أعلنت وسائل إعلام إيرانية، صباح اليوم السبت، فوز المرشح المحافظ، إبراهيم رئيسي، بالانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد فرز معظم صناديق الأصوات.
وذكرت وكالة إرنا، نقلا عن وزارة الداخلية الإيرانية، النتائج الأولية للإنتخابات الرئاسية بعد فرز 90% من الأصوات، مشيرة إلى أن "عدد كل الأصوات بلغ 28 مليونا و600 ألف صوت، وحصل رئيسي على 17 مليونا و800 ألف صوت".
وأعلن رئيس لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية، جمال عرف، في مؤتمره الصحفي، أن "المرشح رئيسي يتصدر النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية بفارق كبير عن باقي منافسيه".
وقال عرف: "المرشح رئيسي حصل لغاية الآن على أكثر من 17 مليونا و800 ألف صوت، فيما حصل المرشح محسن رضائي حصل على نحو3 ملايين و300 ألف صوت لغاية الآن، فيما حصل المرشح عبد الناصر همتي على مليونين و400 ألف صوت لغاية الآن، أما المرشح قاضي زاده هاشمي فقد حصل على نحو مليون صوت حتى الآن".
وأدلى ملايين الإيرانيين بأصواتهم، أمس الجمعة، في انتخابات وصفها مراقبون بأنها تفتقر إلى التنافسية بسبب اقصاء صيانة الدستور عددا كبير من التيار لاصلاحي، وبالتالى كانت تشير التوقعات إلى أنه سيخلف روحانى.
ونقلت وسائل إعلام عن همتي، المرشح المعتدل ومحافظ البنك المركزي السابق، قوله في رسالة "آمل من حكومة جنابكم الكريم ومن خلال التدابير والإجراءات على الساحة الداخلية والخارجية أن تحقق السمو والرفعة للشعب الإيراني حياة أفضل مفعمة بالاستقرار والرخاء".
وهنأ الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني في كلمة بثها التلفزيون "الرئيس الذي انتخبه الشعب" دون أن يذكر رئيسي بالاسم.
وقال روحاني: "نظرا لأنه لم تعلن بعد النتيجة الرسمية فإنني سأرجئ التهنئة الرسمية. لكن من الواضح من الذي حصل على الأصوات".
وذكر التلفزيون الرسمي أن وزارة الداخلية ستعلن النتائج النهائية في وقت لاحق لأن فرز الأصوات مستمر، وهنأ مرشحون آخرون رئيسي.
من هو إبراهيم رئيسي؟
ورئيسي هو قاض من غلاة المحافظين (متشدد) اتهمته الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الانسان، وفرضت عليه عقوبات في 2019، وأحد المتشددين الذى لايؤمنون بفكرة التفاوض مع الغرب.
وخسر إبراهيم رئيسي الانتخابات الرئاسية في 2017 أمام حسن روحاني. وحصل على 38% من الأصوات، وبالرغم من ارتدائه عمامة سوداء، إلا أنه لا ينتمي إلى صف "آية الله" بل إلى "حجة الإسلام" وهي درجة دينية سفلى في هرم الإسلام الشيعي.
ورئيسى هو رجل دين يبلغ من العمر60 عاما، ويعد بين المقربين من المرشد الأعلى علي خامنئي، باعتباره كان أحد طلابه في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد حيث ينحدر، يحظى بثقته، وينحدر مثله من مدينة مشهد الدينية التي تقع شمال شرق إيران.
وعينه المرشد مرات عديدة على رأس مناصب حساسة، أهمها رئيس السلطة القضائية، وازدادت حظوظه بالفوز بعدما رفض مجلس صيانة الدستور ملفات ترشح عدد من الشخصيات السياسية الإيرانية. فيما وصفته الصحافة الإصلاحية الإيرانية بـ"المرشح الذى لا يملك أى منازع".
تم تعيينه من قبل خامنئى فى 2016 على رأس المؤسسة الخيرية "أستان قدس رضوي" التى تتكلف بتسيير شؤون ضريح الإمام رضا (ثامن خليفة الرسول محمد حسب المذهب الشيعي) الذى يقع فى نفس المدينة، ويعتبر الضريح من بين أبرز مواقع الحج بالنسبة للمسلمين الشيعة ويجتذب الكثير من الأموال لهذه المؤسسة الخيرية التى تقوم بعد ذلك باستثمارها. كما تمتلك المؤسسة عقارات عديدة وأراضى زراعية وشركات فى مجالات مختلفة، كالبناء والسياحة وصناعة المواد الاستهلاكية. بعبارة أخرى توصف هذه المؤسسة بالدولة داخل الدولة الإيرانية.
كما ترأس إبراهيم رئيسى مؤسسة "أستان قدس رضوي" لمدة 3 سنوات. الأمر الذى منحه قوة سياسية كبيرة ونفوذ فى شتى المجالات، لأن من يترأس مثل هذه الجمعية الخيرية الغنية يعنى أنه يقوم بتسيير "إمبراطورية" اقتصادية. لكن بعد ثلاث سنوات من العمل، عينه القائد الأعلى للثورة الإسلامية رئيسا للسلطة القضائية الإيرانية فى مارس 2019 وهو منصب حساس وكلفه بـ"مكافحة الفساد".
وغداة تعيينه في هذا المنصب، شرع إبراهيم رئيسي في محاكمة مسؤولين إيرانيين كبار وقضاة بتهمة الفساد، فيما استغل المحاكمات القضائية لإبعاد بعض المرشحين الذين كانوا من الممكن أن ينافسونه بقوة في الانتخابات الرئاسية، على غرار المسؤول السابق على السلطة القضائية صادق لاريجاني، وهو أخ علي لاريجاني الذي رفض مجلس قيادة الثورة الإيرانية ملف ترشحه لاحتمال تورط أحد أقاربه في قضية فساد.
هذا، وجعل إبراهيم رئيسي محاربة الفساد قضيته الأساسية وأحد شعارات حملته الانتخابية. أكثر من ذلك، فلقد قدم نفسه على أنه "عدو الفساد والأرستقراطية وعدم الكفاءة". كما وعد في حال انتخب رئيسا لإيران بمكافحة "الفقر".
هذا، ولا يحظى إبراهيم رئيسى بسمعة طيبة من قبل الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، خاصة تلك التى تمثل الجالية الإيرانية فى الخارج، بل اسمه يذكر بـ"الساعات المظلمة" التى مرت بها إيران عندما كان مسؤول السلطة القضائية للبلاد.
كما احتل منصب مساعد وكيل الجمهورية للمحكمة الثورية الإيرانية فى طهران خلال الثمانينيات إذ شارك فى العديد من المحاكمات.
يرى بعض الإيرانيين فى إبراهيم رئيسى أيضا الخليفة المحتمل للمرشد، الذى يعانى من المرض منذ عدة سنين، واحتلاله حاليا منصب نائب رئيس "مجلس الخبراء" الإيرانى، الذى يملك الصلاحية الكاملة فى تعيين خلف للمرشد الأعلى فى حال توفى هذا الأخير، يمنحه حظوظ أكبر للوصول إلى ذلك.
وفوز رئيسى يعزز حظوظه لتولى منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية فى حال وفاة على خامنئى.