النفط الخام يوميا إلى الولايات المتحدة وتتلقى من هذا البلد 120 ألف برميل يوميا من النفط الخفيف والمكملات الضرورية للتكرير، لكن في أبريل 2019، فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب حظرا صارما على النفط الفنزويلي.
وتشدد شركة "إس آند بي جلوبال بلاتس" من جهة أخرى على أن كراكاس اضطرت في الأسابيع الأخيرة إلى خفض إنتاج الخام بسبب محدودية التخزين، والنقص في النفط الخفيف، لتسييل النفط الثقيل جدا وجعله قابلا للنقل.
وفي مارس، عانت فنزويلا انقطاعا في المحروقات؛ بسبب أزمة سيولة حالت دون استيراد الوقود من الخارج، وعرفت البلاد أزمة محروقات لم تحل إلا بوصول خمس ناقلات نفط إيرانية محملة بـ1.5 مليون برميل.