لم يكن عودة الهدوء لمنطقة كرداسة بعد المذبحة الشهيرة أمرًا سهلًا، فقد سبقها جهود مخلصة من رجال الشرطة، الذين اقتحموا المنطقة الملتهبة واشتبكوا مع الإرهابيين، ونجحوا في فرض السيطرة الأمنية والايقاع بكبار الإرهابيين ليعود الهدوء تدريجيًا للمنطقة.
"أشرف شاكر" و"أحمد عويس" اسمان ظلا يترددان وقتا طويلا، خاصة بعد اقتحام مركز شرطة كرداسة، وإضرام النيران به، وسحل وقتل 14 ضابطًا وفرد أمن بينهم مأمور المركز اللواء محمد جبر ونائبه العقيد عامر عبد المقصود.
الاسم الأول "أشرف شاكر" كان يلقب نفسه باسم صاحب الضربة الجوية، حيث إنه الشخص الذى أطلق أول قذيفتى آر بى جى على مبنى مركز شرطة كرداسة، عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، ودعا الجماعات الإرهابية والبلطجية لمحاصرة المبنى واقتحامه، ومطاردة القيادات الأمنية به وقتلها، بسبب حملاتهم الأمنية التى كانت تلاحق البلطجية والبؤر الإجرامية فى الأيام الأخيرة قبل اقتحام المركز، ومن ثم قرر الخارجون عن القانون الانتقام من الشرطة فى عقر دارها مستغلين الأحداث التى شهدتها البلاد عقب فض اعتصام رابعة.
وتبين أن المتهم يقطن بمنطقة العرب بعد أبورواش، وسبق ارتكابه للعديد من الوقائع الإجرامية، وأن قوات الأمن كانت تداهم أوكاره بين الحين والآخر، إلا أنه كان يهرب إلى جبال أبورواش، ويتخذ منها حصنا للاحتماء بها من الشرطة حتى لا يتم القبض عليه، وأنه عندما علم بفض اعتصام رابعة العدوية، وأن هناك حالة من الانفلات الأمنى حمل آربى جى كان يملكه وتوجه به إلى مدينة كرداسة، حيث وجد العشرات يتجمهرون أمام المبنى، وأطلق قذيفتى آر بى جى نحو المبنى، وسط تكبيرات من الجناة، ثم أشار لهم بيده لبدء عملية الاقتحام، والتى خلفت وراءها قتلى ومصابين وتدميرًا وتخريبًا، ثم استولى المتهم على بعض مسروقات المبنى، وهرب بها إلى المنطقة التى يقيم بها.
والتقطت له الكاميرات صورًا وهو يحمل الآر بى جى أمام مبنى المركز قبل تنفيذ مخططه الإجرامى، وتم التوصل إلى هويته، وإصدار قرار بضبطه وإحضاره، حيث إنه من المتهمين الرئيسين باقتحام القسم.
أما "أحمد عويس" فيقيم أيضا بمنطقة العرب، وكان من ضمن الأشخاص الذين تجمهروا أمام مبنى مركز شرطة، وعندما تم إطلاق الأعيرة النارية صوب المبنى، وإشعال النيران به، اقتحم برفقة آخرين، المبنى، واشتبكوا مع الضابط والأفراد ، وتعدى بالضرب عليهم، وشاهد مأمور المركز يرفض الخروج منه، مؤكدا أنه لن يغادر عمله، وسيؤدى واجبه مهما كلفه الأمر، فتوجه إليه ومزق الملابس الميرى التى كانت يرتديها، ثم قتله وسط ذهول من شهود الواقعة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما ضبطت الشرطة عشرات المتهمين المتورطين في المذبحة، وإنهاء أسطورة "رشيدة" آخر المعاقل الإرهابية بالمنطقة ، حيث قتلت قوات الأمن بالجيزة محمد مصطفى وشهرته " محمد رشيدة" 45 عاطل بعد اشتباكات مع قوات الأمن انتهت بمقتله متأثرا بـ3 طلقات نارية، ويعد "رشيدة" من أخطر العناصر الإرهابية والمتهم الرئيسى فى مذبحة كرداسة، والذى ظل هاربا عدة أشهر بعد المذبحة حتى سقط فى قبضة رجال الأمن وتبادل معهم إطلاق الرصاص لتنتهى حياته برصاصات سبق وأن قتل الضباط بمثلها.
السيرة الذاتية لـ"رشيدة" تحمل العديد من أعمال العنف والشغب، حيث سبق اتهامه فى القضايا أرقام 5976/2007 جنح مركز كرداسة " سرقة " حصر 7677/2007 بجلسة 5/6/2007 حبس سنة، و5158/2009 جنح مركز كرداسة "سرقة" حصر 7724/2009 بجلسة 15/6/2009 حبس شهر، و8125/2009 جنح مركز كرداسة "إيصال أمانة" حصر 10459/2009 بجلسة 8/10/2009 حبس 6 شهور، و 13737/2009 جنح قسم ثانى أكتوبر " سرقة "حصر 1069/2010 بجلسة 23/1/2010 حبس 3 شهور.
كما أنه كان مطلوب ضبطه فى القضايا 12749/2013 جنح مركز كرداسة بشأن اقتحام مركز كرداسة وسرقة محتوياته وإضرام النيران به، وقتل ضباط وأفراد المركز، والقضية رقم15744/2013 جنح مركز كرداسة "مخدرات" اتجار فى سلاح نارى " والقضية رقم 14901/2013 جنح مركز كرداسة "سرقة".
يأتى ذلك بعدما نجحت الأجهزة الأمنية فى القبض على ابن عم الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان، والذى يعد المتورط فى المذبحة، وتبين أنه قبض عليه قبل ذلك فى القضية الشهيرة التى عرفت بقضية الأساتذة وأحيل إلى محاكمة عسكرية، وحكم عليه فى 7 فبراير 2002 بالسجن لمدة خمسة أعوام وأفرج عنه فى أغسطس 2005 بعد قضاء ثلاثة أرباع المدة، وتم القبض عليه فى 12 مارس 2007 وظل فى السجن لثمانية أشهر حتى أكتوبر 2007، لينتهى بذلك الإرهاب فى مدينة كرداسة.