أكد وزير الخارجية سامح شكرى، أن مصر تؤمن بأهمية العمل الإفريقى المشترك، وتسهم بجهد حثيث فى تحقيق السلام كركيزة للتنمية فى القارة، جاء ذلك فى الكلمة الرئيسية التى ألقاها شكري، اليوم الإثنين، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، فى نسخته الثانية، والذى يعقد تحت عنوان (تشكيل الوضع الطبيعى الجديد فى إفريقيا: التعافى بشكل أقوى وإعادة البناء بشكل أفضل) بمشاركة قادة ورؤساء الدول والحكومات وكبار المسئولين من الدول الإفريقية.
وأعرب شكرى، عن تقدير المنتدى لحرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على توجيه كلمة مسجلة خلال الجلسة الافتتاحية لأشقائه الأفارقة والمشاركين، بما يعزز توفر الإرداة السياسية؛ للمساعدة على مواجهة التحديات الإفريقية، مشيرا إلى أن جائحة كورونا على القارة الإفريقية وعلى العديد من الأصعدة ساهمت فى تخصيص النسخة الحالية من المنتدى؛ لمناقشة الحلول اللازمة لمواجهتها.
ويعقد المنتدى - الذى تنظمه مصر - "افتراضيا"، من خلال منصة مستحدثة يتم تنظيمها لأول مرة؛ لضمان الخروج بالشكل المناسب، حيث تم تخصيص قاعة فى أحد الفنادق المطلة على النيل بالقاهرة، والذى تم اختياره ليعكس ربط النيل بين القاهرة وأسوان.
وقال وزير الخارجية خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، فى نسخته الثانية، إن مصر التى تعتز كثيرا بانتمائها الإفريقى وبأهمية العمل الإفريقى المشترك هى مصر التى ساندت تاريخيا حركات التحرر والاستقلال فى قارتنا الأم، وهى ذاتها مصر التى تدرك أن مرحلة جديدة من النهضة والبناء يتعين أن تبدأ لصالح دول وشعوب تلك القارة، التى منحت وما زالت تقدم الكثير لأبنائها؛ لتشجيعهم على العمل والبناء وتحقيق المكانة الدولية المناسبة لقارة غنية بمواردها وثرية بشعوبها التى تتطلع لحقوقها المشروعة فى التنمية.
وأضاف شكرى، أنه لتحقيق تلك الغاية تسهم مصر بجهد حثيث لتحقيق السلام فى القارة الإفريقية كركيزة للتنمية، وفى هذا الإطار يأتى منتدى أسوان للسلام والتنمية فى نسخته الثانية، والتى تأتى تأكيدا على إيمان مصر بأهمية الاستمرار فى دعم إطار العمل الإفريقي، خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تفرضها جائحة كورونا التى يمر بها المجتمع الدولي.
وأعرب، عن تقدير المنتدى والامتنان لحرص الرئيس السيسى على توجيه كلمة مسجلة إلى الأشقاء من القادة والزعماء الأفارقة وكافة المشاركين، بما يعزز مدى توافر الإرادة السياسية المصرية على أعلى مستوى، من أجل مواجهة التحديات والمشكلات الإفريقية.
وأوضح وزير الخارجية، أن حالة الاضطراب غير المسبوقة التى يشهدها عالمنا اليوم نتيجة لتفشى جائحة كورونا تفرض علينا جميعا أن نضع نصب أعيننا حقيقة مواجهة تلك الجائحة وآثارها السلبية اقتصاديا واجتماعيا، وهو ما حدا بنا لاتخاذ قرار بأن تركز النسخة الثانية لمنتدى أسوان على كيفية التعاطى مع ذلك التحدي، ومن ثم جاء اختيار عنوان المنتدى (تشكيل الوضع الطبيعى الجديد فى إفريقيا: التعافى بشكل أقوى وإعادة البناء بشكل أفضل) ليعكس أهمية عدم التوقف عند آثار تلك الجائحة فقط، وإنما التركيز على الحلول اللازمة للتغلب عليها، وبحث كيفية توظيف إجراءات التعافى لتحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وأجندة التنمية المستدامة لعام 2030.
وقال وزير الخارجية، إن جائحة كورونا فرضت تحديات غير مسبوقة تتطلب إعادة النظر فى مفاهيم الأمن التقليدية المتعارف عليها، وأسهمت فى ذات الوقت فى تفاقم التحديات التقليدية التى تواجه القارة الأفريقية مثل النزاعات المسلحة وتنامى التنظيمات الإرهابية وأزمات النزوح والهجرة القسرية والظروف الاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها القارة.
وأشار، إلى أن هذه التطورات تقتضى تعزيز قدرات الدول الأفريقية على مواجهة التحديات الأمنية الراهنة وعلى رأسها مواجهة الإرهاب وظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأحانب واستمرار التدفقات غير الشرعية للأسلحة، بالتوازى مع زيادة أنشطة الجريمة المنظمة العابرة للحدود بما يصب فى صالح إنجاح المبادرة الأفريقية لإسكات البنادق.
وأكد على الدور الذى سيضطلع به مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، الذى سيتولى قيادة الجهود التنموية فى بؤر التوتر لمنع تجدد النزاعات، وذلك فى إطار المسئولية الموكلة إلى مصر وقيادتها لدعم برنامج بناء القدرات وحل النزاعات بالطرق السلمية.
وأوضح وزير الخارجية، أن النسخة الثانية لمنتدى أسوان - على مدار خمسة أيام - تتيح فرصة مواتية لتناول هذه الإشكالية من خلال عدد من الجلسات حول: تطوير منظومة حفظ وبناء السلام ومنع النزاعات وجهود مكافحة الإرهاب ودفع أجندة المرأة والسلم والأمن والتعامل مع النزوح نتيجة النزاعات، حيث سيتم تناولها فى إطار التحديات والأعباء التى فرضتها جائحة كورونا، والعمل على التوصل إلى توصيات محددة تساهم فى تعزيزالاستجاية الأفريقية لتلك التحديات.
وأضاف شكرى أن المناقشات ستتطرق كذلك إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام والأولوية بالنسبة للقارة الأفريقية، والتى لم يتم تناولها فى الدورة الأولى للمنتدى مثل التغيرات المناخية فى إطار تاثيرالظاهرة على السلم والأمن والفنون والثقافة والتراث باعتباره موضوع الاتحاد الأفريقى لهذا العام، وهو ما يحظى بأهمية كبيرة فى إطار تراثنا الأفريقي.
وقال وزير الخارجية، إن المنتدى فى دورته الحالية سيتناول عددا من المجالات تساهم فى إنشاء بيئة مواتية لاستتباب السلم والأمن، ومن تلك المجالات تعزيز التجارة البينية بين الدول الأفريقية على ضوء الإطلاق الفعلى لمنطقة التجارة الحرة القارية فى يناير 2021، وأيضا مشروعات البنية التحتية، فضلا عن انتخاب مصر مؤخرا لرئاسة لجنة بناء السلام فى الأمم المتحدة والذى ستحرص من خلالها على تعزيز التعاون بين جهود بناء السلام بالأمم المتحدة وإعادة الإعمار فى الاتحاد الأفريقي.
وأكد شكرى، أن الدورة الأولى لمنتدى أسوان للسلام التى استضافتها مصر فى ديسمبر 2019 بمحافظة أسوان خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، قد نجح - بفضل قادتها الأفارقة - فى تدشين منصة رفيعة المستوى من أجل تعزيز العلاقة بين السلم والأمن المتسدامين نتجت عن مناقشاتهم الثرية عن مجموعة من الاستخلاصات التى نسعى إلى البناء عليها خلال الدورة الثانية ومتابعة تنفيذها، ومن أهمها ضرورة الاستعاضة عن منهج إدارة الأزمات والحلول الجزئية قصيرة المدى إلى مفهوم السلام والتنمية المستدامين، والحلول طويلة المدى والشاملة التى تعالج جذور الأزمات.
وأضاف، أن هذه الاستخلاصات لاقت صدى واسعا فى مختلف المنتديات والمحافل الدولية وساهمت فى الدفع برؤى الدول الأفريقية تجاه قضايا السلم والأمن والتنمية.
وأشار شكرى، إلى أنه على غرار ما تم فى الدورة الأولى للمنتدى، فقد سبق للدورة الثانية عقد عدد من ورش العمل التحضيرية حول بعض هذه الموضوعات، تمخض عنها عدد من النتائج والتوصيات التى ستسهم فى إثراء مداولات المنتدى، كما تم تضمينها فى تقرير أسوان للسلام والتنمية المستدامين الذى تم نشره على موقع المنتدى.
وأكد شكرى - مجددا - حرص قيادة مصر على تعزيز التعاون فيما بين أشقائها الأفارقة وشركائها الدوليين، انطلاقا من مبدأ الملكية الوطنية والتعاون الدولي، بهدف تمكين دول القارة من تحقيق أهداف وطموحات واَمال شعوبها.
وأعرب وزير الخارجية - فى ختام كلمته - عن خالص التقدير لكافة الشركاء الذين حرصوا على مساندة المنتدى بكافة أشكال الدعم، سواء من الدول أو المنظمات الإقليمية أو الدولية أو القطاع الخاص والمراكز البحثية .. متمنيا أن تكلل أعمال الدورة الثانية للمنتدى بالنجاح والتوفيق.