تنضم قاعدة 3 يوليو البحرية بمنطقة جرجوب على الساحل الشمالى الغربى، إلى باقى القواعد على البحرين المتوسط والأحمر، وتمثل هذه القواعد أحدث التطورات العسكرية فى العالم، خاصة للدول ذات الموقع والتأثير الاستراتيجى، فى ظل تطورات وتحولات سياسية إقليمية ودولية متسارعة.
هذه القواعد الوطنية تمثل دعمًا واضحًا وحماية لمقدرات سياسية واقتصادية، فضلًا عن كونها تدعم التوازن الإقليمى فى موازين القوى، مع الأخذ فى الاعتبار أن فكرة الأمن القومى لا تتوقف على الحدود، بل تمتد بالخارج لتحمى الأمن القومى وتواجه وتردع التهديدات العسكرية، والإرهابية وكل مصادر التهديد للمصالح الحيوية الاقتصادية والسياسية وأيضًا حركة الملاحة والاستثمارات.
تنوعت مصالح وعلاقات مصر كثيرًا خلال السنوات الأخيرة، وهذا التنوع فى جزء منه يرتبط بمصالح مباشرة، وأيضًا بعلاقات ودور تلعبه الدولة المصرية بهدف تقليل الصراعات ودعم الحلول السياسية، وهى مساع لحماية السلام، من مركز القوة والقدرة لأنها تتعامل مع أطراف تظن أن لديها القدرة على التدخل، ويمثل فن إدارة هذه القوة الرشيدة، ردعًا لكل جهة أو طرف يسعى لتهديد الأمن القومى المصرى، أو الأمن الإقليمى ويخل بتوازن المصالح. وبالفعل خلال السنوات الماضية نجحت قوة الردع المصرية فى تحييد تهديدات من الغرب أو الشرق، ومن دون تدخل، فقط بالإشارة وتحديد الخطوط الحمراء، ومن يتابع شكل وحجم التحول فى المنطقة بين صيفين يمكنه قياس حجم التأثير للقوة المصرية فى استعادة التوازن الإقليمى غربًا وشرقًا.
وتمثل قاعدة «جرجوب» البحرية، التى افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى، عنصر قوة لتولى مسؤولية تأمين الجزء الغربى من الساحل الشمالى على البحر المتوسط، فضلًا عن البعد الاستراتيجى، حيث تلعب دورًا فى تأمين المنطقة الاقتصادية التى يتم إقامتها فى الغرب وتقع القاعدة على امتداد ساحل البحر الأبيض المتوسط على أكثر من 10 ملايين متر مربع فى موقع فريد يتوافق مع كود القواعد البحرية العالمية، يجعلها نقطة انطلاق لمواجهة أى مخاطر محتملة من اتجاه البحر الأبيض المتوسط.
تتضمن قاعدة 3 يوليو فى «جرجوب» 74 منشأة ومهبط طائرات ملحقا به قاعة لاستقبال كبار الزوار وعدد من ميادين التدريب ومركز للعمليات، وآخر للتدريبات المشتركة، ورصيف حربى، وعدد من الأرصفة التجارية، وبرج مراقبة وحاجزين للأمواج، وعدد من العمارات السكنية وميس للضباط وعدد 5 مبان للإعاشة وفندق بمساحة 6300 متر مربع وقاعة مؤتمرات، ومجمع للأنشطة الرياضية، ومسرح مكشوف، ومبنى خدمات ونقطة طبية، وبوابات بموانع قوية لحماية القاعدة، وأسوار مزودة بكاميرات مراقبة.
ويتمثل الهدف الاستراتيجى فى مواجهة التهديدات على الاتجاه الاستراتيجى الغربى وتأمين الحدود الاستراتيجية الغربية للدولة، وحماية مقدراتها المتمثلة فى تأمين خطوط المواصلات البحرية وحركة النقل البحرى الصديق القادم من وإلى الغرب.
وهذه القاعدة مع باقى شبكات القواعد المصرية، تمثل دروعا تحمى السلام وتدعم الاستقرار، وتحقق الردع، وفى العام الماضى تم افتتاح قاعدة «برنيس» أكبر قاعدة عسكرية فى البحر الأحمر وتقع القاعدة على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية، شرق مدينة أسوان، وتضم قاعدة بحرية وقاعدة جوية ومستشفى عسكريًا وتضم أفرع أسلحة للبر والبحر والجو، ورصيفًا تجاريًا ومحطة استقبال ركاب وأرصفة متعددة الأغراض وأرصفة لتخزين البضائع العامة وأرصفة وساحات تخزين الحاويات، بالإضافة إلى مطار «برنيس» الدولى ومحطة لتحلية مياه البحر، وتؤمن السواحل الجنوبية، وتحمى الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية، وتواجه التحديات الأمنية فى نطاق البحر الأحمر، فضلًا عن تأمين حركة الملاحة العالمية عبر محور الحركة من البحر الأحمر وحتى قناة السويس والمناطق الاقتصادية المرتبطة بها.
ولم تكن قاعدة «برنيس» هى الأولى من نوعها، فقد دشنت القوات المسلحة المصرية قاعدة «محمد نجيب» العسكرية عام 2017، وتم تعزيز قدرتها على تأمين المناطق الحيوية، بنطاق مسؤوليتها غرب مدينة الإسكندرية ومنطقة الساحل الشمالى، والتى من بينها محطة الضبعة الكهرونووية، وحقول البترول وميناء مرسى الحمراء ومدينة العلمين الجديدة. وتنتشر القواعد البحرية المصرية من رأس التين وأبوقير بالإسكندرية إلى بورسعيد ثم السويس وسفاجا، وقاعدة لنشات فى مطروح بجانب الأرصفة الحربية فى موانئ دمياط والغردقة وشرم الشيخ. أما قاعدة «شرق بورسعيد» على المدخل الشمالى لقناة السويس على البحر المتوسط، توفر الحماية والتأمين للمنطقة الاقتصادية وميناء ومدينة شرق بورسعيد، إلى جانب تأمين الملاحة فى الجزء الشمالى من القناة، والسواحل الشمالية لسيناء حتى ميناء العريش.
كل هذه المنظومة التى تنضم إليها قاعدة 3 يوليو فى جرجوب، تمثل إضافة لخطوط الردع والحماية الاستراتيجية، لصيانة السلام، وضمان توازن القوى الإقليمى.