فى الوقت الذى استشرى فيه الفساد وتضخم فى معظم قطاعات الدولة بفعل سنوات عديدة من الرشوة والمحسوبية وانحراف بعض كبار وصغار الموظفين العموميين، أشهرت هيئة الرقابة الإدارية برئاسة اللواء محمد عرفان سيفها لقطع رؤوس الفساد التى تتحكم فى لقمة عيش "الغلابة" والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه استغلال منصبه من أجل التربح وإهدار المال العام، بعد حصولها على الضوء الأخضر من الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وجهها لمواصلة العمل على مختلف المحاور الخاصة بمكافحة الفساد والتصدى لكافة أشكاله فى مختلف أجهزة الدولة.
وكشفت مصادر قضائية، أن هيئة الرقابة الإدارية تمكنت خلال الخمس أشهر الماضية من ضبط ما يقرب من 530 جريمة متنوعة ما بين الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح واستغلال النفوذ وجرائم التزوير فى المحررات الرسمية وجرائم الكسب غير المشروع وغسل الأموال وجرائم التموين علاوة على تحصيل مليارات الجنيهات من مستحقات الدولة.
وأوضحت المصادر أن الرقابة الإدارية مختصة بمعاونة الجهاز الحكومى والهيئات العامة وقطاع الأعمال العام فى التحرى عن شاغلى وظائف الإدارة العليا، وبلغ عدد من تم التحرى عنهم خلال هذه الفترة ما يقرب من 980 موظف، مؤكدة أن القانون منح الهيئة سلطة التحرى عن شاغلى التعيينات فقط، وهو ما يكبل عمل الهيئة فى التحرى عن الشخصيات الذين ينتدبون من جهة إلى جهة أخرى، والذين يعملون كمستشارين لدى بعض الوزارات.
ومن أبرز الجرائم التى ضبطتها هيئة الرقابة الإدارية خلال الشهور الماضية، ضبط الدكتور أحمد عزيز مستشار وزير الصحة لأمانة المراكز الطبية متلبساً داخل ديوان الوزارة بجريمة رشوة قدرها 4.5 مليون جنيه، من شركة وكيلة لإحدى الشركات الأوربية، والتى تعمل فى مجال توريد المستلزمات والأجهزة الطبية نظير إسناد أعمال إحلال وتجديد وحدة زراعة النخاع للأجهزة بمستشفى معهد ناصر بمبلغ 28 مليون جنيه، خاصة بتجهيز 9 غرف عمليات، قيمة تجهيز الغرفة الواحدة 4 ملايين جنيه.
ولم يمنع القبض على المسئولين الكبار فى قضايا الرشوة مثل وزير الزراعة السابق صلاح هلال من قيام الموظفين الصغار من طلب الرشوة لأنفسهم، حيث تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط 3 أعضاء باللجنة العليا لتثمين الأراضى بوزارة الزراعة، أثناء تقاضيهم 20 ألف جنيه رشوة من مزارع، مقابل قبول التظلم المقدم منه على قرار اللجنة بتقييم سعر 3 أفدنة و8 قيراط أرض زراعية وضع يده عليها، وتخفيض القيمة التى سبق تحديدها بمبلغ 200 ألف جنيه.
كما تمكن رجال هيئة الرقابة الإدارية، من ضبط تشكيل عصابى تخصص بالاتجار فى السيارات المسروقة والمهربة وبيعها بالأسواق بعد محاولة إغراء أعضائها لموظفى بالجمارك، بمبالغ على سبيل الرشوة لاستلام إقرارات الإفراج الجمركى المزورة لإدارة المرور حتى يتمكنوا من ترخيصها وبيعها فى الأسواق المحلية.
وفى مجال مواجهة التلاعب فى لقمة عيش الغلابة والتحكم فى الأسعار، شنت هيئة الرقابة الإدارية حملة مكبرة على مخازن الشركة العامة والشركة المصرية التابعة للشركة القابضة للسلع التموينية على مستوى الجمهورية، لضبط المخالفات التى أدت إلى نقص المعروض من الأرز فى الأسواق، وارتفاع أسعاره إلى 8 جنيهات بدلا من 4 جنية، والتى تبين منها قيام بعض أمناء المخازن بحجب بيع الأرز للبقالين لتعطيش السوق وبيع الأرز بأعلى من أسعاره الحقيقية.
كما شنت حملات آخرى بجميع المحافظات على السلع التى تباع للمواطنين للكشف عن من يقوموا بغش السلع، حيث تم سحب عينات عشوائية من السلع الغذائية لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات، وكذلك متابعة السجلات ومستندات التوريدات الخاصة بالسلع لمطابقتها بالواقع.
كما قامت الهيئة بالتحقيق فى تداول مواقع التواصل الاجتماعى لمقطع فيديو تضمن قيام أحد الأشخاص بنقل كراتين سلع تموينية بسيارة نقل تحمل لوحات حكومية تابعة لوزارة التموين إلى سيارة خاصة، وتبنى قيام سائق السيارة ببيع 50 كرتونة دواجن مجمدة لأحد تجار القطاع الخاص مقابل حصوله على فارق نقدى لنفسه نظرًا لانخفاض سعرها عن نظيرها بالأسواق، وتوفرها الدولة للمواطنين بأسعار مناسبة لمواجهة ارتفاع الأسعار، وتمكنت من ضبط السائق.
ومن ناحية منع الجريمة قبل وقوعها، طالبت هيئة الرقابة الإدارية مسئولى هيئة الطرق والكبارى بوقف نظام إسناد وتخصيص الإعلانات الموجودة بالطرق والكبارى التابعة للهيئة بالأمر المباشر، بسبب ما رصدته من تجاوزات بين موظفى ومسئولى إدارة الإعلانات بالهيئة، على أن يتم تطبيق نظام جديد يشمل طرح أى إعلانات من خلال مزايدة عامة بما يضمن الشفافية ويوقف التجاوزات.
وشنت الرقابة الإدارية حملات أخرى على عدد من المستشفيات الحكومية، والتى تبنى منها العديد من وقائع الفساد المتعلقة بمناقصات الأدوية وعمليات ترميم وإحلال وتجديد بعض المستشفيات، حيث تم إسناد الأمر لشركات محددة، بالرغم من بعض المستشفيات لا تحتاج إلى تجديد وترميم، علاوة على رفع أسعار الأدوية.
أما فى يخص مشاكل البناء والعقارات قامت الرقابة الإدارية بالإسكندرية بتوجيه ضربة قوية لمافيا المبانى المخالفة بالمدينة بالقبض على صاحب إحدى الشركات الكبرى للاستثمارات العقارية ومحاميه متلبسين بتقديم رشوة بمبلغ ٨٠٠ ألف جنيه لمقاول الهدم بحى المنتزه أول مقابل عدم تنفيذ قرار الإزالة للطوابق من الرابع علوى حتى العشرين لأحد العقارات المقامة بدون ترخيص والذى تسلمه مقاول الهدم من الحى لتنفيذ قرار الإزالة الصادر من المحافظة.
كما ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على نائب رئيس شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء وآخرين، بعد حصولهم على حوالى مليون ونصف المليون جنيه على سبيل الرشوة، من بعض أصحاب المحال التجارية بمنطقة الموسكى مقابل توصيل التيار الكهربائى لمحالهم بالمخالفة للقانون.