كان الوقت ظهرا، يوم 6 إبريل، مثل هذا اليوم 1966، حين بدأ المؤتمر الصحفى للإعلان عن إحالة نيابة أمن الدولة 162 متهما من جماعة الإخوان إلى المحاكمة، فى القضية المعروفة تاريخيا بـ«تنظيم 1965» بزعامة سيد قطب.
حضر المؤتمر وزير العدل المستشار عصام حسونة، والنائب العام المستشار محمد عبدالسلام، ورئيس نيابة أمن الدولة العليا المستشار صلاح نصار، حسب جريدة «الأهرام» فى عددها يوم 7 إبريل، 1966، والتى نشرت قرار النيابة كاملا، وتضمن تفاصيل مذهلة فى خطط التنظيم الإرهابية، وخريطة انتشاره، وأمواله التى يتم جمعها من الخارج والداخل، وعمليات تجنيده لعناصر جديدة، بالإضافة إلى علاقته بمرشد الجماعة حسن الهضيبى، الذى باركه وكان على علم بخطواته.
كانت هذه الإحالة الثالثة والأخيرة للمتهمين فى التنظيم، ومن أشهرهم، سيد قطب وشقيقته حميدة، وزينب الغزالى، وعبدالفتاح إسماعيل وعلى العشماوى، وخطط التنظيم لعمليات إرهابية، أبرزها اغتيال مسؤولين فى مقدمتهم الرئيس جمال عبدالناصر، وتفجير الطرق والكبارى من بينها القناطر الخيرية، وتفجير خطوط السكك الحديدية ومحطات الكهرباء، وتم ضبط كميات هائلة من المفرقعات والأسلحة والمواد المتفجرة لاستخدامها فى هذه الأغراض الإرهابية.
وأوضحت النيابة، أنه بين الـ162 متهما، يوجد 135 بينهم المرشد السابق للجماعة «حسن الهضيبى» وأحد أبنائه «إسماعيل» وهو محام، متهمون بإحياء «حزب الإخوان المنحل»، وابنا ثانيا له «مأمون» وهو مستشار سابق متهم بالتهريب، واتهمت ثمانية بعدم الإبلاغ عن التنظيم السرى رغم علمهم بوجوده، وثمانية بالتهرب منهم ثلاثة هاربون، واتهام سبعة بإحراز مفرقعات وأسلحة وبالاشتراك فى اتفاق جنائى لقلب نظام الحكم.
وذكرت «الأهرام» - وفقا للنيابة - أنه بإذاعة هذه القرارات تكون النيابة انتهت من التحقيق والتصرف فى كل قضايا أمن الدولة، وتكون قدمت إلى محكمة أمن الدولة العليا بدوائرها الأربع مَن توافر الدليل ضده من المتهمين، وبلغ عددهم 394 من بين 700 شخص قبض عليهم خلال الفترة من مايو إلى سبتمبر عام 1965.
وكشفت النيابة من واقع تحقيقاتها، أن تنظيم الإخوان فى القاهرة كان على اتصال بالتنظيمات الأخرى فى الدول العربية، وثبت أن «على العشماوى» مسؤول القاهرة اتصل برئيس الإخوان السودانيين فى القاهرة، للاتفاق على تهريب الأسلحة من السودان عن طريق دارفور، كما ثبت وجود عمليات تهريب أموال يقوم بها أفراد الجماعة الهاربون فى الخارج، كما حدث مع محمد مأمون الهضيبى الذى تلقى 5 آلاف جنيه من عناصر هاربة فى الكويت.
قدمت النيابة أدلتها عبر اعترافات متهمين على علاقة حسن الهضيبى مرشد الجماعة بهذا التنظيم الجديد، حيث قالت إن «زينب الغزالى» اعترفت أن عبدالفتاح إسماعيل تحدث معها فى أمر إعادة تنظيم الإخوان، وطلب منها أن تكون حلقة الاتصال بين التنظيم والهضيبى فوافق، ثم ذهب عبدالفتاح الشريف لمقابلة الهضيبى، حيث وافق على قيام التنظيم السرى الجديد، وأنها «الغزالى» علمت من عبدالفتاح إسماعيل أن «الهضيبى» أذن لهم بممارسة نشاطهم، وأنه فى أواخر عام 1963 وصلها مبلغ أربعة آلاف جنيه من الإخوان الهاربين فى السعودية، فذهبت بالمبلع إلى منزل «الهضيبى»، وأفهمته أن هذا المبلغ خاص، وأودعته لديه لحساب التنظيم، واستردته على ثلاث دفعات للإنفاق منه على شؤون التنظيم.
كما اعترفت «الغزالى» أن عبدالفتاح إسماعيل طلب منها خلال عام 1964 استطلاع رأى «الهضيبى» فى شخصية «عبدالعزيز على» عندما اتصلوا به لرئاسة التنظيم «قبل سيد قطب»، ولما تحدث معه فى هذا الشأن زكاه.
واعترف «عبدالفتاح الشريف»، أنه اجتمع بالهضيبى فى عام 1963، واستأذنه فى قيام التنظيم الجديد لجماعة الإخوان، فوافق على ذلك، وفى نفس الليلة تم انتخاب مجلس قيادة التنظيم بناء على هذه الموافقة، واعترف «على عشماوى» أن عبدالفتاح إسماعيل اتصل بالهضيبى فى بدء إقامة التنظيم لإحاطته علما به، فبارك هذا النشاط، ثم اتصلوا به بعد ذلك، ومنها اتصالهم به عامى 1964 و1965 بشأن الحصول على خطاب اعتماد منه لكل من سعيد رمضان، وعشماوى سليمان، وكامل شريف، ومحمود أبو السعود، باعتبارهم ممثلين للإخوان فى الخارج وليجمعوا المبالغ اللازمة للتنظيم، وأكد «عشماوى» أن هذه الاتصالات كانت تتم عن طريق زينب الغزالى.
وذكرت النيابة، أن سيد قطب، وعبدالفتاح إسماعيل، وعلى عشماوى، ومحمد عبدالفتاح الشريف كانوا يتصلون بالهضيبى بوصفه مرشدا لجماعتهم، ويخطرونه بمجمل أحوال تنظيمهم.