لفتت أحداث قرية "الكرم" بمركز أبو قرقاص بالمنيا النظر إلى دور الجلسات العرفية أو القضاء العرفى فى حل المشكلات التى تنشأ بين المسلمين والأقباط فى القرى والريف سواء أكانت نزاعات طائفية أو خلافات عادية تطورت إلى جنايات بين المواطنين، حيث رفض المجلس الملى للأقباط الأرثوذكس اللجوء إلى مثل تلك الجلسات فى واقعة المنيا، مؤكدا إنها أهدرت حقوق الأقباط فى وقائع مشابهة سابقة، وذلك فى بيان رسمى.
وطالب المجلس باللجوء للقانون لحل تلك المشكلات باعتباره الضمانة الحقيقة لحقوق المواطنين معتبرًا الجلسات العرفية سببًا فيما آلت إليه الأمور.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أصدرت العام الماضى دراسة كاملة عن دور الجلسات العرفية فى النزاعات الطائفية، تحت عنوان "فى عرف من؟"، ورصدت الدراسة عدد الجلسات العرفية التى تمت منذ 25 يناير 2011 حتى نهاية العام 2014، حيث قدرتها بـ 45 جلسة عرفية تمت بعد وقوع حادث مشابه كان المسلمون والأقباط ضمن أطرافه دون أن تتضمن هذه القائمة أعمال النهب والحرق التى أعقبت فض اعتصامى رابعة والنهضة بالكنائس والمبانى الدينية وممتلكات الأقباط، التى طالت ما يزيد على مائة منشأة دينية مسيحية.
ووفقا للدراسة التى أعدها الباحث إسحق إبراهيم، فقد تحولت الجلسات العرفية فى حالات النزاع إلى نوعٍ من القضاء العرفى المختلف عن نظيره فى غيره من المناطق، وهو القضاء الذى ينتظم وفقًا لما يشبه الدوائر الثابتة، التى تحكم بما هو متوارث ومتعارف عليه من قواعد مقبولة من مختلف أطراف النزاع، معتبرة هذه الجلسات تهدر حقًّا أساسيًّا من حقوق الإنسان، نصت عليه الشرعة الدولية والدستور المصرى، وهو الحق فى المحاكمة العادلة.
وأكدت الدراسة، على أنها لا تعارض وجود آليات اجتماعية على النطاقين المحلى والقومى تساعد فى تطويق النزاعات بشكل عام لكن فى جميع الأحوال يجب أن تبقى هذه الأشكال متجاورة مع وسائل التدخلات القانونية التى يتمتع بها المواطنون مضيفة: ومن واجب الدولة أن تحرص على تطبيقها، وضمان توفرها، وحماية من يلجأ إليها من أى عدوان على حقوقه الأخرى.
وأشارت الدراسة إلى أن الجلسات العرفية لعبت دورًا كآلية لتهدئة الاحتقان الطائفى فى عدد من الحالات، ووضعت حدًّا لتفاقم هذه الاعتداءات ومنع انتشارها على نطاق واسع، لا سيما فى ظل انتشار عوامل الفرز الدينى والطائفى واستخدام ذلك لحشد الأنصار والمؤيدين وتحريضهم للاصطفاف فى هذا الاستقطاب. لكن هذا الدور كان أيضًا عاملًا رئيسيًّا فى تكرار وتجدد الاعتداءات الطائفية.
من جانبه، رحب فادى يوسف منسق ائتلاف أقباط مصر، ببيان الرئيس السيسي الذى أمر بإحالة كافة المتهمين فى القضية للقضاء واتخاذ كافة الإجراءات القضائية ضدهم.
وجدد يوسف فى تصريحاته لـ "انفراد"، تأكيده على ضرورة تقديم الجناة للعدالة والاستجابة لتعليمات الرئيس دون القبول بالقضاء العرفى الذى يهدر حق الأقباط فى مثل تلك الحالات.
كان الأنبا مكاريوس قد أكد لـ "انفراد" فى حوار سابق، أن جلسات القضاء العرفى تهدر حق المواطنين الأقباط وتشجع المتطرفين للنيل منهم فى مرات تالية.