على الرغم من القدسية الكبيرة التي تحظى بها أماكن العبادة، إلا أنها قد تشهد في بعض الأحيان خروجا عن النص، إلى الحد الذى يصل إلى درجة الجرائم، وهو الأمر الذى شهده دير باتريكى، بالعاصمة اليونانية أثينا، إثر قيام قس بإلقاء مواد حارقة على عدد من الأساقفة، في أعقاب محاكمة كنسية أقيمت له، كان من شأنها تجريده من درجته الكهنوتية، ما أثار حالة كبيرة من الجدل التى لم تقتصر على النطاق الدينى، وإنما امتدت كذلك إلى الشارع السياسى في اليونان، وهو ما بدا في حرص قطاع من الساسة التعليق على الحادث.
القصة تعود إلى حوالى 3 أعوام كاملة، إثر قيام قوات الأمن في اليونان بتوقيف قس، بتهمة الإتجار في المخدرات، حيث قاموا بتفتيشه، ليجدوا بحوزته 1.8 جرام من الكوكايين، كان يخبئها فى طيات ملابسه، فقامت السلطات بإجراء تحقيقات معه، إلا أنه أنكر تماما تهمة الإنكار، مؤكدا أنه يقوم بالتعاطى، وأن المادة المخدرة التي كانت معه فهى للاستخدام الشخصى.
وعلى الرغم من مرور القضية جنائيا، إلا أن الأمر لم يمر "كنسيا"، خاصة وأن مثل هذا السلوك لا يليق برجل دين مسيحى، ما دفع السلطات الكنسية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمة القس "المدمن"، وتشكيل لجنة تحقيق مكونة من عدد من الأساقفة، بينما كانت تهمة الإتجار أحد أهم الاتهامات المتواجدة على اللائحة التي نظرت فيها لجنة التحقيق الكنسية، وذلك بالرغم من إنكاره لها أمام الشرطة.
وبالفعل، تمت المحاكمة مؤخرا، بدير "باتريكى"، في العاصمة أثينا، حيث فشل القس المتهم في الدفاع عن نفسه، أمام الاتهامات التي تلاحقه، مما وضعه على حافة "التجريد" من رتبته الكهنوتية، إلا أنه استبق القرار الكنسى، عبر تشويه أعضاء اللجنه باستخدام مادة حارقة، وهو ما أدى إلى إصابة 7 أساقفه، بحروق.
ولم يكتف القس "المدمن" بتشويه الأساقفة، بل إنه ألقى بمادة حارقة على وجه رجل أمن تدخل لاحتواء الموقف، مما أدى إلى إصابته هو الأخر.
ونقل المصابين إلى أحد المستشفيات بالعاصمة اليونانية أثينا لتلقى العلاج، إلا أن ثلاثة أساقفة منهم مازالت حالتهم خطيرة، ولم يخرجوا من المستشفى لأن حالتهم مازالت تحتاج إلى المزيد من المتابعة الطبية.
من جانبها، علقت الشرطة اليونانية على الحادث بقولها، إن المتهم كانت بحوزته زجاجة ضخمة من مادة حارقة، مؤكدة أنه مازال لم يتم الكشف عن طبيعة تلك المادة حتى الآن.
وعلى الرغم من كون الحادث مجرد جريمة عارضة، إلا أنها أثارت الكثير من ردود الأفعال، والتي امتدت من النطاق الدينى والكنسى، إلى النطاق السياسى، حيث أعرب عددا كبير من الساسة ورجال الدين عن استيائهم الكبير جراء الحادث، والذى يعد بمثابة جرس إنذار مهم، ويطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت هناك حاجة للكشف عن رجال الدين قبل اختيارهم، أم أن الأمر عارض ولا يستحق المزيد من الاهتمام في المستقبل.
من جانبه، أعرب رئيس أساقفة الكنيسة اليونانية إيرونيموس، عن دعمه الكامل للأساقفة المصابين، وقام بزيارتهم في المستشفى، مؤكدا تسخير كافة الإمكانات لعلاجهم.
بينما علقت رئيسة اليونان كاترينا ساكيلاروبولو، عبر حسابها على موقع "تويتر"، بقولها إنها تواصلت مع البطريرك اليوناني إيرونيموس، حيث أبلغها بالحادث، معربة عن استيائها الشديد من الجريمة التي أرتكبت داخل أروقة الدير في أثينا، متمنية الشفاء العاجل لكافة المصابين.
وأعرب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، هو الأخر، خلال اتصال هاتفى جمعه برئيس الكنيسة اليونانية، عن استيائه من الحادث، مؤكدا أن الدولة سوف تتخذ كافة الإجراءات لتقديم المساعدة الطبية اللازمة للمصابين، وتمنى لهم سرعة الشفاء