يعتبر البعض أن ظهور السيارات الكهربائية والضغوط المتزايدة لإزالة الكربون من قطاع النقل يعنيان أن الطلب على النفط يواجه منافسة كبيرة لأول مرة، وربما يقود ذلك إلى توقف نمو الطلب على النفط بشكل كامل، لكن في الوقت نفسه يشهد جانب العرض في سوق النفط الية حركة متميزة، حيث إن تطور تقنيات التنقيب والإنتاج، والتكامل السريع للثورة الرقمية ضمن الصناعة البترولية ربما يؤديان إلى اكتشاف المزيد من الاحتياطات على مدى السنين القادمة.
وذكرت دراسة تأثير تراجع أسعار النفط بسبب كوفيد 19على مجال الاستكشاف والإنتاج في الصناعة البترولية، أنه يمكن لتقنية الحقول الذكية أن ترفع من قيمة الحقول الناضجة حتى لو شارفت حياتها الإنتاجية على الانتهاء، والفوائد التي يمكن الحصول عليها "خاصة رفع معامل الاستخلاص "تبرر الاستثمار في تقنيات الحقول الرقمية.
وأضافت الدراسة الصادرة عن منظمة الدول العربية المصدرة للنفط ، أنه فيما يتعلق بالحقول الجديدة، فإن تطبيق تقنيات الحقول الرقمية يساعد على وضع الحقول على الإنتاج بشكل مبكر، ويساهم في رفع معدل الإنتاج منها .
وتشير الدراسات إلى أنه يمكن تحقيق وفورات للشركات تصل إلى 25 % في تكاليف التشغيل، كما يمكن الوصول إلى معدلات إنتاج أعلى بنسبة 8 %، وتقليل التكاليف الإجمالية للمشاريع بنسبة 2- 4 %، وتحسين معدل استغلال الموارد بنسبة 6 % يلاحظ أن العديد من الهيئات والمعاهد العالمية تسعى دوما لوضع تصورات مستقبلية عن ذروة الإنتاج، وذروة الطلب، وذلك ضمن مساحات زمنية قصيرة أو طويلة المدى لكن هذه التصورات المستقبلية ليست ثابتة بأي حال من الأحوال بسبب عدم ثبات البيانات التي ترتكز عليها، وبسبب عدم اليقين المتعلق بكل نقطة تقريبا من نقاط المنظور المستقبلي لذلك غالبا ما تعمل هذه المعاهد على تعديل توقعاتها إيجابا وسلبة بشكل سنوي، بل وبشكل شهري أحيانا، ومنها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي كثيرا ما تتلقى انتقادات لاذعة بسبب تعديلاتها الكبيرة على توقعاتها من حين لآخر .
وتابعت الدراسة أنه من ناحية أخرى تصور بعض الجهات الوضع وكأن الوصول إلى ذروة الطلب أو الإنتاج تعني أن العالم سوف يستيقظ في اليوم التالي ليجد أن النفط اختفى من فوق سطح الأرض، لكن الوصول إلى ذروة الطلب يعني عملية توقف النمو وليس توقف الطلب ، كما أن الوصول إلى ذروة الإنتاج يعني أن الإنتاج سوف يتراجع بالتدريج وخلال فترة طويلة، ومثال في هذه الدراسة عن الدنمارك التي وصلت إلى ذروة الإنتاج في عام 2004.
ومن المتوقع حسب بياناتها وخططها أن يتوقف الإنتاج فيها في عام 2050 ، أي بعد 46 سنة من الوصول إلى ذروة الإنتاج ، مع ملاحظة أن الدانمارك قررت التوقف عن إصدار امتیازات جديدة للتنقيب عن الهيدروكربونات، وربما لو تابعت في هذا المضمار لأمكنها العثور على المزيد من الاحتياطيات، أو ربما كان لعمليات الاستثمار المحسن للنفط أن ترفع من معامل الاستخلاص في حقولها لتضيف بذلك المزيد من السنوات إلى عمر الإنتاج .
علاوة على ذلك، فإن التوقف عن الإنتاج في عام 2050 في الدنمارك لا يعني بحال من الأحوال أن ستتوقف عن استخدام النفط أو الغاز أو مشتقاتهما بالأحرى، وإلا فسوف يتعين عليها إيقاف كل أسطولها الجوي والبحري، وإيقاف الصناعة البتروكيميائية فيها، لقد أدت التأثيرات غير المسبوقة لانتشار وباء كوفيد -19 إلى تنامي عدم اليقين في قيم المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار عند إعداد منظور مستقبلي للطلب على الطاقة، وهذا ما يجعل التوقعات تختلف من جهة الأخرى، خاصة وأن استهلاك الطاقة في العالم ليس موزعة بشكل متجانس، فهناك 5 دول تستهلك لوحدها أكثر من نصف طاقة العالم نحو 55 %، هي : الصين 24.3 %، والولايات المتحدة 16.2%، والهند 5.8 %، وروسيا 5.1%، واليابان 3.2 %.
وأوضحت الدراسة، أن 47 دولة في العالم استهلكت كل منها أقل من 0.5 % من إجمالي الطاقة التي استهلكها العالم عام 2019، وهناك 15 دولة تراوح استهلاكها بين 0.5 % - 0.1 % .
وأشارت الدراسة إلى أن وكالة الطاقة الدولية تري في منظورها المستقبلي وفي ظل ما أسمته سيناريو السياسات المعلنة، أن الاقتصاد العالمي سيعود إلى مستوى ما قبل كوفيد -19 خلال عام 2021 ، لكنه سيبقى أقل بنحو 7 % على المدى الطويل مما كان متوقعا سابقا وتوقعت أن يعود إجمالي الطلب على الطاقة إلى مستوى ما قبل الوباء بحلول بدايات عام 2023، على الرغم من اختلاف التوجهات وتوقيتات تلك العودة بين البلدان وترى أن استخدام الطاقة في الاقتصادات المتقدمة بدأ يزداد بشكل طفيف بعد الأزمة، لكنه لم يعد إلى مستويات ما قبل الجائحة، في حين انتعشت أجزاء من آسيا وخاصة تلك التي حققت نجاحا مبكرة في السيطرة على الوباء ومن المتوقع بحسب الوكالة أن تستمر الآثار السلبية على النمو واستهلاك الطاقة لفترة أطول في عدد من البلدان ذات الدخل المنخفض ، حيث تكون الحكومات أقل قدرة على التخفيف من النتائج الناجمة عن الوباء.