انطلقت الملكة نازلى، والدة الملك فاروق، تسب فى الأزهر والأزهريين، وتدعو الله أن يصيب البرنس محمد على توفيق، رئيس مجلس الوصاية على العرش، وولى العهد، وذلك بسبب رسالة غاضبة بعث بها الأمير من القاهرة إلى أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى، يوبخه فيها بقسوة على سماحه للمصورين بالتقاط الصور للملكة نازلى وهى تتزحلق على الجليد فى سان موريتز، بسويسرا، وكانت تغطيها الثلوج، نشرت صحف مصر بعضها، فخرج طلبة الأزهر الشريف فى مظاهرة تعالت فيها أصوات الاحتجاج، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد التابعى، فى كتابه «من أسرار الساسة والسياسة».
تلقى حسنين باشا الرسالة الغاضبة عقب وصوله إلى جنيف، مع الملك والملكة يوم 26 مارس، مثل هذا اليوم من عام 1937، وذلك استكمالا للرحلة التى بدأت يوم 27 فبراير، إلى أوروبا، واستقل فيها الملك فاروق الباخرة من بورسعيد، يذكر «التابعى» أن الوزراء ورئيسهم، رفعة مصطفى باشا النحاس، رافقوا «فاروق» فى القطار الخاص إلى بورسعيد ثم صعدوا إلى ظهر الباخرة وودعوه، يؤكد: «فوجئ النحاس باشا، ومكرم عبيد باشا، برؤيتى على ظهر الباخرة مع أفراد الحاشية التى ترافق فاروق فى رحلته».
يذكر «التابعى»، سبب هذه الرحلة قائلا: «تقرر أن يقوم بها الملك الشاب، نصف الأمى، والذى لم يكمل دراسته، ولم يتحصل من العلم إلا على أقل القليل، ورُئِىَ أن يقوم برحلة طويلة إلى أوروبا لعل الرحلة تزيد فى تجاربه ومعلوماته ولو قليلا»، يضيف: «تقرر أن تصطحبه أمه الملكة نازلى، وشقيقاته الأميرات فوزية، وفايقة، وفتحية، ومعهن المربيتان الإنجليزيتان، وأستاذهن للغة العربية أحمد يوسف، ومستر فروج، مدرس التاريخ والجغرافيا للملك، وزينب ذوالفقار، وصيفة الملكة نازلى، وكريمتها الآنسة صافيناز ذوالفقار، التى ستصبح فيما بعد الملكة فريدة زوجة فاروق، وخال الملك حسين باشا صبرى، وزوجته شهيرة الدرمللى، وأحمد حسنين باشا، رائد الملك، وعمر فتحى، يارو الملك الخاص، ودكتور حسين حسنى، مساعد السكرتير الخاص للملك، بالإضافة إلى شخصيات أخرى».
بدأت الرحلة بمرسيليا فى فرنسا، ويكشف «التابعى»، كيف قام أحمد حسنين باشا، بتقوية قبضته على «نازلى»، وكيف كانت هى تهيم غراما به، وكيف أنها فى هذه الرحلة بدت وكأنها تعوض سنوات من عذاب القيود وهى زوجة للملك فؤاد.
يذكر الدكتور حسين حسنى، فى مذكراته «سنوات مع الملك فاروق» أن رسالة الأمير محمد عبدالمنعم، لم تعبأ الملكة بما جاء فيها، وقالت إنها لن تصنع سوى ما يروق لها، وإزاء ذلك اعتكفت فى حجرتها يومين، وحسب «التابعى»، فإنه حين تم عرض رسالة الأمير محمد على الملك فاروق، هز كتفه، وقهقه ضاحكا، أما «نازلى» فغضبت وثارت وعلا صوتها وهى تصيح: «كفاية بأه، كفاية سبعتاشر سنة وأنا محبوسة - مدة زواجها من الملك فؤاد - خدوا الكرونا - التاج - من على راسى، مش عايزاها».
يضيف «التابعى»: «غضبت الملكة نازلى من خطاب الأمير محمد على توفيق، وأعلنت أنها أمضت فى سجن الملك فؤاد سبعة عشر عاما، وتريد اليوم أن تكون حرة، وإلا فإنها لا تريد هذا التاج على رأسها، ثم انطلقت تسب الأزهر والأزهريين، وتدعو الله أن يصيب البرنس محمد على بكذا وكذا، وغضبت ولزمت جناحها الخاص بالفندق يومين غاضبة، وانقطعت عن تلقى دروسها فى الزحلقة على الجليد، وشكا جميع من كانوا معها من عصبيتها وحدة لسانها».
يضيف «التابعى»: «ذات صباح تلقى فاروق من مصر برقية تقول إن صاحب السمو الملكى، الأمير محمد على، قد أصيب بذبحة صدرية وأن حالته خطرة، وهنا أعادت الابتسامة إلى شفتى الملكة، وقالت لمن حولها: أبواب السماء كانت مفتوحة لما دعيت عليه، ده أنا دعايا ما ينزلش الأرض».
يؤكد «التابعى»، أن الغرام الذى جمع بين «نازلى» وحسنين باشا ارتفع عمقه فى جنيف، يقول: «جنيف مدينة تتوافر فيها أسباب اللهو لمن يريد أن يلهو، وفيها أركان منعزلة، ومحلات أنيقة لتناول الشاى وصالونات خاصة، ونزهات بالسيارة خارج المدينة، أو بزورق بخارى فى بحيرة ليمان الشهيرة، وبدأنا نلاحظ كثرة خروج أحمد حسنين مع نازلى وحدهما، وأحيانا معهما السيدة الجليلة زينب ذوالفقار، ثم فوجئنا بخبر سفر حسين صبرى باشا، خال الملكة فاروق مع زوجته عائدين إلى مصر، مع أنه كان مقررا أنهما سيلازمان الملك والملكة طوال الرحلة فى أوروبا».
يضيف «التابعى»: «أقمنا أياما فى جنيف، وكان أحمد حسنين يخرج مع الملكة، والقائم مقام عمر فتحى، يخرج مع الملك ولم يخرج الأربعة معا إلا فيما ندر».