استدعى الملك فاروق، وزير الأوقاف «حسين الجندى» فى الوزارة الوفدية الأخيرة قبل ثورة 23 يوليو 1952، فى مأدبة ملكية بقصر عابدين بمناسبة الاحتفال بولى العهد ابنه «أحمد فؤاد»، وقال له: إن مراد محسن ناظر الخاصة الملكية ذكر له أن اسم محمد شريف جده لأمه «الملكة نازلى» اقترن فى بعض المناسبات بكلمة السيد، وعليه فهو يستنتج أنه لا يستبعد أن يكون هذا الجد من فرع الدوحة النبوية، وطلب منه بحث الأمر بصفته وزيرا للأوقاف والاستعانة بالعلماء، وفقا لما تذكره الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية 1936 - 1952»، مؤكدة: «لم تنته المهمة بإقالة الوزارة، حيث واصل المجتمعون العمل، وحضر كريم ثابت «المستشار الصحفى للملك» تلك الاجتماعات التى انتهت إلى إذاعة البيان، وحصل البطل على المقابل وتمثل فى رتبة الباشوية».
غير أن الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، يذكر إضافات أخرى على القصة، قائلا فى كتابه «فاروق ملكا»: «روى حسين الجندى الفتى الأول فى قصة النسب، قائلا: سلمنى الملك السابق مذكرة فى هذا الموضوع فى مأدبة ملكية أقامها بقصر عابدين يوم 21 يناير 1952، وطلب منى أمام مصطفى النحاس باشا وسائر الوزراء أن أبحثها بصفتى وزيرا للأوقاف، واستحثنى فؤاد سراج الدين على أن أسرع فى تنفيذ رغبة الملك، فكلفت حجازيا معروفا وهو الأستاذ أمين التميمى ببحث الموضوع، وبعد فترة قدم إلى المستندات التى تمكن من الوصول إليها، فعرضتها بدورى على نقابة الأشراف «برئاسة محمد الببلاوى» التى أصدرت قرارها.
نشرت «الأهرام» القرار فى عددها يوم 6 مايو، مثل هذا اليوم 1952، تحت عنوان «الفاروق يجمع بين مجد الملك والنسب»، وقال نقيب الأشراف، إنه تشرف بمقابلة «مولانا المعظم» بقصر القبة، الملك فاروق، ورفع لجلالته تقريرا عن تحقيق نسبه، وقرار نقابة الأشراف فى هذا الشأن، وأضاف «الببلاوى»، أن سعادة «حسين الجندى باشا» وزير الأوقاف الأسبق، أثناء توليه الوزارة لاحظ أن اسم المغفور له محمد شريف باشا الكبير يبدأ باسم السيد «محمد شريف»، فدعاه ذلك إلى الاتصال بى، وبحث الأسانيد الموجودة بالوزارة والموضوعات التاريخية، فدل البحث على أن تلقيب «شريف باشا» بـ«السيد» منشأه أنه من سلالة الإمام «الحسين بن على» رضى الله عنه، وثبت لنقابة الأشراف صحة هذا النسب، وأصدرت قرارا بثبوت نسب حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم إلى السلالة النبوية الشريفة».
قرأ «الببلاوى» قرار النقابة الذى جاء فيه، أن السيد «فاروق الأول» ملك مصر والسودان، هو ابن السيدة «نازلى» بنت السيدة «توفيقة» بنت السيد «محمد شريف باشا» الذى ينتهى نسبه إلى سيدنا ابن «عبدالله الحسين السبط»، ولهذا قررت النقابة صحة نسب حضرة صاحب الجلالة السيد «فاروق الأول» ملك مصر والسودان ابن السيدة «نازلى» بنت السيدة «توفيقة»، بنت السيد «محمد شريف باشا»، ابن السيد «أحمد سعيد» ابن السيد «محمد شريف»، إلى سيدنا ومولانا الإمام «عبدالله الحسين السبط»، ابن سيدتنا «فاطمة الزهراء»، بنت سيدنا ومولانا محمد رسول الله، المصطفى الأمين بالشهرة والتواتر، وأعقب جلالته حضرة صاحب السمو الملكى الأمير أحمد فؤاد ولى عهد مصر والسودان، وأمير الصعيد وأميرنا بتسجيله بسجل الأنساب طبقا للمجتمع.
بالرغم مما ذكره «الجندى» فإن «النحاس باشا» كان حاضرا وقت تسليم الملك له مذكرة بالبحث عن نسبه، فإن «النحاس» يسخر من هذا الاكتشاف، واصفا الخبر الذى ذكرته الصحف بأنه «مؤسف ومضحك وإلى الهزل أقرب إلى التعقل»، ويضيف فى الجزء الثانى من مذكراته «ربع قرن من السياسة فى مصر»، دراسة وتحقيق، أحمد عز الدين: فاروق بن نازلى عبدالرحيم صبرى الذى يتصل نسبها بلاظوغلى صاحب التمثال فى شارع الدواوين يصبح بين عشية وضحاها من آل البيت النبوى الكريم، ويتصل نسبه الشريف بخاتم الأنبياء محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، سبحانك اللهم.. ضحكت حتى لم أضحك طوال حياتى، وتذكرت المثل الشعبى «اللى يعيش ياما يشوف»..يضيف النحاس: دعوت «حسين الجندى» وكانت فيه سذاجة وعبط، فسألته عن سر هذه المسألة، وأخذ يشرح لى ويقص علىّ أن الببلاوى هو الذى أتى إليه بسلسلة نسبه الشريف.
يعلق «بهاء الدين»: «أراد فاروق أن يكون حفيدا للرسول.. بالأمر، ولم يفهم أن بحثه عن القداسة والتشريف عن هذا الطريق المفتعل يجعل أحقر بائعة سمك فى القاهرة تضحك منه، ولم تنس شوارع المدن المصرية الفكاهات الساخرة التى تداولتها على الألسن تعليقا على هذا النسب».