اضطرابات فى السلوك مع عدم القدرة على القيام بأبسط المهام الخاصة به، هى ليست أعراض لمرض عادى ولكنها أعراض لأخطر مرض فى العالم وهو إدمان المخدرات، والتى يحاول كل أطراف المجتمع التخلص من هذا المرض وحماية أبنائنا منه.
وعن أحدث الأرقام التى تحدد وضع الإدمان فى مصر وطرق التغلب عليها، قال الدكتور "عمرو عثمان" رئيس صندوق مكافحة الإدمان: "مشكلة الإدمان والتعاطى منتشرة فى مصر بصورة كبيرة، وهو ما دفع الجميع لمضاعفة المجهود لمكافحتها، ولا نخجل من الإعلان عن الأرقام الحقيقية حتى وإن كانت صادمة، وهو ما جعلنا نقوم من خلال الصندوق بالعديد من الأبحاث والدراسات التى توضح لنا المشكلة بشكل صحيح حتى نضع أيدينا على المشكلة وأسبابها وأماكن انتشارها".
نسبة الإدمان فى مصر
وتابع د. عمرو: "تسجل نسبة الإدمان فى مصر 2.4%، ونسبة التعاطى بلغت 10%، وهى تتعدى نسبة التعاطى العالمية التى تسجل 5% وهو ما يشكل قلقا كبيرا، وأظهرت الدراسات أن هناك تدنيا لشكل التعاطى، حيث يبدأ الشباب فى مرحلة التعاطى من عمر 11 عاما وهو ما يثبت تراجع دور الأسرة، حيث إن 58% من المدمنين يعيشون مع أسرهم بشكل طبيعى بدون مشكلات أسرهم كما كنا نتخيل الأمر من قبل، مما يدل على تراجع دور الأسرة بشكل كبير، فتواجد الأب والأم مع أبنائهما ما هو إلا تواجد جسدى وليس تفعيلا لدورهم التربوى واحتوائهما النفسى".
المخدرات تنتشر بين السائقين والحرفيين فى مصر
وأشار الدكتور عمرو عثمان إلى أن الترامادول يحتل المركز الأول فى الانتشار بين المدمنين، ووصلت إلى 51% من نسبة المدمنين، أما الحشيش هو رقم واحد بين المتعاطين، وأكد أن هناك بعض الفئات المجتمعية يعانون من انتشار حقيقى للمخدرات فيما بينهم، وهم فئة السائقين المهنيين والحرفيين، حيث انتشرت المخدرات بين السائقين بنسبة 24% والحرفيين 19% من نسبة المدمنين فى مصر.
الأعمال الدرامية تسببت فى انتشار الإدمان
وأضاف الدكتور عمرو عثمان قائلا: "بدأنا نرصد كل مشاهد التدخين والإدمان فى كل الأعمال الدرامية سواء تليفزيون أو سينما خلال الأربع سنوات الماضية، لرصد مدى تأثير هذه المشاهد على المجتمع وأظهرت النتائج أن ما يقرب من 11 ألفا و500 مشهد حرضوا على تناول المخدرات والتدخين، وتكمن المشكلة أكثر فى رمضان، حيث تلتف الأسرة المصرية أمام شاشات التليفزيون، حيث سجلت مسلسلات رمضان 2014 عدد 102 ساعة تحريض على المخدرات والتدخين، ورمضان 2015 اشتمل مشاهد التدخين والمخدرات بمقدار 13.5% من المساحة الزمنية لكل عمل درامى".
خطة صندوق مكافحة الإدمان للحد من المخدرات
وعن خطوات مكافحة الإدمان قال الدكتور عمرو عثمان: "ننفذ الآن خطة محكمة للحد من انتشار هذه الآفة فى مجتمعاتنا وهى تعمل على عدة محاور أولها المؤسسة المدرسية، حيث انتشر ما يزيد عن 26 ألف متطوع فى المدارس لتوعية الطلاب من هذا الخطر، بالإضافة إلى مراجعة المناهج الدراسية لوضع دروس توعوية بشكل غير مباشر للطلاب خاصة فى مرحلة التعليم الأساسية.
وتابع د. عمرو: "لم يكن هذا هو الطريق الأول الذى نسير فيه لمكافحة الإدمان، ولكن انتقلنا للتعامل مع الإعلام عن طريق حملات مؤثرة تحمل اسم (أنت أقوى من المخدرات) شاركنا فيها الفنان الشاب محمد رمضان، والرياضى العالمى محمد صلاح، وكان اختيارنا لهذين الشخصين بناء على نتائج لدراسة للتعرف على أكثر الشخصيات تأثيرا على الشباب خلال المرحلة العمرية بين 12 إلى 17 سنة، واستطعنا من خلال هذه الحملات جذب 12 مليون متابع خلال أول 3 أسابيع، وزادت نسبة المقبلين على العلاج حتى بلغت 82%".
مواجهة الإدمان والتعاطى بين السائقين
وللحد من مشكلة انتشار التعاطى والإدمان بين السائقين المهنيين تواصلنا مع وزارة الداخلية لإجراء حملات كشف مبكر عن التعاطى والإدمان بين السائقين، حتى استطعنا التقليل من نسبة انتشاره حتى وصلت النسبة إلى 16% حاليا، وخلال الـ6 أشهر الماضية تم العمل مع 19 ألف سائق مهنى على الطريق السريع، وشملت حملتنا الأخيرة سائقى أتوبيسات المدارس، حيث إن نسبة المخدرات بينهم وصلت إلى 7%.
وأكد الدكتور عمرو عثمان أن الصندوق استطاع خلال العام الماضى استقبال 75 ألف مريض إدمان وعلاجهم، بالإضافة إلى إعادة التأهيل والدمج المجتمعى، وتعريف المتعافين منهم على بعض الحرف التى تساعدهم على بداية حياتهم من جديد.