عيد السلواوى أقدم رسام للحجاج فى الصعيد.. ينقل الاحتفالات الشعبية بالحاج إلى الجدران وبعد موسم الحج يرسم للأفراح والموالد.. ومصورة عالمية وثقت إبداعه فى كتاب عن الفن الشعبى.. فيديو وصور

خمسون عامًا قضاها بين فرشاته والألوان، وضع خلالها بصمته على كافة بيوت قريته والقرى المحيطة فى أسوان، من خلال الفن الذى ورثه من الأجداد "رسومات الجدرايات" أو الفن الشعبي لرسومات الحجاج، تجده يقف على سقالته مرتديا جلبابه الملطخ بالألوان المختلفة، هذا الجلباب الذى يعد من التراث فلم يغيره حتى خلال عمله، ممسك بفرشته المصنوعة من جريد البلح أو كما يسميه هو "صباب البلح"، كفاه خشنان مخضبان بالألوان التي يرسم بها على الحوائط، إنه عيد علي السلواوى أشهر رسام لجداريات الحج في مصر خاصة محافظة أسوان. ما بين الجمل وزفة الحاج من بيته إلى مكة والكعبة وحبل عرفات، إلى استقباله بالدف وصواني الشربات، رسومات متنوعة لا تحصى ولا تعد عن مناسك الحج، يجدها الحاج على جدار بيته حين يعود من رحلته المقدسة، وتذكره لسنوات بأنه نال هذا الشرف. و"انفراد " كان له لقاء مع الجندى المجهول وراء هذه الرسوم والفن، الفنان الشعبي عيد السلواوى. قال السلواوى لـ"انفراد": "ورثت مهنتى من عمى، كان خطاطا ورساما للحجاج وكنت أسيب المدرسة وأروح أشتغل معاه، بدأت شغل سنة 1964، كنت في ابتدائي لحد ما اشتغلت وحدى، الناس كانت تقول الواد أشطر من عمه، كنت مميزا في شغلي، أرسم الخط مضبوط، سواء في الآيات القرآنية أو الجمل اللي بنكتبها زى حج مغفور، وخطوة عزيزة، كل الممارسة خلتني شربت الصنعة كويس لدرجة أني تفوقت علي عمى، وحتى الآن لسه بشتغل في الرسومات على الجدران سواء في الحج أو الأفراح أو زينة البيوت بالألوان هنا في الأقصر وأسوان". يروى السلواوى عن واقعة لطيفة حدثت معه أثناء فترة تجنيده فقال: "كنت عسكرى صغير، ووقت فراغى كنت أرسم وفي إحدى المرات عملت عسكرى متقن بالصلصال، فأتي القائد أثناء مروره وانبهر جدًا به وأخذت فيها مكافأة إجازة 5 أيام، لأني كنت مميزا وبرفه عن الجنود برسمى". يكمل الفنان: "لازم الحاج يدعوني في حفلة السفر عشان يتفق معايا، وأنا هناك بشوف مين اللي كان موجود، وعمل إيه اللي حضنه والصوانى اللي داخلة واللي سلم عليه ولو في واقعة معينة حصلت بركز فيها عشان أرسمها على الحيطة لما يرجع الحاج بالسلامة يلاقيها قدامه، وبكتب النصوص الدينية، ولو بيت شعر، الجمال المحملة مع الحاج، والطيور والطائرات، والزهور، والكفوف في التراث الشعبي بتاعنا في أسوان، وطبعًا الكعبة والمسجد النبوى". وتابع السلواوى حديثة: "أنا باخد مبلغ بسيط من الحاج، واللي مش معاه مابخدش منه، لازم أرسمله وييجي يلاقي بيته حيطة بيته جديدة وكلها رسومات حلوة، أنا بجيب الألوان بنفسي وكل الخامات، عشان بركبها على بعضها وبحط حاجات عليها، جميع الألوان أكاسيد وبدخل الصمغ العربي ومية ورد، والخل، بعمل تخمير قبل ما أطلع على الرسم بأسبوع، عشان تماسك الألوان ما تقلبش من الشمس ولا الهوا ولا المطر، الرسمة ممكن تقعد معايا ساعة ونص وساعات ساعتين، عشان برسم جبل عرفات والناس، وفى الغالب كل الرسومات ممكن تاخد منى 8 ساعات عشان اخلص كل الرسومات على الحيطة". وأكمل الفنان الشعبي حديثه: "لما بيخلص موسم الحج برسم الأفراح وليالي الموالد، زى المزمار البلدى والعصايا، والحمد لله مافيش حد بيرسم العصا بإتقان غيرى، لأن في نظرة ثلاثية في الرسم بتخلي الصورة تبص ليكى في الاتجاهات الثلاثة اتدربت عليها كثير لحد ما طلعت مضبوطة ومافيهاش غلطة، ولازم أضبط الأبعاد والمسافات فى الرسمة زى التوازن والارتفاع، يعنى لو انت واقفة يكون الصورة هي هي لو أنت قاعدة، أو انت مكوعة الصورة لازم تكون مضبوظة وماتتغيرش أبدًا، كل ده اكتسبته بالخبرة". "ببركة مكة وجبل وعرفات والمدينة المنورة، وصلت لدرجة عالية وكبيرة، وأصبحت فنان عالمي"، هكذا يكمل السلواوى حديثه قائلًا: "كنت أرسم في بلدتى ومسقط رأسي سلوا وكنا في موسم الحج، وكان هناك بعض من السائحين يشاهدون ما أفعل وكانت من بينهم سيدة تدعى آن باركر كانت وقتها تعمل كتابًا عن الفن الشعبي وخاصة ورسوم الحج، وانبهرت برسمى وقامت بتصويرى وأنا أعمل وصورت بعض الرسومات، ثم تحدثت معي عن بداياتى وحكايتي وسافرت، بعدها بفترة فوجئت بها ترسل لي نسخة من كتابها وقد ضم لى رسومات عديدة في ما يقرب من 13 صفحة مصحوبة بقصة حياتي، سعدت به كثيرًا، وكنت أتمني أن يأتي هذا التكريم لي من بلدى مصر، على الرغم أنه يوجد فيلمًا عني في قناة الصعيد المصرية". ينهى فنان أسوان حديثه لـ "انفراد" قائلًا: "نفسي أروح أحج، وأشوف الرسومات اللى بعملها على الطبيعة، أنا مش هقدر أرسم لنفسي لكن ابني طه هيرسملي وهيكمل مسيرتى، خاصة أنه متعلم يعنى يتوفق عليا بالعلم".