فتيات فى عمر الزهور يتم وأد أنوثتهن وأحيانا نزع أرواحهن أثناء ارتكاب جريمة الختان، خوفا من وهم قديم بأن يجلبن العار بسبب حقهن الشرعى الذى كفله الله فى المتعة الحلال.
ميار.. فتاة السويس التى تبلغ من العمر 17 عاما آخر ضحايا جريمة التخلف المجتمعى وغياب القانون التى فارقت الحياة على يد طبيبة شهيرة بالسويس، لتسكن إلى جوار رفيقاتها السابقات من ضحايا الختان «بدور» و«نرمين» و«سهير» و«كريمة».
«انفراد» تفتح ملف الختان وحكايات ضحاياها من وحى الإحصائيات ودفاتر المحاكم:
ميار التى فقدت حياتها دخلت هى وتوأمتها لإجراء عملية ختان فى أحد مستشفيات الخاصة بالسويس، فتوفت «ميار»، ونجت شقيقتها لتعيش باقى عمرها موتا بالحسرة عليها.
وكانت الطفلة «بدور» ضحية سابقة منذ 7 سنوات للختان بعد أن اصطحبتها والدتها وخالتها وجارتها لإحدى العيادات، وتوفت بعد دقائق قليلة من حصولها على المخدر، حيث كانت الجرعة أكبر من أن يتحملها جسد الطفلة الهزيل.
وبعد وفاة بدور أصدر مجلس الشعب مواد قانونية لتجريم الختان، بإضافة المادة رقم 240 فى قانون العقوبات التى تقضى بالحبس والغرامة على المشترك فى تشويه الأعضاء التناسلية للفتاة، ولكن لم تفلح هذه المادة فى القضاء على جرائم الختان.
وكانت سهير ابنة الـ13 عاما الضحية التالية التى صفعت بوفاتها هذه المادة القانونية العاجزة عن حماية الفتيات، حيث توفيت على يد طبيب مشهور فى يونيو الماضى، حيث عرضت الأم سهير عليه لاستشارته إن كانت الفتاة تحتاج لعملية الختان أم لا، فأكد بأنها تحتاج، وقرر إجراء العملية فى اليوم التالى.
أصرت سهير على اصطحاب شقيقتيها أميرة ومنة، وقبل دخولها العمليات لعبت معهما، وكانت ضحكاتها تملأ المكان دون أن تدرك أن شبح الموت يقترب منها، وخرجت سهير من العمليات جثة هامدة.
تقول الأم: «أنا ذهبت لطبيب وليس لحلاق صحة، وهو من المعروفين فى القرية».
أثارت وفاة سهير ضجة واسعة وحاولت أجهزة الدولة تشديد الرقابة، ولكن الكثير من الآباء والأمهات يعتقدون أن هذه العادة تعف الفتاة.
وبعدها كانت الضحية التالية.. الطفلة «دينا» التى تبلغ من العمر 10 سنوات ضحية، وقالت والداتها: بدأت فى النضوج وظهرت عليها علامات الجمال، وأصرت حماتى وزوجى على ختانها خوفا عليها من الوقوع فى الخطئية. تبكى الأم وهى تتذكر آخر كلمات طفلتها: «ابنتى كانت تشعر بقرب الموت، وقالت لى الليلة السابقه للعملية «ماما أنا مش عايزة أموت.. ضحكت وقولت لها حبيبتى دى حاجة بسيطة متخافيش، فردت أنا هموت كان نفسى أكبر وأبقى دكتوره.. هو أنتم مش بتحبونى ليه.. أنا زعلتكم فى حاجة.. بابا ليه دائما بيعمل معايا كدا».
وتكمل: «جاءت الممرضة وكنت أسمع صوت دقات قلب ابنتى من شدة الخوف، واصفر وجهها، وبعد العملية نزفت حتى لفظت أنفاسها الأخيرة».
التصالح ضيع حياة سهير بدون عقوبة
وشهد عام 2015 صدور أحكام إدانة ضد مرتكبى عمليات الختان، حيث عاقبت محكمة جنح دار السلام الجزئية، بتغريم والدة طفلة وزوجة أبيها وأختها ألف جنيه وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة، وعاقبت محكمة استئناف المنصورة الطبيب الذى أجرى عملية الختان وتسبب فى وفاة الطفلة سهير بالسجن سنتين وثلاثة أشهر، فى أول حكم من نوعه منذ تجريم الختان فى مصر عام 2008 وحبس الأب ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، إلا أنه تم التهرب من العقوبة بعد تصالح كل من والد الفتاة والطبيب.
أرقام وإحصائيات
أوضح تقرير للأمم المتحدة أن %90 إلى %95 من نساء مصر عانين من الختان، وصنفت منظمة اليونسيف مصر الأولى عالميا فى ختان الإناث، ووفقا للمسح السكانى لمصر 2015 فإن %82 من عمليات الختان قام بها أطباء.
فيما وصل عدد دعاوى الزوجات المتضرات من ختان بناتهن أمام المحاكم خلال الفترة من 2013 - 2015 بحسب مركز حريتى لحقوق الإنسان لـ1032 قضية، واحتلت محافظات الجيزة والفيوم وسوهاج وأسيوط النسب الأكبر.
ووصل عدد المحاضر المحررة أمام الأقسام الشرطة بسبب خلافات على إجراء الختان للاناث فى عام 2015 إلى 1879 محضر بحسب المجلس القومى للطفولة.
وبلغت حالات الطلاق والخلع لعام 2015 بسبب هذه العادة 12500 حالة على مستوى الجمهورية، فيما تم نظر 4 آلاف دعوى أمام نفس المحاكم خلال عام 2016 بعد معاناة الزوجات بسبب الختان، وسوء حياتهن الزوجية.
- أزهريون يفتحون النار على "السلفيين" بعد زعمهم وجوب ختان الإناث.. أستاذ الفقه المقارن بالأزهر: ليس لها أصل.. أحمد كريمة أسانيد فتاواهم ضعيفة ومعلولة.. عفة المرأة من التربية وليس من هذا الاعتداء
- مركز حقوقى بالدقهلية يدين وفاة طفلة بالسويس متأثرة بعملية ختان