لا مجال للتهاون فى قضية نهر النيل، و حق مصر التاريخى وشعبها فى المياه قضية وجود لاتحتمل الحلول الوسط، ومصر تحرص على التزام الصبر وتتمسك بالقانون الدولى لآخر مدى، من دون أن يعنى هذا عدم امتلاك القدرة على حسم هذا الملف. ويعرف العالم الآن أن رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد يحاول الهروب من مشكلاته الداخلية والصراعات والتحركات العرقية والانفصالية، حتى لو كان هذا على حساب السلم والأمن الإقليمى والأفريقى. ويحاول الهروب من أزماته ومشكلاته الداخلية وإشعال أزمة، يغطى بها على ما تواجهه إثيوبيا من أزمات متتالية على كل الأصعدة.
وبسبب سياسات رئيس الوزراء الإثيوبى خسرت البلاد 2.3 مليار دولار منذ اندلاع الصراع فى تيجراى فى نوفمبر 2020، وهى خسائر اقتصادية بعيدا عن الإنفاق العسكرى والقتلى والجرحى والمعاقين واللاجئين، وتلقى الأزمة بظلالها على كل الأنشطة السياسية، ومنها إعلان أديس أبابا عن خطط لإغلاق عشرات السفارات فى الخارج لتخفيض النفقات.وحسب موقع "الشرق الأفريقى" الكينى، أعلن أبى أحمد للمشرعين فى البرلمان الإثيوبى إغلاق 60 سفارة لإثيوبيا بالخارج من أجل إدارة التكاليف، على ان يعمل أغلب الدبلوماسيين كسفراء غير مقيمين.
إثيوبيا تواجه حربا داخلية وحسب وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية والسلام، هناك خطرا من تدهور الوضع الأمني في تيجراى، ودعت الى وقف إطلاق النار وذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، فى الثانى من يوليو الجارى بشأن التطورات في إقليم تيجراي الإثيوبي ، ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية، عن مكتب تقصي الحقائق لحالة الطوارئ الإثيوبي، إن "الجبهة الشعبية لتحرير تجيراي دمرت سد تكازي"، واضطرت الحكومة الإثيوبية لإعلان وقف إطلاق النار في الإقليم، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من خمسة ملايين شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدات في منطقة تجيراي، و نحو 350 ألف شخص على الأقل على حافة المجاعة.
رئيس الوزراء الإثيوبى يحاول الهروب من كل هذه الأوضاع والصراعات العرقية والأزمات إلى افتعال أزمة إقليمية ، وهو استمرار لسياسة مراوغة وخطاب مزدوج، وإطلاق تصريحات والتراجع عنها، وترى مصر أن المجتمع الدولى مطالب، قبل أن تنفجر الأوضاع، بوقف إثيوبيا عن التصرف الأحادى الذى يهدد السلم الدولى، خاصة وأن التصرفات الإثيوبية بشأن سد النهضة تكشف عن سوء نية ، تغيب عنها تقدير خطورة الموقف،مع تكرار وضوح الموقف من عدم احترام القانون الدولي . ويمثل إعلان اثيوبيا لمصر والسودان بالملء الثانى استباقا لجلسة مجلس الأمن التى تعقد غدا ، حيث تسعى مصر والسودان الى كشف الموقف الإثيوبي وتحميل مجلس الأمن والمجتمع الدولى المسئولية تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين.
وتصر الدولة المصرية على حسم الموقف من سد النهضة ، والذى يتعلق بقضية وجودية لا يمكن التفريط فيها أو التهاون بشأنها، مع الالتزام بالصبر، وضبط النفس، من واقع الحرص على العلاقات التى تربط بين دول حوض النيل، وتفضيل التعاون والعمل الجماعى على الصدام والتصرفات الفردية التى لن تقود فى النهاية إلى تحقيق مصالح الأطراف المختلفة، والتى يمكن أن تتسبب فى تهديد الأمن والسلم الأفريقى والإقليمى والدولى.
وتستند مصر فى كل مطالبها، على القانون الدولى والقوانين المنظمة للأنهار العابرة للحدود، وحقها التاريخى الممتد عبر آلاف السنين، مع التأكيد أن قضية المياه مصيرية ووجودية، ولا يمكن التهاون فيها أو تجاهل خطرها وتأثيراتها على حياة المصريين، ولهذا فإن الشعب المصرى يقف خلف الدولة ومؤسساتها والرئيس عبدالفتاح السيسى، فى هذه القضية الوجودية، ولا ينطلق الموقف المصرى المتمسك بالصبر من ضعف، أو تراجع، بقدر ما يقوم على التمسك بخيوط العلاقات التى تربط شعوب حوض النيل، لكن مصر تمتلك القدرة والآليات التى تمكنها من الدفاع عن حقوقها كاملة بلا انتقاص، وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى، مرات، أن مصر لن تقبل انتقاص نقطة مياه واحدة من حق المصريين.
مصر تطالب المجتمع الدولى بفرض احترام القانون الدولى، مع التأكيد بامتلاك كل الخيارات والقدرات الكفيلة بحفظ حق مصر وشعبها. وفى حال استمرار العناد تتيح"المادة 51" من ميثاق الأمم المتحدة للدول أن تدافع عن مصالحها وأمنها القومي بالشكل الذي تراه مناسبا.