يحظى اسم مدينة جنيف بشهرة واسعة فى عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية، فتلك المدينة الواقعة فى جنوب غرب سويسرا ليست حتى عاصمة البلاد، لكن أهميتها فى الصعيد الدولى تتجاوز العديد من العواصم، فاستضافت كثير من الاجتماعات والقمم، وبها مقر عدد من المنظمات الدولية أيضا.
لذلك، عندما يلتقى الرئيسان الأمريكى جو بايدن، والروسى فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، فى فيلا لاجرانج ذات الطبيعة الساحرة بالمدينة، فلن تكون هذه المرة الأولى التى تجذب بها جنيف الاهتمام الدولى، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الروسية.
وتقول وكالة أوسوشيتدبرس، إن جنيف التى تعرف بأنها مفترق طرق الحرب الباردة ومركز التقدير والحياد والإنسانية السويسرية، ستكون مجددا مركز الأضواء عندما يلتقى بوتين وبايدن. وهذه هى المرة الثالثة التى تستضيف فيها جينف لقاء للزعماء الأمريكيين والروس. كانت المرة الأولى فى مؤتمر متعدد الجنسيات عام 1955 حضره الرئيس الأمريكى دوايت أيزنهاور والزعيم السوفيتى نيكتيا خروتشوف، والثانى بعد ثلاثين عاما فى لقاء تاريخى جمع الرئيس الأمريكى رونالد ريجان وآخر زعماء الاتحاد السوفيتى ميخائيل جورباتشوف، فى لقاء ذوبان الجليد الذى يقال إنه مهد الطريق لنهاية الاتحاد السوفيتى.
وفى السابقتين التاريختين، ذهبا الطرفان فى اتجاه تخفيف التوتر، لذلك فإن هناك آمال بأن تتحسن حالة البرودة الحالية فى العلاقات الأمريكية الروسية، قدر الإمكان، فيما يتعلق بقضايا مثل أوكرانيا وحقوق الإنسان والهجمات الإلكترونية.
وتقول أسوشيتدبرس، إن الخبير فى الشأن السوفيتى والروسى روبرت ليجفولد، الأستاذ فى جامعة كولومبيا، ويتتبع جنيف كمكان استضافة المحادثات الأمريكية السوفيتى، يقول إنه لو كانت هناك مدينة تنجز فيها الأمور، فإنها جنيف، مشيرا إلى الإنجاز الذى حدث فى اللقاءين السابقين.
فقد استغل أيزنهاور مؤتمر عام 1955 لإطلاق ما أصبح يعرف باتفاق السموات المفتوحة، وأدى هذا فى النهاية إلى اتفاقية عام 1992 التى سمحت للدولتين بالمراقبة والتحليق فوق أراضى الدول الشريكة لهم. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية فى ظل إدارة ترامب، وأعلنت إدارة بايدن الشهر الماضى أنها لن تعاود الانضمام إليها مرة أخرى مع انتهاك روسيا لها مرارا.
وتتابع الوكالة قائلة، إن جنيف اليوم ليس وكرا للتجسس فى الحرب الباردة، وفى نواح عديدة، قضت سويسرا على سمتعها كمركز قوى وغنى لجمع الأموال والضرائب.
ومع ذلك، فقد بنت المدينة بدقة سمعة طيبة فى الدبلوماسية والإنسانية والتعددية. فتأسس الصليب الأحمر بها عام 1863 لمساعدة ضحايا النزاعات. وكانت مثرا لعصبة الأمم، قبل إنشاء الأمم المتحدة، كما أن اتفاقية جنيف تحدد قواعد السلوك الإنسانى فى الحرب.
وفى السنوات الأحدث، أصبحت جنيف المقر الأوروبى للأمم المتحدة ومكاتبها الحقوقية، ولعديد من الدول الأعضاء بالأم المتحدة والوكالة الدولية وجماعات الإغاثة والمنظمات الإنسانية.
ولأن الحدث على قدر كبير من الأهمية، فإن المكان الذى سيستضيف القمة له مكانته أيضا، حيث أعلنت الخارجية السويسرية أن قصرا من القرن الثامن عشر يقع وسع حديقة عامة تطل على مناظر طبيعية خلابة ستستضيف لقاء بايدن وبوتين.
وتم إغلاق بارك دى لاجرانج فى جنيف، الذى يضم فيلا لاجرانج كأساس له، أمام الجمهور لمدة 10 أيام بدءا من يوم الثلاثاء الماضى من قبل السلطات السويسرية.
الفيلا والمنطقة المحيطة بها محاطة بأشجار عالية، منها أشجار الأرز التى يزيد عمرها عن 200 عام، مما يوفر مكانا سريا وخصبا نسبيا لاجتماع الزعيمين اليوم الأربعاء، فى نهاية أول رحلة دبلوماسية خارجية لبايدن منذ توليه الرئاسة فى يناير الماضى.
ووضعت فرق الأمن لافتات حول الإغلاق، وأعادت توجيه حركة المرور ومواقف السيارات القريبة وأقاما سياججا مزدوجا حول المتنزه.
وكان مكان اجتماع القمة المرتقبة قد أشرف عليه هنرى دونان، أحد مؤسسى الصليب الأحمر فى عام 1864، وأقام فيه بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثانى قداسا فى حديقته عام 1969 حضره نحو 70 ألف شخص، وفقا لموقع المدينة الإلكترونى.