تسود حالة من الترقب دوائر الاقتصاد العالمى، لتحركات الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى خلال الفترة القادمة، وسط توقعات بزيادة أسعار الفائدة الأمريكية، بنحو 0.25%، خاصة مع ارتباط العديد من الاقتصاديات الخليجية بالاقتصاد الأمريكى.
وعلى الرغم من عدم وجود ارتباط مباشر بين الاقتصاد المصرى ونظيره الأمريكى فيما يخص أسعار الفائدة فى البلدين، إلا أن مستويات التضخم المتوقعة فى مصر ستتجاوز الـ13% خلال الشهور المقبلة، بعد خفض قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 14% خلال شهر مارس الماضى.
وتتطلب الخطوات الحالية للبنك المركزى المصرى والحكومة والوزارات والجهات المعنية تعزيز موارد البلاد من العملة الأجنبية، وهو ما يعود على كافة مؤشرات الدولة الاقتصادية بالإيجابية، خاصة وأن قطاع المنتجات الغذائية مسؤول عن نحو 50% من ارتفاعات الأسعار التى حدثت خلال الفترة الحالية، ونستورد أكثر من 65% من احتياجات البلاد من الخارج.
ومن المقرر أن تبحث لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، يوم 16 يونيو المقبل، أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وسط توقعات بالتثبيت، وبعد أن قررت فى اجتماعها يوم 28 أبريل الماضى، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند 10.75%، و11.75%، على التوالى، وسعر الائتمان والخصم عند 11.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 11.25%.
وتعد أداة سعر الفائدة الأهم لدى البنك المركزى للسيطرة على مستويات منخفضة من التضخم – ارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات – والعمل على تحقيق استقرار الأسعار، وهو ما استخدمها طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى كثيرًا خلال استراتيجيته لضبط الأسواق والأسعار، عن طريق سياسة رفع أسعار الفائدة.
وفى نوفمبر الماضى رفعت البنوك الحكومية الـ3 "الأهلى المصرى" و"مصر" و"القاهرة" أسعار الفائدة على شهادات الإدخار البلاتينية – مدتها 3 سنوات - بعائد سنوى 12.5? يصرف شهريًا، والذى يعد ثانى أعلى معدلات الفائدة حاليًا على الأوعية الإدخارية فى السوق المصرية، بعد إصدار بنكا "الأهلى" و"مصر" شهادة إدخار بالجنيه بعائد 15% بشرط التنازل عن العملات الأجنبية والذى تم منتصف مارس الماضى، والأخيرة تستهدف زيادة حيازات البنكين من العملات الأجنبية، وأغلقت بحصيلة تقترب من الـ2 مليار جنيه.
ويبحث المواطن المصرى دائمًا عن مستوى دخل مناسبة لمستوى معيشة جيد، وأسعار لمنتجات وخدمات فى متناول يديه، ويتيح تحريك لأسعار الفائدة جذب فوائض الأموال والمدخرات التى فى حوزة المواطنين، وتعد ملاذًا استثماريًا هامًا يعمل على تنميتها بشكل شهرى يساعد فى التغلب على أعباء المعيشة ويسهم فى مواجهة مصاعب التضخم وارتفاع الأسعار الحالى.
وتلك الإجراءات المصرفية والتحركات الخاصة بأسعار الفائدة تسلتزم مسارًا آخر من الحكومة بالرقابة وضبط الأسعار ومنع جشع التجار بزيادة الأسعار اعتمادًا على خفض قيمة الجنيه، والعمل على تعزيز الصادرات وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، عن طريق خطة استراتيجية متكاملة تراعى مصلحة المواطن وتأثره بالأسعار.
ويستفيد القطاع المصرفى ممثلًا فى وحداته المصرفية فى تنمية محافظ الودائع لدى كياناته خاصة فى ظل أن محفظة أرصدة البنك الأهلى المصرى من شهادة الإدخار البلاتينية تتجاوز الـ220 مليار جنيه، من إجمالى أرصدة الودائع البالغة نحو 527 مليارات جنيه، ومن المتوقع أن يسهم هذا الرفع فى مستوى الفائدة فى زيادة حجم تلك الأموال خلال الفترة القادمة مع الزيادة الكبيرة المتوقعة فى أعداد المكتتبين فى تلك الشهادات، خاصة وأن إجمالى ودائع القطاع المصرفى تتجاوز 1.8 تريليون جنيه.
وتعمل تلك الخطوة أيضًا على اجتذاب شريحة جديدة للتعامل مع القطاع المصرفى وتنمية الرقم الحالى الذى يبلغ نحو 10 ملايين مواطن، حيث يستهدف البنك المركزى والبنوك اجتذاب شريحة المواطنين التى كانت لا تتعامل مع البنوك، وتشجيع ثقافة الإدخار فى إطار ما يسمى مصرفيًا بـ"الشمول المالى" أى زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك.
*